تستضيف مصر حاليا المؤتمر السنوي للمنظمة الدولية للهيدروجرافيا لأول مرة، والذي يعقد من ١٧-٢٠ يوليو، حيث تسعى مصر لاعتماد خرائط بحرية جديدة وللتوافق على عدد من المسائل حول المساحة البحرية والخرائط الملاحية لمنطقة البحر الأحمر وشمال المحيط الهندي. وتكتسب المساحة البحرية أهمي خاصة، نظرا للأهمية البالغة لمنظومة الخرائط الملاحية والدور المحوري والمهم الذي تلعبه في تأمين القدر الأكبر من سلامة الملاحة البحرية، حيث تسعى الدول الساحلية وبخاصة الأعضاء في المنظمة الدولية للهيدروجرافيا (IHO) لتوفيرها من خلال تقديم خدمات هيدروجرافية كثيرة ومتنوعة وفقا للاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS) التي وقعتها مصر. وتعد الهيدروجرافيا أحد العلوم المهمة التي تعتمدها الدول لتأكيد ريادتها وسيادتها في مناطقها البحرية، بما يسهم في دعم الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل القومي، حيث تتجه الدول الشاطئية إلى استكشاف مسطحاتها المائية وما تحويه من ثروات طبيعية كالنفط والغاز والمعادن، وكذلك الثروات السمكية والبيئية الأخرى. وعلم الهيدروجرافيا -وفقا لتعريف منظمة الهيدروجرافيا الدولية (IHO)- ينص على أن الهيدروجرافيا من العلوم التطبيقية التي تهتم بدراسة الخصائص الفيزيائية والظواهر الطبيعية للمسطحات المائية من خلال أخذ القياسات وجمع المعلومات والبيانات التي من شأنها وصف تضاريس قاع البحر وموقعه بالنسبة لليابسة، بالإضافة إلى رصد التغييرات التي قد تطرأ عليها مع الزمن بغية تقديم خدمات هيدروجرافية لضمان توفير أقصى درجات السلامة الملاحية والأمنية في المناطق البحرية. وتعتبر عملية توفير المعلومات والبيانات الهيدروجرافية من خلال الخرائط الملاحية لجميع المستخدمين من أهم تلك الخدمات الهيدروجرافية المقدمة لكل القطاعات المعنية بالشؤون البحرية، ونظرا لكون البحار والمحيطات تغطي 71% من المساحة الكلية للأرض فإن من الطبيعي أن يكون للنقل البحري أهمية قصوى باعتباره شريان الاقتصاد العالمي، حيث يتحمل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية وتمثل مشكلة شح وقلة البيانات والمعلومات الهيدروجرافية في المناطق البحرية عائقا للتنمية الاقتصادية وهاجسا يؤرق الجميع، وذلك لعدم مسح أكثر من 85% من هذه البحار والمحيطات بشكل كاف. من هنا تأتي أهمية البيانات والمعلومات الهيدروجرافية وعمليات توفيرها من خلال إنتاج الخرائط الملاحية للممرات المائية وطرق التجارة الدولية والنقل البحري، فأصبحت ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى نظرا للتنامي المطرد في هذا القطاع الحيوي وكذلك للطفرة النوعية في صناعة السفن الحديثة الضخمة والعملاقة والتي تحتاج إلى بيانات ومعلومات هيدروجرافية أكثر دقة لضمان أقصى درجات السلامة الملاحية لتلافي الحوادث البحرية والكوارث المرتبطة بها والمؤثرة بصورة مباشرة على الاقتصاد العالمي. وتعد الخرائط الملاحية وثيقة رسمية يستند إليها في عمليات الملاحة البحرية بما تضمه من بيانات طبوغرافية كبيانات خط الساحل وبعض المعالم الطبيعية وغير الطبيعية الظاهرة والواضحة، والتي قد تستخدم للأغراض الملاحية وتحتوي على بيانات هيدروجرافية تفصيلية كبيانات الأعماق والأخطار القاعية وأيضا معلومات أخرى إضافية خاصة بالمساعدات الملاحية، والتي توفر سلامة ملاحية لمستخدمي الخرائط الملاحية، ولذا فإن من الضروري تحديثها بصفة مستمرة عن طريق الإعلانات الملاحية الشهرية، حيث تستلزم دقتها أن تراجع بمعايير عالمية متوافقة مع معايير منظمة الهيدروجرافيا الدولية. ولضمان أقصى درجات السلامة الملاحية فإن مستخدم الخرائط الملاحية يتحمل مسؤولية إبقائها محدثة، وتصنف الخرائط الملاحية بنوعيها الورقي والإلكتروني على حسب مقاييس رسمها وعلى ما تحتويه من بيانات إلى خرائط المواني ومداخلها (بمقاييس رسم كبيرة) والخرائط الساحلية (بمقاييس رسم متوسطة) وخرائط أعالي البحار (بمقاييس رسم صغيرة) والخرائط الملاحية الإلكترونية هي النسخة الرقمية من الخرائط الورقية تحتوي على كل البيانات المكانية لمعالم وعناصر الخارطة، يضاف إليها المعلومات الوصفية والتي كانت مسبقا توجد في المنشورات المصاحبة للخرائط الملاحية الورقية، بحيث تكون في المتناول عند استخدام الخرائط الملاحية الإلكترونية في أنظمة العرض، وكذلك في الأجهزة الملاحية الحديثة على السفن. وتتمتع مصر بامتداد ساحلي طبيعي في منطقة شمال المحيط الهندي يشمل جزءا كبيرا من الساحل الغربي للبحر الأحمر ويغطي عددا من الجزر والخلجان والممرات المائية ويقع في أراضيها أهم ممر ملاحي عالمي، وهو قناة السويس، القبلة التي تقصدها التجارة البحرية العالمية بين الشرق والغرب، مما يلقي بمسئولية كبيرة على مصر لدعم قدراتها وبناء منظومة قوية للبيانات والمعلومات الهيدروجرافية لتأمين أقصى درجات السلامة الملاحية في مناطقها البحرية، وكذلك لسد الحاجة من هذه البيانات للمشاريع الساحلية العملاقة الحالية والمستقبلية. وتظهر أهمية الهيدروجرافيا لمصر في إطار اهتمامها بإدارة المناطق الساحلية وتنمية محاور اقتصادية إقليمية عالمية بالاعتماد على المواني، حيث تم اعتماد إنشاء أكثر من منطقة اقتصادية إقليمية في سيناء ومنطقة قناة السويس، تعمل الدولة على ترويجها كرافد للاقتصاد والتجارة في مصر، والتي بدورها تحتاج إلى خدمات أقسام ووحدات الهيدروجرافيا المختلفة من بيانات هيدروجرافية مكانية ومعلوماتية متنوعة قبل وفي أثناء تنفيذها، وما زال الدعم يقدم لتلك المشاريع بعد الانتهاء منها من خلال إصدار خرائط ملاحية مصرية بواسطة خبرات وطنية متخصصة لتأمين وصول السفن بمختلف أنواعها للمشاريع الساحلية الحالية أو المستقبلية.