الحمد لله الذى لا راد لقضائه.. نحمده ونستعينه ونستعيذ به من سيئات أعمالنا ومن شرور أنفسنا ومن غباوة عقولنا.. أما بعد.. يخطئ من يظن أن ما فعله السلفيون والإخوان من تحويل جمعة «لم الشمل» إلى جمعة «تورا بورا» كان شيئا سيئا ينبغى أن نلومهم ونعاتبهم عليه.. بالعكس.. فعندما يصارحك أحدهم بحقيقته كاشفا أمامك عن وجهه الحقيقى ينبغى عليك أن تشكره وتثنى عليه لا أن تلومه وتعاتبه.. وفى هذا الصدد ينبغى علينا أن نلتمس العذر لجميع المنزعجين الذين أصابتهم وقائع جمعة «تورا بورا» بالإحباط والقلق.. حيث غابت عنهم بعض الحقائق المهمة والتفاصيل التى أوردها فى السطور القليلة التالية: أولا: سمحت تلك الجمعة لمن لم يشاهدوا أفغانستان وطالبان سوى فى التليفزيون فقط بالتعرف عن طريق هذا العرض الحى على أهم ملامح الحياة فى أفغانستان.. ليصبح ذهابك إلى ميدان التحرير يوم الجمعة الماضى مثل ذهابك فى رحلة سياحية إلى صحارى قندهار أو أحراش تورا بورا.. يعنى رحلة سياحية إلى منطقة خطرة.. بس ببلاش.. وهو ما يعد شيئا زى الفل! ثانيا: أعادت حكاية الأتوبيسات التى قامت بشحنهم ونقلهم بشكل جماعى -من قراهم ومحافظاتهم المختلفة إلى ميدان تورا بورا- إلى الأذهان ما كان يفعله بتوع الحزب الوطنى مع رجالهم أيام الانتخابات من عمليات شحن جماعى للحصول على أكبر عدد من الأصوات.. وهو ما جعل البنى آدم منا يتذكر تلك الأيام السيئة.. ثم ينبسط بعدها ويشعر بالفخر لانتمائه إلى ذلك الشعب البطل الذى أزاح هؤلاء الأنطاع بتوع الحزب الوطنى والقادر على إزاحة أى أنطاع آخرين قد يأتون بعدهم. ثالثا: تأكدنا من حقيقة مهمة مفادها.. ما حدش يصدق الإخوان والسلفيين.. هم أنفسهم الذين أخبرونا بهذا بعد أن نقضوا عهدهم واتفاقهم الذى عقدوه ومضوا عليه مع باقى القوى الوطنية عشية يوم الجمعة وتم فيه الاتفاق على عدم استخدام شعارات دينية وعلى تأكيد مطالب الثورة.. وفى هذا الصدد ينبغى أن لا نفترض سوء النية.. حيث لم يخبرهم أحد أنهى ثورة بالظبط التى ينبغى أن نؤكد مطالبها.. فحدث سوء التفاهم الذى حدث.. وبدلا من تأكيد مطالب الثورة المصرية قاموا بتأكيد مطالب الثورة الإيرانية.. عادى يعنى.. بتحصل فى أحسن الكهوف.. وأهى كلها فى النهاية ثورات! رابعا: قام الإخوة -من غير ما ياخدوا بالهم- بتأكيد مطلب قد يكون هو الأهم لبناء مصر الجديدة التى نحلم بها جميعا.. ألا وهو إصلاح التعليم.. فاللافتة الكبيرة التى كان يحملها أحدهم مكتوبا عليها «اللة» بالتاء المربوطة بحيث يمكنكم قراءتها كالتالى.. «اللات».. كانت خير دليل على احتياج مصر السريع والعاجل إلى إصلاح التعليم.. حتى لا يخلط أحدنا مرة أخرى فى الكتابة بين لفظ الجلالة المنزه عن الخطأ.. «الله».. وأحد آلهة الكفار القدماء.. «اللات»! خامسا: فى إطار شعورهم الحقيقى بالبلد وبالثورة وبمطالبها الحقيقية وبدور العقل فى تلك الفترة الحساسة التى تمر بها مصرنا الجميلة قاموا بتعريفنا من خلال لافتاتهم الضخمة على عدد من المعلومات التى لم يكن أحد منا يعلمها قبل ذلك.. فقد عرفنا من خلال لافتاتهم أنه.. لا إله إلا الله.. محمد رسول الله.. (شفتوا الانفراد).. وأن مصر إسلامية (وأنا اللى كنت فاكرها بوذية).. وأن المشير قد أصبح هو الأمير (صلاة النبى أحسن)! سادسا: على مدار تاريخ الإخوان والسلفيين فى مصر.. تتمثل علاقتهم بالحاكم فى تفصيلتين رئيسيتين.. نفاق فإطاحة.. ينافقونه ويتملقونه ويحاولون عقد أى صفقة معه يطلعوا منها بأى مصلحة سياسية ثم يطيح بهم بعد ذلك.. وها هم قد بدأوا التفصيلة الأولى! سابعا: سمحوا لنا بالتعرف على مكامن طاقتنا الإيجابية.. بعد ما أطلقوه فى الميدان من قنابل غاز مسيل للطاقة السلبية.. حيث تسرعوا فى خلع القناع الذى لم يستطيعوا تحمل ارتدائه أكثر من ذلك.. وهو الخلع الذى يستحقون عليه الشكر لا التوبيخ والتأنيب.. من منطلق أنه حد بيقولك.. «خد بالك منى.. أنا غير ما انت فاكر».. تعمل معاه إيه؟ تشكره طبعا!