10 أيام فقط على فتح باب حجز 1150 شقة سكنية وفندقية، بالمرحلة الأولى لأبراج مدينة العلمين الجديدة -المملوكة لوزارة الإسكان- كانت كفيلة بإحداث صدمة قوية ليس فى السوق العقارى وحده، وإنما داخل فئات كثيرة بالمجتمع، نظرا لكون سعر أصغر وحدة مطروحة للبيع -غرفة واحدة 90 مترا- يقترب من 3 ملايين جنيه، ووصل سعر أكبر وحدة -350 مترًا- إلى 12 مليون جنيه، فسعر المتر يتراوح بين 30 و35 ألف جنيه، وبمقدمات حجز تصل ل500 ألف جنيه. ورغم الارتفاع الجنونى فى أسعار الوحدات، فإن الطرح الأول لأبراج العلمين الجديدة، شهد إقبالاً ملحوظًا، فى الفروع الثلاثة لشركة سيتى إيدج المسئولة عن تسويق المشروع، المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وبنك التعمير والإسكان. فهل تثير هذه الأسعار -لمدينة ما زالت تخطو خطواتها الأولى- جنونًا كبيرًا فى أسعار الوحدات السكنية فى السوق العقارى؟ وهل أصبحت الدولة مستثمرا عقاريا همه الأول تحقيق الربح؟ وما دور الدولة الحقيقى فى ملف الإسكان؟ وإذا كانت الدولة تبيع بهذه الأسعار وهى مالكة الأراضى فكيف الحال بالقطاع الخاص؟ العلمين الجديدة.. هل تكتب مستقبل لمصر؟ تقع العلمين الجديدة بالساحل الشمالى الكيلو 34 غرب الإسكندرية حتى الحدود الغربية لمصر، يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط وجنوبا خط كنتور 200، وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 48130.82 فدان ويبلغ عدد السكان المستهدف نحو 3 ملايين نسمة. تقع بجوار مطارى العلمين وبرج العرب، لها واجهة شاطئية 14 كيلومترا، وعمق 14 كيلومترا، ستضم 14 حيا سكنيا ومنطقة صناعية ولوجيستية بمساحة 8 آلاف فدان، والأنشطة الاقتصادية ستوجد فى منطقتين، الأولى الغربية على الساحل، والثانية منطقة الأبراج، والهدف أن تستوعب من 20 إلى 25 ألف غرفة فندقية. تم تخصيص مبلغ 3 مليارات جنيه من موازنة الهيئة للبدء فى تنفيذ المرحلة الأولى من محطة تحلية مياه الشرب بطاقة 100 ألف متر مكعب فى اليوم، وتطوير الطريق الساحلى «إسكندرية - مطروح»، من الكيلو 93 حتى تقاطعه مع طريق وادى النطرون - العلمين، بقيمة 320 مليون جنيه، وإنهاء أعمال الطرق الرئيسية والبحيرات الشاطئية، وتطوير مدينة العلمين القائمة وتضمينها ضمن التخطيط العام. سيتى إيدج.. تسوّق وتدير كشف عمرو القاضى، الرئيس التنفيذى لشركة «سيتى إيدج» - المملوكة للدولة- والمسئولة عن إدارة تطوير والإشراف على الإنشاءات وتصميم وتنفيذ العلامة التجارية والتسويق والمبيعات، وخدمة ما بعد البيع والصيانة لأبراج العلمين الجديدة، أن الأبراج الخمسة بارتفاع يصل ل40 دورا، يضم كل برج 230 وحدة سكنية، تطل واجهتها الأمامية على البحر مباشرة والخلفية على بحيرة صناعية، بإجمالى عدد الوحدات نحو 1150 وحدة سكنية وإدارية. كانت هيئة المجتمعات العمرانية، وقعت بروتوكول تعاون مع شركة سيتى إيدج للتطوير العقارى، لتكون الشركة مسؤولة عن تسويق مشروعات الهيئة المختلفة، ضمن مدن العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، والعاصمة الإدارية، على أن تحصل على نسبة 9% بحد أقصى لكل مشروع ضمن البروتوكول. وتمتلك هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة 60% من الشركة، وبنك الإسكان والتعمير بنسبة 38%، والشركة القابضة للاستثمار والتنمية بنسبة 2%. وقالت مصادر ل«التحرير»، إن مقدمات الحجز تبدأ من 150 ألف جنيه، للوحدة المكونة من غرفة واحدة، و200 ألف، لوحدة الغرفتين، و300 ألف جنيه لوحدة ال3 غرف، و500 ألف لوحدة ال4 غرف، كما تصل مصاريف الصيانة إلى 5% ومصاريف التنازل عن الوحدة إلى 5% أيضًا، بينما أسلوب السداد، سيكون عبارة عن دفع جدية الحجز، وبعد ثلاثة أشهر استكمال سداد 10% من ثمن الوحدة، ثم تقسيط الباقى لمدة 7 سنوات، مشيرة إلى أنه تم إسناد تنفذ عملية بناء الأبراج ل6 شركات، هى (أبناء حسن علام، المقاولون العرب، أوراسكوم، درة، رديكون، سياك). مش محتاجين أبراج أكد المهندس حسين صبور، رئيس شركة الأهلى للتنمية العقارية، أن هذه الأسعار غير طبيعية، ولا يعلم أسباب التسعير بها، مبديًا استغرابه الشديد أيضًا لجدوى إنشاء أبراج سكنية بالمدينة الجديدة، قائلاً: «هل نحن نحتاج أبراجا تطل على البحر، فمن المفترض بناء الأبراج فى المناطق المزدحمة التى تعانى من ندرة فى الأراضى، فهل الصحراء الغربية بها ندرة فى الأراضى، وتعانى من الازدحام.. قطعًا لا، أم أنها تحتاج للتوسع الأفقى». وأضاف صبور، فى تصريحات خاصة ل«التحرير» أنه من المفترض أن دور الدولة الرئيسى هو توفير مساكن للكادحين وغير القادرين والقضاء على العشوائيات، وليس التحول لمستثمر عقارى، مشيرًا إلى أن الدولة هى المحتكر الوحيد للأراضى القادر على بيعها للقطاع الخاص، والاحتكار يسبب الأضرار للمستهلك، بخلاف عدم وضوح الرؤية للمستثمر، وهذا عكس ما كان موجودًا قديمًا، حيث كان هناك عدد من الشركات التى تقوم بتوصيل المرافق للأراضى وطرحها على المستثمرين، منها شركة «مصر الجديدة، والمعادى، وغيرها»، وهنا كان يقارن المستثمر بين الأسعار ويختار الأفضل له. ليس بالسمسرة تُجنى الأموال قال خبير التخطيط الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى جامعة القاهرة الأسبق، إن ما يحدث ليس له أدنى علاقة بالتنمية العمرانية للدولة، فالتنمية تعنى استثمار الموارد فى صالح المجتمع، ثم تحديد الأولويات بشكل واضح وبطريقة تتناسب مع ظروف المجتمع، لبدء تحقيقها، ثم يأتى دور المشاركة المجتمعية، ولا أعتقد أن بناء أبراج بالعلمين الجديدة من ضمن الأولويات. وأضاف العلايلى فى تصريحات خاصة، أننا أمام وزير إسكان -ورئيس حكومة- جّل ما يسعى إليه هو تحقيق أكبر عائد من الربح، وليس من شأنه الأولويات أو إشعال السوق العقارى، مستنكرًا الاستعراض باستخدام مصطلحات لتضخيم المشروعات مثل أكبر حديقة وأكبر نهر وأعلى برج، وغيرها من المصطلحات. واختتم عميد كلية التخطيط العمرانى جامعة القاهرة الأسبق حديثه قائلاً: «جلب الأموال من المفترض أن يأتى من الإنتاج، وليس من السمسرة فى الأراضى والعقارات». زيادة موارد الدولة وفى المقابل يرى الدكتور مازن حسن، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية لقطاع الشئون المالية والإدارية، أن الهيئة تأخذ على عاتقها تنمية وتنفيذ غالبية المشروعات القومية فى مصر، بداية من العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، ومدينة ناصر الجديدة، وتوصيل البنية الأساسية للمدن الجديدة من مرافق وطرق. وأكد حسن أن الهيئة بدأت المشاركة مع القطاع الخاص فى مشروعات استثمارية وطرح مشروعات سكنية لشرائح مختلفة، بهدف زيادة موارد الدولة، لتوفير الأموال اللازمة لبناء ودعم مشروع الإسكان الاجتماعى، وتطوير المناطق العشوائية، وتوصيل المرافق والخدمات للمناطق والمشروعات الجديدة، وهذا توجه إيجابى. أهداف هيئة المجتمعات العمرانية وتذكر هيئة هيئة المجتمعات العمرانية على صفحتها الرسمية، أنها تهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، التى نادت بها ثورتا يناير 2011 ويونيو 2013 لتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان حياة كريمة لكافة المواطنين من خلال توفير مجتمعات عمرانية وسكنية، متكاملة الخدمات تضم وحدات الإسكان المناسبة لكافة فئات المجتمع، والمرافق الخاصة بها، بالإضافة إلى الخدمات التعليمية والصحية والثقافية والترفيهية. كما أنها -الهيئة- تولى اهتماما شديدا بوضع حلول جذرية لمشكلة المناطق العشوائية غير الآمنة وتطوير المناطق غير المخططة ودمجها مع المناطق العمرانية والمخططة بالمدن المصرية، وتستهدف من خلال برنامجها ومشروعاتها زيادة مساهمة القطاع فى نمو الناتج الإجمالى المحلى وخلق مئات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وخلق مراكز حضارية جديدة تحقق الاستقرار الاجتماعى والرخاء الاقتصادى، وإعادة توزيع السكان بعيدا عن الشريط الضيق لوادى النيل، وإقامة مناطق جذب مستحدثة خارج نطاق المدن والقرى القائمة، مد محاور العمران إلى الصحراء والمناطق النائية، والحد من الزحف العمرانى على الأرضى الزراعية.