عندما أصبح مايك بومبيو مديرًا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في العام الماضي، وضع كوريا الشمالية وبرنامجها النووي المبهم، نصب عينيه. وقال بومبيو في يناير 2017، "في غضون أسابيع من مجيئي إلى هنا، أنشأت مركزًا للقضية الكورية، وتشاورت مع قائد كبير متقاعد، وأعدته ليدير المركز"، لم يذكر بومبيو اسم ذلك القائد البارز، لكنه كان يشير إلى أندرو كيم، وهو كوري أميركي نشأ في كوريا الجنوبية. وأشارت إذاعة "إن بي آر" الأمريكية، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعجب بمبادرة بومبيو تجاه كوريا الشمالية، وقرر إرساله إلى هناك بصحبة أندرو كيم، في رحلة سرية في أبريل الماضي، للتحضير للقمة المحتملة بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون التي قد تكون الأولى بين قادة البلدين. وبشكل عام، كثيرا ما تشارك وكالة الاستخبارات المركزية في التحضير للقمم الرئاسية، من وراء الكواليس، لكن رؤساء وكالات التجسس في الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية يلعبون دورا بارزا بشكل غير عادي في هذه القمة. وقال جوزيف ديتراني وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، كان مبعوثا خاصّا للرئيس الأسبق جورج بوش الابن للمفاوضات النووية مع كوريا الشمالية منذ 2003، إنه "من الواضح أن بومبيو يمثل شيئًا فريدًا للغاية بالنسبة للرئيس، إذ تولى مركزا قياديا في إدارة قضية كوريا الشمالية سابقًا، وهو ما يفعله الآن أيضًا". اقرأ المزيد: هل تنهي دبلوماسية «البرجر» أزمة كوريا الشمالية؟ وبعد أن أصبح بومبيو وزيرا للخارجية قبل شهر، قام برحلة ثانية لقاء كيم جونج أون في كوريا الشمالية، ولم يظهر في اجتماع بومبيو مع كيم في التاسع من مايو الماضي، أي أمريكي آخر سوى أندرو كيم. وأعربت لورا روزنبرجر التي عملت على قضية كوريا الشمالية في مجلس الأمن القومي وفي وزارة الخارجية، عن تحفظها على هيمنة مسئولي الاستخبارات على هذه المفاوضات. وقالت روزنبرجر زميل صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة في واشنطن إنه "لا ينبغي أن تكون العملية السياسية مدفوعة من قبل مجتمع الاستخبارات". وأضافت أن "وزارة الخارجية كانت في صدارة تلك المفاوضات في السابق، وعلى الرغم من أننا لا نملك علاقات دبلوماسية مع كوريا الشمالية، إلا أنه لا يزال لدينا القدرة على إيجاد طرق للتواصل معهم". إلا أن الإذاعة الأمريكية أكدت أن وزارة الخارجية منخرطة بعمق في التحضيرات الحالية للقمة، لكن بومبيو وأندرو كيم اجتمعا مرة أخرى في نيويورك في حفل عشاء ليلة الأربعاء، وفي محادثات يوم الخميس مع كيم يونج تشول المدير السابق للاستخبارات الكورية الشمالية، والرجل الأقرب لكيم جونج أون. اقرأ المزيد: كيف تتمكن كوريا الشمالية من تمويل وارداتها رغم العقوبات؟ ويخطط بومبيو وكيم جونج تشول للقاء مرة أخرى في واشنطن يوم الجمعة، إذ قال بومبيو إن كيم جونج تشول سينقل رسالة من كيم جونج أون إلى ترامب. وعلى الجانب الكوري الجنوبي أيضًا، فإن الرجل المسؤول عن القمة هو رئيس الاستخبارات الوطنية في البلاد، سوه هون، وقد نظم جميع الاجتماعات الثلاثة بين قادة كوريا الجنوبيةوكوريا الشمالية، في عامي 2000 و 2007، بالإضافة إلى القمة الأخيرة في أبريل. وتساءلت "إن بي أر" أنه مع مشاركة كل هؤلاء "الجواسيس" في التحضير للقمة، هل يمكن الاعتماد على المعلومات الاستخبارية الأمريكية عن كوريا الشمالية؟ وقال بومبيو في كلمته التي ألقاها في يناير "ما زلنا نعاني من وجود أمور مجهولة"، مضيفا " أود أن اعترف من البداية، أن كوريا الشمالية هدف صعب، لكننا لن نجلس مكتوفي الأيدي". وأشار بروس بينيت الباجث في مؤسسة "راند" إلى أن العديد من المعلومات الهامة عن البرنامج النووي لكوريا الشمالية مازالت غامضة. وأضاف بينيت الذي سافر إلى كوريا الجنوبية أكثر من مئة مرة، ويتابع الشأن الكوري الشمالي عن كثب أن "السؤال الاساسي بشأن الأسلحة النووية هو كم عدد منشآت تخصيب اليورانيوم التي يملكونها، لكننا لا نعرف ذلك". اقرأ المزيد: رئيس المخابرات السابق في كوريا الشمالية يزور الولاياتالمتحدة وأشار إلى أن السؤال المهم الآخر هو "كم عدد الأسلحة النووية التي تمتلكها كوريا الشمالية؟"، مجيبًا أن "بعض الخبراء يقولون إن هناك مكان ما يضم 15 إلى 40 سلاحا نوويا، وتنقل تقارير صحفية عن مجتمع الاستخبارات امتلاك بيونج يانج 30 إلى 60 سلاحا نوويا". وقال "أعتقد أن علينا أن نتحقق من هذه الشكوك". إذن ما هي احتمالات حدوث تطور في قضية كوريا الشمالية؟ قال ديتراني الضابط السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "أنا متفائل بحذر، أعتقد أن كيم جونج أون اتخذ قرارا استراتيجيا لمتابعة المحادثات"، مضيفًا "لا أعتقد أنه يجب أن تكون هناك عملية طويلة ومستمرة، أعتقد أن هناك أشياء يمكن القيام بها في فترة قصيرة نسبيا". في إشارة إلى وضع نهاية رسمية للحرب الكورية، وإنشاء بعثات دبلوماسية في البلدين، والتنمية الاقتصادية لكوريا الشمالية، وفي المقابل، يمكن أن تقوم كوريا الشمالية بالكشف عن كل منشآتها النووية، والسماح بإجراء عمليات تفتيش دولية، وأضاف أن الهدف النهائي وهو اتفاق نووية شامل قد يأخذ المزيد من الوقت. إلا أن لورا روزنبرجر كانت أكثر تشككًا، إذ قالت "لقد راقبنا الكوريون الشماليون ونحن نتوصل لاتفاقات ونتراجع عنها مرة أخرى" في إشارة للاتفاق النووي الإيراني. اقرأ المزيد: كيف نجح زعيم كوريا الشمالية في إخضاع ترامب لعقد القمة؟ وأشارت إلى أن كيم جونج أون، الذي نادرًا ما يلتقي بقادة آخرين، قد حسّن مكانته الدولية مؤخرًا بالاجتماع مرتين مع الرئيس الصيني شي جينبينج، واللقاء مرتين بالرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، واستقبال بومبيو مرتين. وقالت إن "أحد الأشياء التي يريدها الكوريون الشماليون هي الشرعية، وقد تمكن كيم جونج أون من الحصول على ذلك بالفعل"، وأضافت أن إقناعه بالتخلي عن أسلحته النووية، أو مجرد الإعلان عن أعدادها ستكون عملية طويلة وصعبة.