أثارت تصريحات وزيرة الصحة بشأن عدم تجديد الإجازات للأطباء العاملين بالخارج ردود أفعال غاضبة بين صفوف الأطباء الرافضين قرار عودتهم للعمل في مصر دون تحسين أوضاعهم المادية ازدادت فى الفترة الأخيرة، حدة التهديدات للأطباء العاملين بالخارج بالفصل وإنهاء الخدمة، وأرسلت عدد من مديريات الصحة خطابات للأطباء والتمريض الحاصلين على اجازات بدون مرتب تطالبهم بالعودة للعمل أو الفصل، ووقفت مديريات أخرى الاجازات للأطباء والتمريض ومؤخرًا شدد كلًا من رئيس الوزراء ووزيرة الصحة، على أن مشكلة نقص الأطباء، يجب حلها من خلال عدم تجديد الإجازات للأطباء العاملين فى الخارج وعودتهم للعمل فى مصر واقترح مدبولي على النواب حلا لمسألة نقص الأطباء في المستشفيات الحكومية بأن لا يقدموا طلبات للوزراء لتجديد إجازات الأطباء للسفر خارج مصر. قبل شهرين وافق مجلس الوزراء على مشروع القرار الخاص بالضوابط التى تُطَبق على مدد الإعارات والإجازات الخاصة بدون أجر، للأسباب التى يبديها الموظف الخاضع لأحكام قانون الخدمة المدنية على أن تتم الموافقة على الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون أجر لمدة عام كامل، ما لم يكن طلب الإعارة أو الإجازة مقروناً بمدة أقل، قبل شهرين وافق مجلس الوزراء على مشروع القرار الخاص بالضوابط التى تُطَبق على مدد الإعارات والإجازات الخاصة بدون أجر، للأسباب التى يبديها الموظف الخاضع لأحكام قانون الخدمة المدنية على أن تتم الموافقة على الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون أجر لمدة عام كامل، ما لم يكن طلب الإعارة أو الإجازة مقروناً بمدة أقل، ويتم التجديد للإعارة أو الإجازة سنوياً بناء على طلب يُقدم من الموظف قبل انتهاء مدة الإعارة أو الإجازة بدون أجر بثلاثين يوماً على الأقل دون اشتراط حضوره شخصياً للموافقة على التجديد، ويجوز فى هذه الحالة أن ينيب الموظف أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية، أو غيرهم بموجب توكيل خاص. هذا القرار الوزاري أعاد الحياة للأطباء وكل المصريين العاملين بالخارج، ولكن سُرعان ما تم التحايل عليه بقرار وزاري أخر يقضي بإلغاء إجازات العاملين بالخارج بعد أن تكررت في الفترة الأخيرة محاولات من بعض المديريات الصحية، لرفض الموافقة على مدّ الأجازات بدون أجر للأطباء للعمل بالخارج تحت حجة "حاجة العمل"، وقد تم حل هذه المشكلة في بعض المديريات، بينما لا تزال قائمة في مديريات أخرى. المقارنة المقلوبة القرار الأخير جاء فى ظل نقص أعداد الأطباء، خاصة فى تخصصات الطوارئ والرعايات المركزة والجراحات الدقيقة، ولكن بحسبة بسيطة عن أجور الأطباء في مصر بالمقارنة بالدول الأخرى في المنطقة العربية نكتشف أن أجر الطبيب فى مصر يتراوح ما بين ألفين وسبعة آلاف جنيه بمتوسط 4 آلاف جنيه شهريا أى أنه خلال 35 عاما من الخدمة في المستشفيات المصرية إذا لم يحصل الطبيب على أي إجازة أو خصومات سوف يجني مليونا وستمائة وثمانين ألف جنيه ثم يحصل على معاش شهري بمتوسط 1500 جنيه لمدة 15 عاما ليصبح مجمل ما حصل عليه مليون وتسعمائة و خمسين ألف جنيه. في المقابل يقارن الدكتور خالد سمير، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء مع أوضاع الطبيب المصرى فى المملكة العربية السعودية مثلًا فإن راتبه الشهري يتراوح ما بين بين 10 و 50 ألف ريال بمتوسط 25 ألف ريال يضاف إليه بدلات "تعليم وسكن" بخلاف تذاكر الطيران والتأمين الصحي للأسرة، متوسط ذلك كله 100 ألف ريال سنويًا والإجمالي 400 ألف ريال فى العام أي حوالي 2 مليون جنيه مصري سنويًا. ويضيف أن متوسط ما يحصل عليه الطبيب المصري فى العام الواحد فى السعودية يفوق متوسط ما يحصل عليه الطبيب فى مصر خلال خمسين عامًا (35 عام خدمة) إذا لم يغب عن العمل أو يُخصم منه يوم واحد ثم 15 عامًا معاش بعد التقاعد وحتى وفاته. عجز حاد في الأطباء يبلغ عدد الأطباء العاملين في مصر دون الحد الأدنى العالمي لكفاية السكان. بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2014، يتوافر في مصر 2.2 مقدم للرعاية الصحية (أطباء وتمريض وغيرهم) لكل 1000 مواطن، وهي نسبة تقل عن الحد الادنى الذي حددته المنظمة ب 3.4 لكل 1000 مواطن. وهناك أقل من طبيب واحد لكل 1000 مواطن. خلال عام 2016، بلغ عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي 103 آلاف طبيب، بحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، منهم حوالي 80 ألف في مستشفيات ووحدات مديريات الصحة والمستشفيات والمعاهد التعليمية، يزيدون قليلًا عن عدد الاطباء المصريين بالسعودية، البالغ عددهم 69 ألف طبيب، حسب تقديرات نقابية. 100 ألف طبيب مهددون بالاستقالة يبلغ عدد الأطباء المصريين العاملين بالخارج نحو 100 ألف طبيب حسب تصريحات الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء الذي أوضح أن كل منهم يسدد 1000 دولار سنويًا للدولة عن التأمينات والمعاشات بمتوسط 100.000.000 دولار ( مائة مليون دولار سنوياً) إضافة إلى تحويل مدخراتهم إلى داخل مصر وهي ما لا تقل عن 3 مليار دولار سنوياً. وأضاف أن عدم الموافقة على تجديد الإجازات سيؤدى إلى فصل الأطباء أو إستقالتهم طبقاً لقانون الخدمة المدنية، فليس من المنطقي أن يعود طبيب يحصل على متوسط راتب شهري 70 الف جنيه واستقرت أسرته على وضع اجتماعي معين ليعود إلى مصر ليعمل براتب شهري متوسط 4000 جنيه، وعليه لن تتحقق دعاوي سد حاجة العمل والعجز فى عدد الأطباء وستخسر الدولة متوسط مائة مليون دولار سنوياً. "يهمني هنا أن أوضح أن رفض إعطاء أجازة بدون مرتب للعمل بالخارج هو إجراء غير قانوني"، حسبما أكدت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباءلأنه يتناقض مع نص القرار رقم 186 لسنة 2000 لرئيس الوزراء بشأن "إطلاق مدد الإعارات و الأجازات الخاصة" . كما يتناقض ذلك مع الكتاب الدوري رقم 5 لسنة 2006 الصادر من وزير الدولة للتنمية الإدارية "بشأن الإلتزام بقواعد إطلاق مدد الإعارات و الأجازات الخاصة بدون مرتب و الترخيص بالعمل جزء من الوقت"، فضلًا عن قرار وزيرة الدولة لشئون الهجرة بالموافقة على الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون أجر أو شروط. تعسف جديد تضيف مينا: بعيدا عن التقييم القانوني فإن هذا القرار هو قرار شديد التعسف ولا أستطيع أن أستوعب الدافع من وراءه إلا أنه يطلب عودته من الخارج حتى يستقيل في ظل الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي نعيشها وسط ظروف شباب الأطباء التي تضطر معظمهم للسفر للخارج لسنوات تطول أو تقصر حتى يستطيع أن يؤسس لنفسه حياة مستقلة ويكون أسرة صغيرة . وسط هذه الظروف القاسية لماذا تأتي محاولات منع أجازات العمل بالخارج وهل هي فقط محاولات للمزيد من التنكيل أم هي طريق لدفع الأطباء للإستقالة ... كجزء من تنفيذ الهدف المعلن لتقليل أعداد الموظفين الحكوميين.. تساؤلات عدّة طرحتها مينا وعدد من الأطباء الرافضين للقرار الأخير. وأكدت مينا أنه بغض النظر عن الأسباب و التفسيرات وراء صدور القرار، فالأكيد أن هذه المحاولات للمزيد من "خنق" الأطباء لا يمكن أن تقبل ولا يمكن أن تمر، قائلة: "المسئولين مش واخدين بالهم أن الاستقطاعات الخاصة بالتأمينات التي يسددها الموظف أثناء الاجازة لو تم وضعها في أي بنك أو شركة تأمين ستدر عليه دخلا شهريًا أضعاف معاش الحكومة.. لازم المسئولين يفهموا إنهم بسياساتهم الحالية بيطفشوا الاطباء تماما.. ده اخر مسمار في نعش الصحة في مصر". الأطباء غاضبون خلال الفترة من يناير إلى أغسطس من العام الحالي استقال نحو 593 طبيبًا من العمل بمستشفيات وزارة الصحة وفقًا لما رصدته نقابة الأطباء وسافروا للعمل بالخارج وهم الأطباء الذين حولوا صفة عضويتهم النقابية من طبيب عامل بالوزارة إلى طبيب حُرّ، دون أن يشمل ذلك الحاصلين على إجازة بدون مرتب أو المستقيلين دون تغيير صفتهم، الذين إذا أضيفوا سيتضاعف عدد من تركوا مستشفيات الوزارة ما بين 10 و15 ضعفا حسب تصريحات الدكتورة ايمان سلامة، عضو مجلس نقابة الأطباء الفرعية بسوهاج. "الوزيرة عايزة تجبر الطبيب اللي بيقبض عشرين ألف ريال شهريًا في السعودية إنه يرجع مصر عشان يقبض 5 ألاف جنيه في وزارة الصحة.. إزاي؟ هييجي يجدد أجازته هنقول له ممنوع يا دكتور لحاجة العمل".. تساؤل طرحه الدكتور عمرو عبدالبديع، استشاري جراحة في مستشفى جامعة أسيوط وأضاف، الطبيب بدل ما هيجدد الأجازة هيقدم الاستقالة وبدل ما هيكون فيه إمكانية لرجوعه الخدمة هيخرج منها نهائيا ولو رجع هيرجع على البرايفت أو على القبر.. ولا عزاء للغلابة".
