أرسلت روسيا 4 من أحدث طائراتها من طراز "سوخوي - 57" إلى سوريا، في إطار دعمها لنظام بشار الأسد حليفها الرئيسي في المنطقة، ولكن الطائرات تم إرسالها دون اختبارها بشكل كامل. قد تضطر الدول في أوقات الحرب لإرسال أسلحتها إلى الميدان دون اختبارها، إلا أن وضع روسيا مختلف، فالوضع في سوريا ما هو إلا صراع، حيث تقصف فيه الطائرات الروسية جيوب المعارضة بأريحية دون معاناة تذكر. وترى صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أنه ليس هناك مبرر عسكري كاف يدفع روسيا لأن تنشر مجموعة من أحدث مقاتلاتها "الشبح"، والتي لم تُختبر بشكل كامل حتى الآن، في سوريا. وقامت طائرات "سوخوي 57" بطلعتها الأولى في يناير 2010، ومنذ ذلك الحين لم يتم إنتاج سوى 10 نماذج أولية فقط من الطائرة، المغطاة بمواد ماصة لأشعة الرادار، لتصبح أول مقاتلة من طراز "الشبح" تدخل الخدمة في سلاح الجو الروسي. كما لن تحمل هذه الطائرات عدد كاف من صواريخ "جو - أرض"، لأنها ستضطر لحمل صواريخ "جو - جو" للدفاع عن النفس، مما يجعلها غير فعالة في عمليات القصف التي تعد المهمة الرئيسية للطيران الروسي في سوريا. وتعد المهمة الرئيسية للمقاتلات الشبح هي استهداف المناطق الهامة المحمية ببطاريات مضادة للطائرات، وذلك باستخدام ميزاتها في اختراق هذه الدفاعات وتنفيذ الضربات الدقيقة، ولاتحتاج روسيا كل هذه القدرات المتقدمة في سوريا. لا تملك قوات المعارضة في سوريا سوى بعض قاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف من الحقبة السوفيتية، والتي سجلوا بها بعض النجاحات ضد طائرات النظام السوري التي تحلق على ارتفاع منخفض. ولكن هذا لم يًمكن المقاومة من ردع الطائرات الروسية، التي عادة ما يقصفون بواسطتها من ارتفاعات تتجاوز نطاق هذه الصواريخ، لذا طائرات "سوخوي 57" ليست ضرورية ضد هذه المقاومة الضعيفة. وتساءلت الصحيفة الإسرائيلية، عن السبب الذي دفع روسيا لاتخاذ خطوة غير مسبوقة، بإرسال أربعة من النماذج الأولية القيمة من مقاتلتها الجديدة إلى سوريا، وتعطيل برامج اختبارها قبل التحقق من القدرة التشغيلية الأولية. يرى بعض الخبراء أنه تم نشر مقاتلات "سوخوي 57" في سوريا، من أجل تدريب أطقم الهواء والصيانة، وإشراكهم في تجربة قتالية باستخدام طائرة جديدة. ولكن "هاآرتس" تعتقد أن هذا التفسير غير منطقي في هذه المرحلة من عمليات تطوير الطائرة، والتي لم يتم توفيرها حتى إلى القوات الجوية الموجودة في روسيا، فهي لا تزال تفتقر إلى المعرفة الأساسية لكيفية استخدام الطائرات الشبح وسوف تحتاج عدة أشهر، إن لم تكن سنوات، لاكتساب خبرة استخدام هذه الطائرات بكفاءة. وهناك نظرية أخرى أثيرت في الأيام الأخيرة، وهي أن تم نشر طائرات "سوخوي 57" لمواجهة الضربات الجوية الأمريكية ضد المرتزقة الروس في شرق سوريا، مثل تلك التي وقعت في وقت سابق من هذا الشهر، والتي أسفرت عن مقتل نحو 200 منهم. وهو تفسير آخر غير موضوعي، فالولايات المتحدة لديها قوات جوية لا يمكن منافستها في المنطقة، ومن ضمنها مقاتلات الشبح "إف 22"، لذا لا يمكن مقارنتها بأربعة نماذج أولية من المقاتلة الروسية التي لم يتم اختبارها من قبل، فآخر ما يرغب الكرملين فيه هو إهانة أحدث طائراتها على يد الطائرات الأمريكية. وأشارت الصحيفة إلى أن نشر طائرات "سوخوي 57" في سوريا، لا يعطل برنامج الاختبار لأشهر عدة فقط، ولكنه من الممكن أن يتسبب في الكشف عن بعض القدرات الفريدة من نوعها للمقاتلة. حيث ستركز كل أنظمة الرادار في محيط قاعدة حميميم الروسية في روسيا، على اكتشاف مقاتلات "سوخوي 57"، والحصول على قراءات من رادارتها وأجهزة الاستشعار الخاصة بها. وفي إشارة إلى الأسباب الحقيقية لنشر مقاتلات "سوخوي 57" في سوريا، قالت "هاآرتس" إن الحملة الروسية في سوريا بدأت تفقد شعبيتها في روسيا، وذلك قبل انتخابات الرئاسة الروسية، المقرر إقامتها خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. فليس هناك أدنى فرصة أن يخسر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتخابات، حيث لا يوجد أي مرشح قوي ضده، لكن حملته في حاجة إلى صور مثيرة للحرب في سوريا، ولن يكون هناك صورة أفضل من صور أحدث المقاتلات التي تدك مواقع الأعداء في سوريا. لتؤكد الصحيفة الإسرائيلية في النهاية، على أنه ليس هناك أي سبب مقنع لإرسال مقاتلات "سوخوي 57" إلى سوريا، سوى تعظيم مجد فلاديمير بوتين.