أثقلت العقوبات الأمريكية التي فُرضت على روسيا على مدار السنوات الماضية، كاهل الاقتصاد الروسي الذي يعاني بالفعل من التدهور، وذلك بسبب اعتماد موسكو بنسبة كبيرة على الدولار الأمريكي، في المعاملات التجارية مع الدول الأخرى. والآن تعمل الحكومة الروسية على اتخاذ تدابير لتحفيز استخدام بدائل للدولار، حيث أشارت شبكة "بلومبرج" إلى أن الكرملين كثّف جهوده لخفض الاعتماد على العملة الأمريكية وسط مخاوف من فرض عقوبات أمريكية جديدة. وقال بيان صادر عن مجلس الوزراء نشرته وكالات الأنباء الرسمية في البلاد، يوم الأربعاء، إن الحكومة تعمل على "تقليل اعتماد اقتصادنا على العملة الأمريكية، وذلك من خلال تحفيز وإنشاء آليات لزيادة اعتماد التجارة الخارجية على العملات الوطنية". وأضاف البيان أن السلطات الروسية "لا تعتزم التخلي عن المعاملات التجارية التي تتم بالدولار، أو حظر تداوله أو فرض أي قيود أخرى". ولطالما كافحت روسيا للحد من اعتمادها على الدولار، بسبب الاستقرار النسبي للعملة الأمريكية، واستخدامها في تسعير صادرات السلع الأساسية في روسيا. اقرأ المزيد: العقوبات الأمريكية تصطدم ب«دول اليورو».. وأوروبا تستقل سياسيًا عن واشنطن ولا تزال العملة الأمريكية الخيار المفصل للمدخرين الروس للحفاظ على أموالهم، حيث ما زالوا يشعرون بالقلق من الاستثمار في الروبل الروسي، بعد انخفاض قيمته بصورة كبيرة على مدى العقدين الماضيين. ولكن في الوقت الذي اتخذ فيه الكونجرس الأمريكي خطوات إضافية في الأشهر الأخيرة، لمعاقبة روسيا على التدخل المزعوم في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ازدادت المخاوف من إمكانية منع البنوك الروسية الكبرى من التعامل مع النظام المالي الأمريكي، وهو ما دفع الحكومة لتكثيف جهودها لتطوير بدائل. خطة كوستين ونقلت الشبكة عن وزير الاقتصاد الروسي مكسيم أورشكين، قوله إن الحكومة تعمل على اتخاذ خطوات إضافية لجعل استخدام العملات الوطنية أكثر جاذبية وأقل تكلفة. وأضاف "أنها إجراءات تحفيزية لجعل هذه العمليات بسيطة ومريحة للشركات وللمواطنين"، مشيرًا إلى أنها تتطلب التعاون مع الدول الأخرى لدمج البنية التحتية المالية. وفي الشهر الماضي، أعلن أندريه كوستين رئيس بنك "في تي بي" المملوك للدولة، عن خطته الخاصة ب"إلغاء الدولار"، والتي من المتوقع أن تستغرق نحو خمس سنوات، وتشمل زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية، وإعادة تسجيل الشركات الكبرى في روسيا. اقرأ المزيد: «الهاكرز» والنووي.. أسلحة روسيا في مواجهة العقوبات الأمريكية وقالت الحكومة إن جهودها لا تقودها أي "مبادرات شخصية" ولكنها "تعكس الخط الاستراتيجي للحكومة"، كما ذكر دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يؤيد هذه الخطوة لتقليل الاعتماد على الدولار، وأكد أنها "عملية معقدة للغاية"، مضيفًا أنه "لا يمكن أن تكون سريعة وستستغرق بعض الوقت". وأشارت "بلومبرج" إلى أن روسيا دعت على مدى سنوات لتحويل صفقاتها مع الصين والاتحاد الأوروبي، شركائها التجاريين الرئيسيين، إلى اليوان واليورو، على أن تتم المعاملات التجارية مع جيرانها من دول الاتحاد السوفييتي السابق بالروبل، لكن تطبيقها كان بطيئًا. 'تكاليف إضافية' وقال أليكسي كودرين وزير المالية السابق للصحفيين إن "الروبل لا يملك نفس السيولة في السوق العالمية التي تملكها عملات أخرى، كما أن بعض الدول لا تريد التعامل بالروبل لأن هذا يعني تكاليف إضافية". وأضاف أن "الدول ذات العملات الناعمة مثل اليوان، قد ترغب في التحول إلى الدفع بالعملات الوطنية، لكنني أشك في أن الاتحاد الأوروبي سوف يرغب في قبول الروبل". وكان أليكسي مويسيف نائب وزير المالية الروسي، قد ذكر الشهر الماضي، أن التقدم الكبير في خفض الاعتماد على الدولار سوف يستغرق ما بين عام ونصف إلى عامين على الأقل، على الرغم من أن الحكومة تحاول تسريع ذلك. اقرأ المزيد: العقوبات الأمريكية تهدد صناعة النفط الروسية من جانبها، ترى ليزا إيرمولينكو الخبيرة الاقتصادية في بنك "باركليز كابيتال" في لندن، أنه "بالنسبة لبعض الشركات الروسية، قد يكون الأمر ممكنا، خاصة شركات المعادن التي تبيع منتجاتها لأوروبا، لكن بالنسبة لمعظم الشركات، فإن هذا الأمر صعب للغاية، حيث يتم تداول النفط بشكل عام بالدولار". وبعد أحدث موجة من العقوبات الأمريكية، خفضت روسيا حيازتها للسندات الحكومية الأمريكية بمقدار 81 مليار دولار، وفقا لبيانات الخزانة الأمريكية. وحتى قبل ذلك، قام البنك المركزي الروسي بتخفيض حيازات الدولارات إلى 44% من احتياطياته من العملات الأجنبية في نهاية الربع الأول من العام، بعد أن كانت 46% قبل ذلك بثلاثة أشهر، بينما ارتفعت حيازات اليوان الصيني إلى 5٪ بعد أن كانت 3٪.