حب عبد الرحمن الأبنودي لوطنه لا خلاف عليه، فبسببه اعتقله أكثر من رئيس، ومع كل مرة كان يزداد حبه للبلد وترابه، ولزوجته العزيزة نهال الأبنودي! كيف تجرأت الكلمة على أن تصف خال الكلمة، وحاكيها ومالكها، عبد الرحمن الأبنودي، "حراجي الجط"، حبيب الصعيد و"فاطنة أم جنديل" و"العمة يامنة"، تحكم الحب في مصير حياته، مرة بين أحضان حبيبته "نهال" التي سكنت قلبه فقال عنها: "أنا ياما قلت خلاص وقلت فات الوقت، أتاري عمرى يا ناس يبتدى دلوقت وكأنى أول مرة بتبسم، وكأن عمر القلب ما اتألم، بتعلم الدنيا من الأول من الأول"، وتارة بين أحضان الوطن الذي أعطاه شعر سنين عمره، يغازله، ويعاتبه، ويرجوه، فيقول الخال: "مصْر وإن خيّروني ما أسكن إلاكي ولأجْل تتبِّسمي.. يا ما بابات باكي". حب الوطن كانت لنكسة 67 الفضل في تقديم الشاعر عبدالرحمن الأبنودي كشاعر وطني، بل كشاعر من الأساس، حيث قدم أشعاره التي استقرت في وجدان الشعب فكانت سلاحًا للمقاومة والتحدي، حيث أنجز في تلك الفترة مجموعة كبيرة من هذه الأغنيات من أبرزها "اضرب، ابنك يقولك يا بطل هات لي النهار، أحلف بسماها وبترابها" فضلًا عن حب الوطن كانت لنكسة 67 الفضل في تقديم الشاعر عبدالرحمن الأبنودي كشاعر وطني، بل كشاعر من الأساس، حيث قدم أشعاره التي استقرت في وجدان الشعب فكانت سلاحًا للمقاومة والتحدي، حيث أنجز في تلك الفترة مجموعة كبيرة من هذه الأغنيات من أبرزها "اضرب، ابنك يقولك يا بطل هات لي النهار، أحلف بسماها وبترابها" فضلًا عن رائعة "موال النهار" التي شكّلت إحدى علامات الشجن العميق في الذاكرة المصرية. اعتقل الأبنودي خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عام 1966، بتهمة الانتماء لتنظيم شيوعي واعتقل لمدة أربعة أشهر في سجن القلعة حتى تم الإفراج عنه، ولم يكن على وفاق مع الرئيس محمد أنور السادات، ودفعه موقفه منه للانضمام إلى حزب التجمع اليساري، كما لم تكن علاقته بالرئيس الأسبق حسني مبارك جيدة وأيّد ثورة 25 يناير 2011 التي أسقطته. وكتب قصيدته "الميدان": يادى الميدان اللى حضن الذكرى وسهرها يادى الميدان اللى فتن الخلق وسحرها يادى الميدان اللى غاب اسمه كتير عنه وصبرها ويعد "الخال" واحدًا ممن تخطت شهرتهم حدود بلدانهم، فتغنى بقصائده المثقفون والعوام في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، خاصة أنه عُني بقضايا أمته، ونكأ جراحها التاريخية لتظل حية في مواجهة محاولات إماتتها أو تسكينها، ولا سيما "جرح فلسطين"، ولم تشغل كتابة الأغاني الأبنودي عن القصيدة السياسية التي كانت مبتدأه ومنتهاه، فكتب مئات القصائد خاصةً في فلسطين وأطفالها ومقاوميها، فرثى ناجي العلي، وحاكى قمر يافا، ودعم أطفال الحجارة، وكانت أشهر قصائده في هذا المضمار "الموت على الأسفلت". حب نهال تعرفت الإعلامية نهال كمال الزوجة الثانية للأبنودي وحب عمره في الوقت الذي كانت تحضر فيه لعمل برنامج عن شعراء الشباب، وكان من خطط البرنامج أن تتم استضافة شاعر كبير ليقول رأيه في موهبة الشباب، وعندما اقتربت منه اكتشفت أنه متوافق ومتصالح مع نفسه ونشأت بينهما صداقة قوية. ظلت نهال تتردد على بيته رفقة أصدقاء لهم حتى أتت أمه إلى زيارته في القاهرة وعلمت نهال بذلك فطلبت لقاءها، دعاها الأبنودى على الغداء، لكنه نسى، وخرج، ولم يحضر هذا اللقاء الذي جمع فاطمة قنديل بنهال كمال، وكان لهذا اللقاء الفضل في تلك العلاقة، فطلبت أمه أن يتزوجها وقالت عنها: "أما حتت بت يا عبد الرحمن، جوهرة، والله ماشفت زيها، اتجوزها يا عبد الرحمن»، تعجب الخال من هذا الطلب، ورفضه وأخبرها أنه لا يفكر بها كزوجة أبدًا بل لا يفكر في الزواج عمومًا، وأنهت معه النقاش: «وحياتي لتكون أم عيالك»، بعد هذا اللقاء اتصل الأبنودي بنهال وأخبرها بما قالته أمه. تحكي نهال أنها صدمت ولم تتوقع هذا الطلب وامتنعا عن الكلام مدة أسبوع، حتى فكرت، وقالت ليه لأ!! وهذا الذي فتح أمامهما طريق الزواج وتحقيق أمنية فاطمة قنديل، لكن الطريق لم يسلم من الاعتراضات أبدًا، فقوبل الموضوع بالرفض الشديد من أسرة نهال وذلك بسبب فارق السن الكبير بينهما، كما أن الأبنودي يحمل في ملامحه ولهجته وأسلوبه وتصرفاته الثقافة الصعيدية الأصيلة، وبرغم الرفض الشديد فإنها استطاعت أن تقنع أسرتها بزواجهما وحبهما ومعا يمكنهما التغلب على هذه الفوارق، وقد كان. ويحكي الخال الأبنودي عن هذه العلاقة: "نهال كانت بنتي ولم يخطر ببالي أبدًا أن أتزوجها حتى قررت أمي ذلك، ولم نسلم بعدها من تدخلات الناس فهناك من قال إن هذا الزواج لن يستمر طويلًا ولن يكون هناك تفاهم بينهما ووصفوني بأني الديب اللي رايح يلتهم قطعة اللحم البيضاء". أحب الخال زوجته نهال لدرجة لا توصف وظهر هذا في أشعاره، حتى أن كل دواوينه التي صدرت بعد زواجهما كان يكتب إهداءها لها، ففي أحد دواوينه كتب لها «إلى زوجتى الحبيبة نوارة الدار فاطنة أحمد عبد الغفار الشهيرة بنهال كمال أم آية ونور إمضاء حراجي الجط»، وآخر: «إلى نهال لولا روحك التي تنشر السكينة على أيام الحياة ولولا فرحك بما أحقق فما كانت هذه القصائد لأنني في الغالب الأعم كما أكتبها لأهل الدنيا أكتبها من أجل أن تتأكد ثقتك بحياتنا وقدرتنا على الاستمرار، المحب عبد الرحمن الأبنودي".