زينب البشير تركتْ السودان بعدما تعرضتْ للتعذيب في أثناء الدورة الشهرية.. وتخضع للتأهيل النفسي.. عمر آدم أصيب بصدمة نفسية بعد تسببه في قتل سيدة بالخطأ كانت تعطف عليه الرحلة الصعبة التي يقطعها المهاجرون من بلدانهم بحثًا عن وطن آخر يقبل توطينهم، ينتج عنها آثارٌ نفسية بالغة السوء، تستلزم الخضوع إلى برنامج تأهيل نفسي، خصوصًا أن هؤلاء الأشخاص يتعرضون إلى ضغط تراكمي، يبدأ من مرحلة التفكير في الهجرة إلى قرار تنفيذها بطرق، مع الأسف، غير شرعية، فهم يلقون بأنفسهم في عالم مجهول نتيجة تعرضهم لظروف قاسية دفعتهم إلى ترك أوطانهم. اللاجئون الأفارفة، حسب رواياتهم، تواجههم مشكلة حينما يبدؤون رحلة العلاج، إذ يصعب عليهم التعامل مع متخصصين نفسيين مصريين، نظرًا إلى اختلاف الثقافة، وتلك مشكلة أخرى، تجعل بعضهم يرفض العلاج. زينب البشير، فتاة سودانية، تبلغ من العمر 33 عامًا، إحدى ضحايا الصدمات النفسية، هربت من وطنها بعد تعرضها إلى العنف الأسري، كانت تُعذَّيب من قبل أهلها لمجرد اختلافها معهم في الأفكار، واحترامها كل الأديان. 17 مارس 2017، تاريخٌ محفورٌ في ذاكرة زينب، شاهدٌ على بداية تجربة مريرة، ففي ذلك اليوم قررت السفر زينب البشير، فتاة سودانية، تبلغ من العمر 33 عامًا، إحدى ضحايا الصدمات النفسية، هربت من وطنها بعد تعرضها إلى العنف الأسري، كانت تُعذَّيب من قبل أهلها لمجرد اختلافها معهم في الأفكار، واحترامها كل الأديان. 17 مارس 2017، تاريخٌ محفورٌ في ذاكرة زينب، شاهدٌ على بداية تجربة مريرة، ففي ذلك اليوم قررت السفر إلى مصر بأي طريقة، فبعد صلاة الجمعة تعرضت لحفلة تعذيب من قبل والدها واثنين من أشقائها، تزامن ذلك مع موعد الدورة الشهرية، فنالت ضربات متفرقة في جسدها عامة، وفي البطن خاصة، لتصاب بنزيف من جراء ذلك. اسقبلتنا زينب في شقة صغيرة، مكونة من غرفتين بمدينة السادس من أكتوبر، تدفع لها إيجارًا شهريًا بالتعاون مع زميلتين لها، وبدأت تحكي تفاصيل الواقعة: «ضربوني في ذلك اليوم من بعد صلاة الجمعة حتى المساء على فترات متفاوتة، دون أكل أو شرب، ماكنتش قادرة على التحرك، دخلت بعد ذلك في نوبة تشنجات، مصحوبة بنزيف». تشير البشير إلى أنها تلقت لكمات قوية، خصوصًا من شقيقها، الذي وجَّه إليها ضربات بقدمه في بطنها، متابعة: «كنت أرى دمي على ملابس أهلي، وأشعر أنهم يريدون قتلي لا تغيير أفكاري». تمكَّنت الفتاة السودانية من الوصول إلى مصر، وذلك عن طريق السفر جوًا من خلال مساعدة أصدقاء لها، إذ إن السودان يشترط موافقة ولي أمر الفتاة الراغبة في السفر سواء كان أبًا أو زوجًا، وهو ما أعجز عن تحقيقه. تقول زينب: «مع الأسف، أهلي تركوا فيَّ أثرًا نفسيًّا لا أستطيع محوه، فمع موعد الدورة الشهرية من كل شهر أتذكر التعذيب، وأدخل في حالة من التشنجات، وأشعر بآلام التعذيب، وكأنه تحدث الآن، وهو ما دفعني إلى التوجه إلى متخصصة نفسيَّة، وبدأت رحلة العلاج ببعض التمارين، وأشعر الآن بتحسن نسبي، وما زلت أتابع معها». تواجه الفتاة السودانية أزمة أخرى، وهي أنها تعيش وحيدة في مصر، لكنها كلما تذكرت التعذيب الذي كانت تتعرض له من أهلها بسبب شغفها على التعرف على كل الأديان، تجد أنها في وضع أفضل. ميسون عبيدة، اسم مستعار، لسيدة تنتمي إلى قبيلة الدينكا، جنوب السودان، تعاني هي الأخرى من مشكلة معقدة، إذ تعيش مع طفلها في مصر، بينما تبتعد عنها ابنتها التي يرعاها عمها، ويرفض أن يسلمها إليها. القصة تتمثل في أن عادات الزواج عند قبيلة الدينكا تستلزم أن يُدفع العريس مالًا إلى العروس، مهر، إما أن يكون عددًا من الأبقار، وإما أن يتعهد بأن يقدِّمه بعد فترة من العلاقة مع الفتاة التي يريدها، وتلك المسألة عرفية لا تحكمها أوراق رسمية، والطلاق يعني عودة المال، أي الأبقار التي قدَّمها الزوج. تركت ميسون الرجل الذي دفع فيها المال، ولم تستمر معه، وهو الأمر الذي أغضب الأب، إذ عليه أن يعيد الأبقار، التي حصل عليها نظير ابنته، لذا طلب من ميسون العودة لتزويجها مرة أخرى، حتى يحصل على أبقار من شخص آخر، ويعطيها لمن تركته. وفقًا لقبيلة الدينكا فإن ابنة ميسون تحق لوالدها وعمها، لأنها عندما تكبر سيُدفع فيها مالٌ، ولا تريد الفتاة السودانية أن تحتكم إلى عادات القبيلة، وهو الأمر الذي يؤثر فيها نفسيًا، فهي غير متقبلة تلك العادات، لذا توجهت إلى مكتب قانوني، لاسترداد ابنتها من والدها وعمها. حكاية أخرى تعرفنا عليها خلال رحلتنا في هذا العالم المليء بالمآسي الإنسانية، بطلها طفل سوداني: عمر آدم، تعرض لمشكلة أثرت فيه نفسيًا، دارت أحداثها العام الماضي، كان عمره آنذك 16 عامًا، وفي أثناء عمله مع عمه في أحد الجراجات، اصطدم بالسيدة، التي كانت تعطف عليه، قتلها بالخطأ في أثناء خروجه بسيارتها من الجراج. لم يكن من عمر إلا أن حمل السيدة، وتوجه بها إلى المستشفى، لكنها فقدت الحياة. أصبح الطفل أمام جثة السيدة، التي يحبها، لا يصدق أنه تسبب في موت من كانت تُكرمه، استخدمت أم عمر كل الطرق القانونية حتى لا يُسجن نجلها، ظل الطفل شهرًا ونصف الشهر في السجن، يعاني مرارة السجن من ناحية، وأزمة نفسية تلازمه في قتله الخطأ السيدة التي تعطف عليه من ناحية أخرى، ورغم حصول الطفل على البراءة من القتل، فإنه لا يزال يعاني من صدمة نفسية، لم تجد صداها لدى أسرته، التي لم تعرضه على المتخصصين في مجال التأهيل النفسي. قصص مأساوية تركت أثرها في نفوس هؤلاء الضحايا، فمنهم من لم يجد غضاضة في الخضوع إلى العلاج، لدى متخصص نفسي، ومنهم من رفض العلاج والذهاب إلى أطباء، لتستمر المعاناة.. وما بين الرفض والاستجابة، يعيش اللاجئ الإفريقي حياة مأزومة تبحث عن حلول، في الغالب لا طاقة له بها.. لقراءة بقية القصة «التأهيل النفسي للاجئين».. هنا يبدأ التعافي (الحلقة الرابعة) «العبور أو الموت».. لاجئون أفارقة على أبواب المفوضية (الحلقة الأولى) ناجون من «رحلة الموت».. من هنا يمر الأفارقة لمصر (الحلقة الثانية) «ضحايا الصدمات النفسية».. معاناة اللاجئين خارج الوطن (الحلقة الثالثة)