أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران مخاوف الشركات العالمية، حيث بدأت بسحب استثماراتها، إلا أن الوضع كان مختلفا بالنسبة للهند التي قالت وزيرة خارجيتها سوشما سواراج، إنهم مستمرون بالتعامل مع إيران رغم العقوبات الأمريكية، مؤكدة أنها لا تعترف إلا بالقيود التي تفرضها الأممالمتحدة. وتتمتع الهندوإيران بعلاقات ودية وعلاقات تجارية هامة في العديد من المجالات، خاصة في ما يتعلق بواردات النفط الخام إلى الهند وصادرات الديزل إلى إيران. لكن يبدو أن هذه العلاقة على وشك الانتهاء، حيث أشارت وكالة "رويترز"، إلى أن وزارة النفط في البلاد طلبت من شركات التكرير أن تستعد لخفض كبير في الواردات من النفط الإيراني بداية من نوفمبر المقبل، وهي أول إشارة إلى أن نيودلهي تستجيب للضغط الأمريكي لقطع العلاقات التجارية مع إيران. ونقلت عن مصادر مطلعة قولها: إن "الهند - أكبر مشتر للنفط الإيراني بعد الصين، ستضطر إلى اتخاذ إجراءات لحماية شركاتها من التعرض للعقوبات الأمريكية". اقرأ المزيد: روسياوإيران تتسببان في توتر العلاقات الأمريكيةالهندية "المصادر" أضافت أن وزارة النفط الهندية عقدت اجتماعًا مع مصافي التكرير يوم الخميس، وحثتها على البحث عن بدائل للنفط الإيراني، قائلة: إن "الهند طلبت من المصافي أن تكون مستعدة لأي احتمال، لأن الوضع لا يزال يتطور، ويمكن أن يكون هناك تخفيض حاد أو وقف للاستيراد بشكل كامل". وزير النفط الهندي دارمندرا برادهان، صرح للصحفيين في مومباي، بأن البلاد ستحقق مصالحها فيما يتعلق بواردات النفط، مضيفًا: "نحن نعرف أن لدينا مصادر متنوعة للطاقة، ويمكننا الحصول على النفط من أي مكان، ويعتمد الباقي على السياسة، وسيتم اتخاذ تلك القرارات على ذلك الأساس". مواقف مختلفة فخلال الجولة السابقة من العقوبات، كانت الهند واحدة من الدول القليلة التي استمرت في شراء النفط الإيراني، على الرغم من أنها اضطرت إلى خفض الواردات بسبب اختناق قنوات الشحن والتأمين والبنوك بسبب العقوبات الأوروبية والأمريكية. وقال المصدر: إن "الوضع مختلف في هذه المرة، فهناك فريق الهندوالصين وأوروبا من جهة، وفريق الولاياتالمتحدة من جهة أخرى، وفي هذه اللحظة لا نعرف حقًا ماذا نفعل، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نعد أنفسنا لمواجهة أي احتمال". في حين أفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بأن واشنطن تريد من مشتري النفط الإيراني وقف الاستيراد من نوفمبر القادم، حيث طالبت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة نيكي هالي، رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي بتقليل الاعتماد على النفط الإيراني. اقرأ المزيد: بعد العقوبات الأمريكية.. 10 شركات تغادر السوق الإيرانية وتأتي مساعي الولاياتالمتحدة للحد من واردات الدول من النفط الإيراني بعد انسحابها من الاتفاقية النووية لعام 2015 بين إيران وست قوى عالمية، وإعادة فرض العقوبات على طهران. ومن المقرر أن تدخل بعض العقوبات حيز التنفيذ بعد فترة "التهدئة" التي تستغرق 90 يومًا وتنتهي في 6 أغسطس، على أن يتم فرض العقوبات المتبقية، وخاصة في قطاع النفط، بعد "فترة تهدئة" مدتها 180 يومًا تنتهي في 4 نوفمبر. تحت الضغط وتحت ضغط من العقوبات الأمريكية، قررت شركة "ريلاينس اندستريز" الهندية، الشركة المشغلة لأكبر مجمع تكرير في العالم، وقف الواردات. وأشارت مصادر أخرى إلى أن "نايارا انيرجي" وهي شركة هندية مدعومة من عملاق النفط الروسي "روسنفت" تستعد أيضًا لوقف استيراد النفط من إيران بداية من نوفمبر بعد خطاب من الحكومة، وبدأت الشركة بالفعل في خفض وارداتها النفطية بداية من الشهر الجاري. من جانبه قال مسؤول نفطي إيراني لوكالة أنباء "تسنيم" شبه الرسمية: إن "سحب النفط الإيراني من السوق العالمية بحلول نوفمبر المقبل كما طلبت الولاياتالمتحدة (أمر مستحيل)". اقرأ المزيد: كيف سيتم فرض العقوبات الأمريكية على إيران؟ "أوبك" تقرر زيادة الإنتاج وفي الوقت الذي تضغط فيه الولاياتالمتحدة على دول العالم لتقليل الاعتماد على واردات النفط الإيرانية، اتسعت خيارات إيجاد بدائل للنفط الإيراني بعد أن اتفقت أوبك مع روسيا وحلفاء آخرين منتجين للنفط الأسبوع الماضي لزيادة الإنتاج بداية من يوليو، بنحو مليون برميل في اليوم. كما تعهدت السعودية بزيادة الإنتاج دون إعطاء أرقام محددة، حيث قال مصدر في صناعة النفط على دراية بخطط السعودية لإنتاج النفط ل"رويترز" في وقت سابق: إن "خطط السعودية لضخ 11 مليون برميل من النفط يوميًا في يوليو، ستحقق رقمًا قياسيًا جديدًا". وذكر مصدر آخر، أن هناك الكثير من الخيارات المتاحة في السوق لتحل محل النفط الإيراني، قائلًا: "هناك شركات وتجار مستعدون لتقديم مخزون لمدة 60 يومًا، حيث يتوفر النفط الخام في السوق". ولزيادة مبيعاتها إلى الهند، قدمت إيران مؤخرًاعرضًا بتوفير شحن مجاني وفترة ائتمان ممتدة حتى 60 يومًا، حيث ذكر مصدر في صناعة النفط الهندية "يمكننا أن نشتري نفط العراق أو السعودية أو الكويت ليحل محل النفط الإيراني، فالعثور على بدائل أمر لا يمثل مشكلة، لكن يجب أن نبحث عن أفضل قيمة اقتصادية".