طوابير طويلة ممتدة لأمتار أمام مراكز الاقتراع مع الساعات الأولى من صباح أمس، تحديدا منذ السابعة صباحا ولمدة امتدت إلى 12 ساعة. الواقفون متحمسون وعلى وجوههم تعبيرات تنبئ بالعزم والإصرار على المشاركة، معظمهم يشارك للمرة الأولى، كما يقولون، فلا دلائل داخل اللجان على عمليات تزوير أو تجاوزات هذه المرة بعد فرار الديكتاتور وهدم نظامه، هكذا رصدت الكاميرا يوم التصويت داخل تونس فى أول محطة يصل إليها قطار الديمقراطية بدول الربيع العربى. تقترب الكاميرا أكثر من أحد الطوابير الذى بلغ طوله كيلومترا كاملا لتلتقط وجها شهيرا، هذا رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشى، ينتظر دوره ليغمس أصابعه فى الحبر المميز لمن أدوا واجبهم الانتخابى، الغنوشى ذو ال70 عاما يقول «رغم سنى، فهذه أول مرة أشارك فى الانتخابات، والشعب التونسى الذى صنع الثورة حريص على بناء الديمقراطية». حزب حركة النهضة الإسلامية المعتدل، والحزب الديمقراطى التقدمى العلمانى، والتكتل من أجل العمل والحريات، هى أبرز الأحزاب التى ينتظر أن تسيطر على تشكيلة المجلس المنتخب. رئيس حزب النهضة الذى كان محظورا فى عهد بن على تبشره الاستطلاعات بحصد 20 أو 30% من أصوات الناخبين، يضيف عن انتخابات المجلس التأسيسى للدستور أنها ليست آخر المطاف «حتى من لم ينجح الآن فهناك فرصة أخرى للنجاح (يقصد الانتخابات التشريعية والرئاسية)، والنجاح هذه المرة لمدة سنة واحدة». الغنوشى وزوجته وابنته أدلوا بأصواتهم فى المنزه بالعاصمة تونس، وعندما خرجوا من مركز الاقتراع صاح بعض المصطفين بالطابور فى وجهه «ارحل.. ارحل»، ووصفوه بالإرهابى.. الغنوشى لم يرد على منتقديه، فقد كرر مرارا أن حزبه معتدل، لكن علمانيين يكذبون ادعاءاته. أما الرئيس التونسى المؤقت فؤاد المبزع، فينتظر الرحيل من مكانه فى وقت وشيك بعد انتهاء تلك الانتخابات. المبزع أعلن فى مقابلة له مع صحيفة «الصباح» التونسية، أمس، أنه سيعترف بنتائج الانتخابات مهما كان الفائز ومهما كان اللون السياسى للأغلبية القادمة، كما تعهد «بالانسحاب نهائيا من الحياة السياسية»، على حد قوله، وتسليم الرئاسة إلى من يختاره المجلس الوطنى التأسيسى المنتخب رئيسا جديدا للجمهورية فور مباشرة المجلس مهامه وإكمال الجوانب الإجرائية.