أنهت الولاياتالمتحدةوالصين المحادثات التجارية بينهما، في بكين يوم الأحد، دون التوصل لأي اتفاقات، وسط رفض المسؤولين الصينيين الالتزام بشراء المزيد من السلع الأمريكية، دون موافقة إدارة ترامب على عدم فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية. وقالت الصين في بيان وزعته وكالة الأنباء الرسمية إنه "إذا أقدمت الولاياتالمتحدة على إجراءات تجارية، بما في ذلك زيادة في الرسوم الجمركية فإن نتائج المفاوضات الاقتصادية والتجارية التي توصل إليها الطرفان لن تدخل حيز التنفيذ". وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن هذا المأزق دفع إدارة ترامب إلى طريق مسدود بخصوص ما يجب فعله بشأن السياسات الصناعية الصينية. كما عقّد من موقف البلدين في قضية محرجة لكل منهما، وهي مشكلة شركة الاتصالات الصينية "زي تي إي"، التي انتهكت العقوبات الأمريكية ضد كوريا الشمالية وإيران. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أرسل فريقا بقيادة وزير التجارة ويلبر روس، بما في ذلك كبار المسؤولين من وزارة الخزانة ووزارة الزراعة، لحضور المحادثات. اقرأ المزيد: رغم اتفاق الصين وأمريكا.. شبح الحرب التجارية ما زال قائمًا وغاب عن الاجتماع كبار المسؤولين من مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، الذي هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25٪ على السلع الصينية بقيمة 50 مليار دولار سنويًا، بالإضافة إلى التعريفات المفروضة بالفعل على صادرات الصين من الألومنيوم والصلب بقيمة 3 مليارات دولار سنويًا. وكان السيد ترامب قد أكد خطط إدارته لمواجهة الصين تجاريًا، عندما كتب على تويتر في الوقت الذي كان فيه الفريق الأمريكي في بكين: "عندما تواجه عجزًا تجاريًا بما يقرب من 800 مليار دولار سنويًا، فلا يمكنك خسارة حرب تجارية حينها!". ولكن في نهاية المفاوضات، رفض مسؤولو بكين التعهد بأي عمليات شراء إضافية من الولاياتالمتحدة دون الحصول على موافقة أمريكية لحل القضايا التجارية العالقة. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه إذا فرضت الولاياتالمتحدة الرسوم الجمركية، فإن بكين سترد من خلال فرض رسوم جمركية على قيمة مساوية من فول الصويا والسلع الأمريكية الأخرى، وهو ما يمثل أكثر من ثلث الواردات الصينية من البضائع الأمريكية. بالإضافة إلى الخلاف حول الرسوم الجمركية، أعرب المسؤولون الصينيون عن قلقهم بشأن مشكلة شركة "زد تي إي"، وهي شركة اتصالات ضخمة تضم نحو 70 ألف موظف، وقد انخفضت مبيعاتها بشكل كبير الشهر الماضي، بعد أن أمر مكتب الصناعة والأمن الأمريكي، الشركات الأمريكية بالتوقف عن بيع الرقاقات الدقيقة والبرمجيات إلى "زد تي إي" لمدة سبع سنوات. اقرأ المزيد: هل ينجح فريق ترامب في وقف الحرب التجارية مع الصين؟ وكان ترامب قد قال في تغريدة قبل ثلاثة أسابيع، إن وزارة التجارة يجب أن تعيد النظر في العقوبات الأمريكية على "زد تي إي"، دون أي تنازل صيني واضح في المقابل. وتسبب وصول روس والفريق الأمريكي إلى بكين، في حالة من التفاؤل في الصين، بأن هذه القضية يمكن تسويتها دون أي تنازلات كبيرة من جانب بكين. وقال أندرو جيلهولم، محلل الشأن الصيني في شركة "كونترول ريسكس"، وهي شركة للاستشارات السياسية والأمنية: "المسؤولون الصينيون يعرفون أن هذه المحادثات محفوفة بالمخاطر، لكنهم يقللون من التكلفة السياسية الداخلية التي يواجهها ترامب في حالة رفع الحظر المفروض على «زد تي إي» دون تنازلات كبيرة من الصين"، وأضاف أنه "إذا استمر الحظر، فإن انتقام بكين سوف يتوسع بالتأكيد". وتساءلت وسائل الإعلام الحكومية الصينية عن سبب فرض حظر على "زد تي إي" في الولاياتالمتحدة، مشيرة إلى علاقات الشركة مع كوريا الشمالية وإيران. حيث تعد علاقات الشركة بكوريا الشمالية غير ملائمة سياسيًا للصين، حيث تزعم بكين أن تطبيق الصين للعقوبات الدولية ضد كوريا الشمالية ساعد على تمهيد الطريق لعقد القمة المرتقبة بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في سنغافورة. وصوّرت وسائل الإعلام الصينية التابعة للدولة قرار حظر "زد تي إي" على أنه من صنع وزير التجارة الأمريكي، وأشارت إلى أنه مجرد ورقة ضغط في المفاوضات التجارية بين البلدين. اقرأ المزيد: من المستفيد من الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟ واستبعدت "نيويورك تايمز" هذه الفرضية، حيث قالت إنه على الرغم من أن مكتب الصناعة والأمن، تابع لوزارة التجارة، إلا أنه يتمتع باستقلالية كبيرة، ولعبت الوكالة دورا مركزيا لعقود في محاولة منع العراق وإيران من الحصول على تكنولوجيا الأسلحة النووية. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن استمرار الخلافات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين قد يؤدي إلى وقوع المزيد من الضغط على نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، الحليف المقرب من الرئيس الصيني شي جينبينج. وينظر إلى ليو، وهو خبير اقتصادي، على أنه واحد من المعتدلين القلائل في الحكومة الصينية، التي يهيمن عليها بشكل متزايد دعاة زيادة سيطرة الدولة على الاقتصاد. وقال جيمس زيمرمان الشريك في مكتب بكين بشركة "بيركنز كوي" للمحاماة، والرئيس السابق لغرفة التجارة الأمريكية في الصين، "إن استراتيجية ترامب لا تقدم أي فائدة للمعتدلين مثل ليو هي، الذين يتوقون إلى دفع الصين لتطبيق المزيد من الإصلاحات المالية، والتي قد تكون مفيدة للمصالح التجارية الأمريكية".