على أثر العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، أعلنت اليابان أنها تستعد لتعليق واردات النفط الخام القادمة من طهران الشهر المقبل. اليابان لم تكن الوحيدة التي اتخذت هذا القرار، فعلى مدار الأسابيع الماضية، أبدت الهند، ثاني أكبر مستورد للنفط الإيراني، نيتها تقليص واردات النفط من إيران. وقد يتسبب هذا الأمر في التأثير بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني المترنح بالفعل، حيث تمثل صادرات النفط نسبة كبيرة من الدخل القومي للبلاد. وردًا على هذه القرارات من المتوقع أن تتبع إيران سبلًا مختلفة لتسهيل تصدير النفط بعد فرض العقوبات الأمريكية المقرر له نوفمبر المقبل. حيث أشارت شبكة "بلومبرج" الاقتصادية، إلى أن إيران قد تلجأ إلى تقديم تخفيضات أو اتباع نظام المقايضة أو حتى التهريب، لضمان تدفق أكثر من 800 ألف برميل من إنتاجها اليومي إلى الخارج. اقرأ المزيد: هل تستعد الهند لوقف وارداتها من النفط الإيراني؟ وكان وزير النفط الإيراني بيجان نامدار زنغنه، ألمح إلى استخدام طرق مختلفة لتصدير النفط، دون أن يذكرها بالتفصيل، قائلًا "يعتقدون أن بإمكانهم إيقاف صادرات النفط الإيراني، كل العالم بحاجة إلى النفط الإيراني، ويمكننا دائما أن نستحدث أساليب بيع نفطنا". إلا أن الشبكة أكدت أن هذه الإجراءات لن تكون كافية، لكبح جماح المحاولات الأمريكية لتخفيض صادرات النفط الإيرانية، التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ مارس 2016. يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران الموقع عام 2015، واصفًا إياه بأسوأ صفقة في تاريخ الولاياتالمتحدة. كما قرر ترامب إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران مرة أخرى، حيث دخلت المرحلة الأولى منها حيز التنفيذ في أوائل أغسطس الماضي، واستهدفت بعض الصناعات المحلية والقطاع المالي الإيراني، على أن تُفرض المرحلة الثانية من العقوبات في نوفمبر المقبل. وكانت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "الأوبك"، قد أبطلت عمل أنظمة التتبع في ناقلات النفط الخاصة بها، خلال الفترة الأخيرة، لتخفي حجم ووجهة صادرات النفط، حيث فشل المراقبون في تعقب الملايين من براميل النفط الإيرانية. اقرأ المزيد: الصين تتحدى «ضغوط أمريكا» بالإبقاء على واردات النفط الإيراني وصرح روبن ميلز، المدير التنفيذي لشركة "قمر" لاستشارات الطاقة في دبي، أن نحو 200 ألف برميل من مبيعات النفط الإيراني اليومية، بعد فرض العقوبات، لم يتم التمكن من تعقبها. وأضاف أن "هذا المستوى من الصادرات قد يكون له دور كبير في تخفيف الأزمة الاقتصادية في إيران، إلا أنه لن يكون لها تأثير كبير على سوق النفط العالمية". من جانبه أكد إيمان ناصري المدير الإداري لشركة "إف إي جي" لاستشارات الطاقة في لندن، أنه من المتوقع أن تستمر الصين وتركيا والهند، في استيراد النفط الإيراني بعد فرض العقوبات. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تستقبل مصافي النفط الصغيرة في الصين، شحنات النفط الإيراني المهربة، مضيفًا أن إيران من الممكن أن تُصدِّر نحو 800 ألف برميل يوميًا بحلول 2019، من ضمنهم نحو 20 ألف برميل تُنقل في شاحنات إلى العراق وأفغانستان وباكستان عبر الحدود. وقالت "بلومبرج" إن التاريخ يثبت أن إيران بإمكانها الاستمرار في تصدير نفطها، فعلى الرغم من إعلان اليابان وكوريا الجنوبية وعدد من الدول الأوروبية وقف استيراد النفط الإيراني، إلا أن العديد من الدول لن تستطيع مقاومة إغراء إنخفاض سعر النفط الإيراني، وقد تلجأ بعض الدول إلى الاعتماد على نظام المقايضة في الحصول على النفط، وهي الاستراتيجية التي أثبتت نجاحها سابقًا. اقرأ المزيد: كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على إيران؟ إحسان خومان مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة "ميتسوبيشي" المالية، يرى أن "المقايضة واستحداث نُظم مالية جديدة، قد تكون من الطرق التي قد تسمح للدول استيراد النفط الإيراني، وتجنب منظومة العقوبات الأمريكية". وأشار خومان إلى اتفاق الهند على شراء النفط الإيراني بالروبية الهندية، على أن تستخدم إيران هذه الأموال لاستيراد بضائع من الهند. وقالت "بلومبرج" إنه على الرغم من هذه الاستراتيجيات، إلا أنه ليس هناك شك في أن يعاني الاقتصاد الإيراني بشكل عام، وصناعة النفط بشكل خاص من العقوبات الأمريكية. مشيرة إلى أن صادرات البلاد النفطية إلى إيران، انخفضت بنسبة 45%، أي نحو 226 ألف برميل يوميًا، كما قررت شركات النفط العالمية مثل "توتال" و"شل" التوقف عن استيراد النفط الإيراني.