خبير استراتيجي: الحكومة الأثيوبية أكبر المتضررين من غياب العمودي كتب: ربيع السعدني - أمل نبيل ما تزال أصداء الزلزال الكبير الذي هزّ أرجاء المملكة العربية السعودية بإعتقال 11 أميرًا من العائلة المالكة و38 وزيرًا ونائبي وزير حاليين وسابقين، وأسماء أخرى بارزة ضمتها القائمة، كجزء من حملة مكافحة الفساد التي بدأها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان من بينهم رجل الأعمال السعودي الملياردير محمد حسين العمودي، المقيم في أثيوبيا والذي يعد أحد أكبر الممولين لمشروع بناء سد النهضة الأثيوبي على خلفية تورطه في قضايا فساد مالي داخل وخارج المملكة. ويعتبر العمودي، الذي ولد في إثيوبيا، من أم أثيوبية وأب يمني من منطقة حضرموت، أكبر مستثمر فردي في إثيوبيا، ويمتلك مصالح عديدة هناك، تعمل في قطاعات الفنادق ومناجم الذهب والإسمنت، وزراعة الذرة والأرز، وتقدر ثروته بنحو 13.5 مليار دولار وساهم بما يقرب من 90 مليون دولار في مرحلة البنية التحتية لبناء سد النهضة الأثيوبي، بحسب ما أعلن عبر موقعه على الإنترنت في سبتمبر 2011. وترجح تقارير إعلامية أسباب إيقاف العمودي إلى تورطه في الحصول على اعتمادات بلغت قيمتها 4 مليارات دولار من صندوق الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي لتمويل مشاريع زراعية للأرز في إثيوبيا، وبناء رصيف مينائي في إريتريا لتصدير هذا الأرز إلى السعودية. خبر اعتقال العمودي، أول من تبرع في حملة تمويل سد النهضة التي دشنها رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميلس زيناوي، بتهمة الفساد أثار تساؤلات عديدة حول تأثير ذلك على استكمال بناء سد النهضة الإثيوبي الذي تخشى مصر من تأثير بنائه على حصتها السنوية من المياه، الأمر الذي قد يؤدي إلى موت جزء من أراضيها الزراعية الخصبة، إذ أن السد يوفر أكثر من 90% من إمدادات المياه في مصر، ووفقًا لدراسة أجراها أستاذ زراعي في جامعة القاهرة فإن مصر ستفقد 51% من أراضيها الزراعية بما يعادل 200 ألف فدان إذا ما تمت عملية تعبئة الخزان خلف السد الإثيوبي خلال 3 سنوات . يقع السد الإثيوبي في منطقة "بينيشانغول"، وهي أرض شاسعة جافة على الحدود السودانية، تبعد 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا، وتكلف المشروع حتى الآن نحو 4.7 مليار دولار، وتصل سعته التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب، وهي تعادل حصتي مصر والسودان السنوية من مياه النيل. ويرى خبراء مختصون في الشأن المائي أن خبر توقيف العمودي من قبل السلطات السعودية عبر لجنة مكافحة الفساد السعودية على خلفية تورطه في قضايا فساد داخل وخارج المملكة، سيكون له تداعيات على تمويل مشروع "سد النهضة"، كما رأوا أنه سيؤثر على مختلف استثمارات الملياردير السعودي في أديس أبابا، باعتباره أحد أكبر المستثمرين في إثيوبيا. تمويل متعدد المصادر «تمويل السد علامة استفهام كبيرة».. هكذا قال الدكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، وعضو اللجنة الفنية السابقة لسد النهضة، موضحًا أن استكمال إجراءات البناء ستتأثر بسبب خبر اعتقال المستثمر السعودي محمد العمودي، الذي تعتبر والدته حبشية وأخواله إثيوبيين، ولكنه لن يكون تأثيرًا كبيرًا. وأكد القوصي ل"التحرير" أن تمويل سد النهضة موزع بين 4 جهات، النسبة الأكبر من ميزانية الدولة، مرورًا بمساهمات المواطنين وتبرع كل مواطن ب10% من رواتبهم الشهرية، بالإضافة إلى المنح والقروض الخارجية وتمويلات رجال الأعمال والمستثمرين. وأضاف أن مبلغ 90 مليون دولار التي يساهم بها العمودي في بناء السد لا يعد شيئًا يُذكر في إجمالي الميزانية المخصصة له ب5 مليارات دولار، والذي توقفت أعمال بنائه أكثر من مرة ولم يتم تنفيذ أكثر من 60% من حجم الأعمال الإنشائية وتحديدًا 57% من الأعمال الاعتيادية «مبانٍ وخراسانات»، و72% من أعمال الكهرباء والميكانيكا، بحسب تصريحات وزير الدفاع الإثيوبي خلال الاحتفالية السنوية في أبريل الماضي. القوصي استطرد، مرّت 7 سنوات كاملة على بداية أعمال بناء السد والتي كان من المفترض الانتهاء منها في عام 2015، ولكن تم تأجيل ذلك أكثر من مرة لأسباب مالية تتعلق بضعف التمويل الخارجي، وتسعى إثيوبيا في الوقت الحالي إلى تعويض ذلك عبر السندات الدولية. استثمارات مهددة ونفى الخبير الاستراتيجي في شئون المياه محمد نورالدين عبدالمنعم، تأثر بناء السد بغياب تمويل العمودي، بقدر ما يتأثر بغياب الدول الكبرى الداعمة ماديًا وعلى رأسها الصين، مؤكدًا أن الحكومة الإثيوبية هي من سيتأثر بالقبض على العمودي، باعتباره أحد أكبر المستثمرين في أديس أبابا. نور الدين أوضح في تصريحه ل"التحرير" أن إجمالي الميزانية المخصصة لبناء السد كانت 4.8 مليار دولار - «منها 2 مليار دولار مخصصة من الصين لإنشاء محطة الكهرباء و2.8 مليار دولار مخصصة من موادر إثيوبيا»، ويحتاج المشروع أكثر من 8 مليارات دولار لإتمامه، وفي سبيل ذلك تعويض نقص التمويل طرحت الحكومة الإثيوبية صكوكا محلية، قيمة الصك الواحد تتراوح ما بين 50 دولار حتى 10 آلاف دولار. وأضاف الخبير الاستراتيجي أن مشروع «سعودي ستار» الذي يمتلكه العمودي يأتي ضمن خطة استثمار وضعتها الحكومة الإثيوبية قائمة على تأجير ما يقرب من 7 ملايين فدان تقريبًا، وهي مساحة تقترب من مساحة دولة مثل بلجيكا، إذ يكمن هدف الحكومة في إدخال تكنولوجيا المزارع الحديثة إلى الدولة من أجل إنتاج صادرات يمكنها أن تساعد في تعويض العجز التجاري الذي تعاني منه إثيوبيا. عدد كبير من استثمارات العمودي في إثيوبيا، صارت مهددة بحسب عبدالمنعم الذي ذكر أيضا أن الملياردير السعودي خاصة يمتلك سلسلة فنادق وعلى رأسها فندق شيراتون أديس أبابا، كما تتولى شركته ميدروك إثيوبيا، إدارة مشروعات أخرى في العديد من القطاعات، وعلى رأسها منجم ذهب يقوم بتصدير إنتاجه إلى الخارج وينتج سنويا 5 آلاف و400 كيلوجرام من الذهب والفضة، بالإضافة إلى 70% من أسهم شركة النفط الإثيوبية الوطنية إضافة إلى 5 شركات نفط أخرى بحسب موقع أويل جاز بوست، ولديه مصنع للحديد توسا «Tossa» في ولاية أمهارا، والذي يعد مصنع الحديد الأول في إثيوبيا وينتج 1.3 مليون طن سنويا. وبحسب الموقع الرسمي ل"العمودي" على الإنترنت، فإن شركته «ميدروك» تدير استثمارات ضخمة في الأدوية والأسمنت والبناء، كما أن لديه استثمارات ضخمة في قطاع الزراعة في إثيوبيا من خلال شركتيه «سعودي ستار» و«Horizon Plantations and Agriceft» التي تدير أكثر من 138 ألف فدان في أوروميا ومنطقة الأمم الجنوبية وأمهارا الإثيوبية، وتنتج وتصدر البن والزهور والحبوب وأوراق الشاي والخضروات.