كتب: بهاء محمود تتجدد من حين لآخر مزاعم الغرب حول امتلاك نظام الأسد لأسلحة كيميائية، يستخدمها ضد المدنيين عبر ثلاث حوادث كبرى جاءت في عامي 2013 و2018، حيث قررت الدول الغربية من جانبها الإقدام على ضرب النظام السوري للحد من قدرته على حد زعمهم، ويأتي ذلك في سياق تحقيق الجيش السوري النظامي انتصارات في الغوطة الشرقية وغيرها من المدن السورية، بينما تزعم تقارير أخرى أن بعض الجماعات الإسلامية قد استطاعت الاستيلاء على بعض الأسلحة الكيميائية، ونسعى في هذا التقرير الوقوف على حقيقة الأطراف التي تمتلك الأسلحة الكيمائية في سوريا. جذور الاتهامات لبشار الأسد تعود أصل الاتهامات الموجهة لسوريا حول امتلاكها أسلحة دمار شامل إلى حقبة الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص منذ عام 1973، وتشير التقارير التي في أغلبها غربية إلى مساعدة دول أرمينيا وكوريا الشمالية ومصر وروسيا للنظام السوري لإنتاج الغازات القاتلة، خاصة غازات الأعصاب. وحسب تصنيف الأسلحة الكيمائية الخطرة فإن هناك نوعين منها لدى سوريا؛ الأولي هي غازات أعصاب قاتلة مثل غاز السارين، والثانية عبارة مواد خطرة دورها إحداث إصابات خطرة للإنسان، في هذا السياق يري الخبير الاستراتيجي اللواء أركان حرب "ممدوح عطية" مستشار الحرب الكيميائية بأكاديمية ناصر العسكرية: أن غالبية دول العالم لديها غازات حربية، وخاصة غازات الأعصاب والغازات المسيلة للدموع (غاز الكلوروفينون)، والتي تستخدمها في تفريق المتظاهرين، وعلى الرغم من أنها غازات غير قاتلة، إلا أن تأثيرها قد يكون كبيرا، وقد يحدُث اختناقا لدى مَن تُطلق عليهم هذه الغازات، غير أن أثرها يزول في نهاية الأمر بعمل بعض الإسعافات السريعة". ومن ثم فإن وجود غازات مثل هذا النوع يعد أمرا إلى حد ما عاديا، خاصة أن دولا كثيرة لم توقع على معاهدة حظر الأسلحة الكيمائية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1997، ومن أبرز هذه الدول إسرائيل. وحين نشطت سوريا والعراق وسعت لامتلاك بعض هذه الغازات لاستخدامها في بعض الأنشطة غير الضارة؛ أصر الخطاب الغربي على ضرورة عقاب الدولتين. مراحل تطور استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري خلال الفترة من 2011 وحتى حادثة الكيماوي في دوما، هناك ثمة مراحل مر بها استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري، وهذا في ظل اتهامات متبادلة بين فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من الغرب من ناحية ومن ناحية أخرى بين قوات الجيش النظامي السوري. ويمكن القول إن المرحلة الأولى جاءت في إطارين، الأول مرتبط بظهور تنظيم داعش في سوريا والعراق وسيطرته هو وبعض الفصائل المسلحة مثل جبهة النصرة وجيش الإسلام على مخازن ومستودعات للأسلحة الكيمائية في سوريا والعراق وخاصة الأخيرة والتي عرف عنها استخدام الأسلحة الكيمائية في حربها ضد إيران، والإطار الثاني بدأ في أواخر عام 2012 واتهام النظام السوري باستخدام غاز السارين في محافظات سورية حتى يجبر النظام الدولي للتفاوض معه، وخلال هذه الفترة دعت روسياسوريا للتنازل عن امتلاك أي أسلحة كيمائية، رغم أنه لم يثبت واقعيا أن النظام من قام باستخدام الأسلحة، وسرعان ما طالبت سوريا بالانضمام لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، ووافقت أمريكا على مضض، عبر اتفاقية مع روسيا، انتهت باعتراف المنظمة في نهاية 2014 بخلو سوريا من أي أسلحة كيميائية. المرحلة الثانية جاءت في أبريل 2017 في خان شيخون، وراح ضحيتها نحو 90 شخصا فيما هاجمت القوى الدولية نظام الأسد متهمة إياه بالتحايل، وإخفاء أسلحة كيميائية بواسطة حلفائه من حزب الله وإيران، يتزامن ذلك مع قدرة الجيش السوري على تحرير العديد من المدن الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، والضربات الموجهة من قوات التحالف الدولي لبعض مقرات داعش، وغيرها من التنظيمات الإرهابية، في ظل ثبوت تدمير الضربات لعدد من مستودعات للأسلحة الكيميائية التابعة لجبهة النصرة وجيش الإسلام. المرحلة الثالثة، تجلت بعد إعلان النظام السوري سيطرته على الغوطة الشرقية، أحد أكبر معاقل المعارضة المسلحة، وقبيل مفاوضات بين روسيا وجيش الإسلام، حول خروج قوات جيش الإسلام من مدينة دوما في الغوطة الشرقية، ظهرت مقاطع من اليوتيوب على يد ناشطين منتمين للمعارضة السورية بدت فيها صور لأشخاص مصابين بأعراض خطرة من غازات كيميائية، واستباقا للأحداث نفذت دول فرنسا وبريطانيا وأمريكا حوالي 103 ضربات جوية تحت زعم الحد من قدرة النظام لامتلاك واستخدام أسلحة كيميائية، دون أي تحقيق دولي، أو حتى تقرير من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وذلك رغم إعلان الولاياتالمتحدة نفسها قبل توقيت الضربات أنها لا تمتلك دليلا حول تورط النظام السوري للأسلحة الكيميائية. الخلاصة: من اللافت للنظر عبر 7 سنوات من الصراع السوري أن في الغالب يقوم الغرب بالإقدام على ضربات للنظام السوري وتوجيه الاتهامات له بقتل المدنيين واستخدام الأسلحة الكيميائية، دون أن يكون هناك أي تحقيقات جادة، وغالبا ما تحدث التحقيقات بشكل لاحق للضربات، كذلك إغفال المجتمع الدولي لعمليات دعم المعارضة المسلحة والحركات الإرهابية من قبل دول إقليمية وغربية، وتورط تلك الجماعات في استخدام أسلحة كيميائية أيضا، تزامنا مع الهزائم التي تلقتها تلك الجماعات، وفيما نبرز بعض الأدلة التي توضح مدى امتلاك النظام السوري من عدمه للأسلحة الكيميائية: - في وقت سابق تم اعتقال بعض مقاتلي جبهة النصرة من جانب القوات التركية وبحوزتهم مادة السارين القاتلة، والمشاع استخدامها في سوريا، وبعض وقت قليل تم الإفراج عنهم بدون أسباب مقنعة، وهو ما عاد بهم للأراضي السورية مرة أخرى. صدر تقرير من وكالة الاستخبارات الأمريكية في فترة انضمام سوريا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يثبت توسع جبهة النصرة في الحصول على أسلحة كيميائية، ويؤكد تورط دول مثل تركيا وقطر في دعمها.