يتوجه الشخص الكبير للطفل الصغير بسؤاله التقليدى: نفسك تبقى إيه يا حبيبى لما تكبر؟ وغالبا الإجابة المتوقعة هى أن الطفل سيختار بين مهنتى الضابط والدكتور، وهذا غالبا إعجاب من الطفل باليونيفورم والمسدس الذى يحمله الضابط، وبالطو وسماعة الدكتور، ومثل هذا السؤال التقليدى نقابله فى عديد من الأفلام والمسلسلات، وأيضا الإعلانات، وغالبا يقصد الطفل بالضابط مهنة ضابط الشرطة، ولا ضابط القوات المسلحة، لأنه الضابط الذى يراه عادة فى الشارع، وحينما يرتدى الطفل زيّا يتم تفصيله على مقاسه، فهو يختار الزى الأبيض لضابط الشرطة، ولكن بعد 25 يناير، وفى إعلان مصر الخير، نرى أحد الأطفال يختار زى ضابط الجيش، وتحديدا الزى المموه الذى يرتديه جنود وضباط الجيش، المنتشرون حاليا فى الشوارع المصرية منذ يناير الماضى، ويقول طفل الإعلان الذى يضع بندقية على كتفه «نفسى أبقى ضابط لما أكبر عشان أحمى بلدى»، وفى نفس الإعلان نرى المهن الأخرى كالطبيب، والعالم، والمحامى، واختفى ضابط الشرطة ببدلته البيضاء من أحلام الأطفال فى الإعلان، وتبدو صورة ضابط الجيش بالزى المموه، والبندقية، تأثرا بوجود الجيش فى الشارع، وربما نوع من الامتنان، والمجاملة، من المُعلن للمجلس العسكرى، الحاكم الفعلى الحالى للبلاد، أما حلم الطفل أن يكون ضابط شرطة، فيبدو أنه حلم مؤجل فى ظل الوجود الثانوى للشرطة فى الشارع. نوع آخر من الإعلانات يظهر فيه الفنان خالد صالح ملتحيا، يقدم دعاية لبنك القاهرة، وعلى الرغم من أن اللحية ليس لها دور فى الإعلان، والبنك ليس من البنوك الإسلامية، فإنها لا بد تحمل دلالة ما، أقلها أنه لا بأس الآن من ظهور شخص لحيته كلحية رجال الجماعات الدينية، وخالد صالح يظهر بشخصيته الحقيقية كممثل، ولحيته هى نفسها التى يظهر بها فى مسلسل «الريان»، وظهوره بهذه اللحية التى تبدو طبيعية، وليست مستعارة، لأنها راكور، ولا يستطيع حلقها قبل الانتهاء من تصوير المسلسل، لكن مثل هذا الظهور لفنان بهذه اللحية الكثيفة، لم يكن أمرا يمكن تمريره بهذه البساطة قبل الثورة، حتى لو كان أمرا غير مقصود، ومجرد راكور تصوير.