شهدت السياسة البيئية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحولًا كبيرًا في الأولويات والأهداف عما كانت عليه خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. ففي الوقت الذي منح فيه أوباما الأولوية لخفض انبعاثات الكربون من خلال استخدام الطاقة المتجددة النظيفة، سعت إدارة ترامب إلى زيادة استخدام الوقود الأحفوري والتخلص من اللوائح البيئية التي كثيرًا ما وصفها ترامب ب"العائق" أمام الاستثمارات. والآن تظهر سياسة ترامب البيئية، في طريقة تعامله مع قضية غاز "الميثان"، حيث قالت شبكة "بلومبرج" إن إدارة ترامب ألغت عددا من القرارات والتشريعات البيئية بخصوص غاز "الميثان"، وذلك على الرغم من أنه يكون مسؤولًا عن ربع حرارة الكوكب. حيث قال روبرت هوارث، بروفيسور في علم البيئة في جامعة كورنيل إن "الميثان هو أحد الغازات الدفيئة المهمة، ولديه تأثير على الاحتباس الحراري أكبر بنحو مائة مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون"، مؤكدًا أنه "ليس هذا هو الوقت المناسب لتخفيف القيود على انبعاثات الميثان". فخلال الأسبوع الماضي، اقترحت وكالة حماية البيئة الأمريكية إلغاء بعض الاشتراطات التي فرضتها إدارة أوباما، والتي ترغم شركات الطاقة على وقف تسريبات غاز الميثان من الآبار الجديدة والمعدلة حديثًا. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الوكالة يوم الثلاثاء الماضي، وضع اللمسات الأخيرة على إجراء منفصل يحد من تشريعات إدارة أوباما التي تمنع الشركات من تسريب وإحراق الغاز الطبيعي في الآبار الموجودة في الأراضي الأمريكية. اقرأ المزيد: «التهديد».. كتاب جديد يكشف خطر ترامب على أمريكا وأشارت الشبكة إلى أن علماء البيئة قلقون من أن تكون هذه التحركات مقدمة لتحوُّل أكبر بكثير، سبق أن ألمحت إليه إدارة ترامب، وهو إلغاء تشريعات الوكالة بخصوص غاز "الميثان" كليًا. ويمكن لهذا التغيير أن يمنع المحاكم من إجبار الوكالة على فرض اللوائح المتعلقة بغاز الميثان، على أكثر من مليون بئر موجودة على الأراضي الأمريكية، وليس الآبار الجديدة فقط التي استهدفتها وكالة حماية البيئة بالفعل، حيث تعتبر صناعة النفط والغاز أكبر مصدر صناعي لانبعاثات غاز الميثان. وقال مات واتسون، نائب رئيس صندوق الدفاع عن البيئة الأمريكي: "إن الميثان مسؤول عن نسبة كبيرة من الاضطرابات المناخية والأضرار التي تلحق بالأشخاص والممتلكات التي نراها اليوم"، مضيفًا: "تخفيض انبعاثات الميثان هو وسيلة فعالة من حيث التكلفة لإبطاء تغير المناخ". وبسبب التأثير الهائل للميثان، يمكن أن يؤدي الحد من الانبعاثات الضارة من هذا الغاز إلى إحداث تأثيرات كبيرة وفورية في جهود العالم لإيقاف تغير المناخ. وأشار كونراد شنايدر من "فرقة عمل الهواء النقي" وهي منظمة بيئية غير ربحية، إلى أن "الميثان هو المعادلة الأسهل في القضية المناخية"، مضيفًا أنه "إذا أردنا أن ننظر إلى تغير المناخ من الناحية الاقتصادية، فإن الميثان هو الأرخص على الإطلاق". وفي المقابل تقول شركات الطاقة إن قواعد "الميثان" الفيدرالية، مكلفة وغير ضرورية، لأن لديها بالفعل حافزًا لمنع انبعاثات الميثان، وهو أنه سلعة ثمينة يمكن بيعها. اقرأ المزيد: الجمهوريون يحذرون من انهيار شعبية الحزب بسبب سياسات ترامب وقال باري راسل، رئيس نقابة البترول المستقلة في أمريكا: "إن منتجي النفط والغاز الطبيعي في أمريكا يدركون أهمية اللوائح التنظيمية العادلة، لكن البيروقراطية الفيدرالية تسببت في وضع خطوط حمراء غير ضرورية، أثرت على الصناعة". وكانت أكثر من 40 شركة نفط وغاز قد وقعت اتفاقيات، تعهدت فيها بالتخلص التدريجي من بعض الأجهزة المسببة لتسرب الميثان، واتخذت خطوات أخرى للحفاظ على نسبة ضئيلة من انبعاثات الميثان، كجزء من مبادرة "الشراكة البيئية" التي أطلقها معهد البترول الأمريكي. وبشكل منفصل، تعهدت ثماني شركات عملاقة للنفط والغاز، بما في ذلك "إكسون موبيل" و"بريتش بتروليوم"، في العام الماضي، باستمرار خفض انبعاثات الميثان في اتفاق مع صندوق الدفاع البيئي. وتقول وكالة حماية البيئة إن التغييرات المقترحة ستوفر 484 مليون دولار من التكاليف التنظيمية، في الفترة بين 2019 إلى 2025، وهو ما يقدر بنحو 75 مليون دولار سنويًا. ويؤكد قادة صناعة النفط إنهم يحرزون تقدمًا في حماية البيئة دون تدخل الحكومة الفيدرالية، من خلال استخراج وبيع المزيد من الغاز الطبيعي، الذي يطلق نحو نصف كمية ثاني أكسيد الكربون التي يطلقها الفحم عند حرقه لتوليد الكهرباء. وقال هوارد فيلدمان المدير في معهد البترول الأمريكي: "لقد ساعد الغاز الطبيعي النظيف على خفض انبعاثات الكربون إلى أدنى مستوياتها منذ 25 عامًا". اقرأ المزيد: بعد أن وصل ل5 آلاف كذبة.. ادعاءات ترامب تهدد زعامة أمريكا ومع ذلك، فإن الشركات ما زالت تقوم بحرق وتسريب الغاز الطبيعي من آبار النفط في حوض "بيرميان"، في تكساس ونيو مكسيكو، وفقًا لشركة "بي تي يو أنالتيكس" لاستشارات الطاقة. حيث تتزايد هذه الممارسات مع عدم وجود خطوط أنابيب كافية، تُمكن شركات الطاقة من إرسال هذه الكميات المهدرة من الغاز الطبيعي إلى السوق. ويؤكد نشطاء البيئة أن تسرب الميثان يدمر أي فرصة لوقف تغير المناخ، حيث يقول مات واتسون إن "الميثان هو نقطة ضعف هذه الصناعة"، مشيرًا إلى أنه "للتنافس في مجال الطاقة اليوم، يجب أن توفر طاقة رخيصة ونظيفة، ولكن إذا قدمت إدارة ترامب امتيازات لأسوأ الشركات أداءً، فإن الشركات التي تحاول فعل الشيء الصحيح سوف يتم جرها معها".