تعانى مصر من فقر مائى ويرتبط ذلك ارتباطًا وثيقًا بالأمن الغذائى مما أدى إلى اهتمام منظمة الأممالمتحدة للغذاء FAO بذلك لتأكيد أهمية وضع قضية المياه والغذاء على أولويات التخطيط القومى والإقليمى فى إطار تكاملى للخروج من هذه الأزمة بهدف تعظيم الإنتاج الزراعى من الغذاء وتعظيم العائد الاقتصادى من كل قطرة ماء وتوظيف سياسات الماء والغذاء لصالح الفقراء فى الريف والمدن على أساس توزيع عادل للتغلب على سوء التغذية وتفشى الأمراض. ومصر فى حاجة ماسة إلى مواجهة تدهور الأمن الغذائى -حسب ما جاء فى تقرير معهد أبحاث سياسات الغذاء الدولى IFPRI الصادر فى مايو 2013- الذى رصد ارتفاع معدل الفقر من 19.6٪ فى 2004/ 2005 إلى 25.2٪ فى 2010/ 2011 ويمثل ذلك 21 مليون مصرى وسقوط 12.6٪ من إجمالى المصريين تحت حد الفقر المدقع. وهناك بالطبع علاقة وثيقة بين الفقر والأمن الغذائى، ومن مؤشرات ذلك سوء التغذية الذى يدل عليه ضمور الأطفال، علما بأن واحدا من كل ثلاثة أطفال مصر يعانى من ضمور النمو. كما يعانى 43٪ من السكان فى مدن الصعيد من نقص وسوء الغذاء بالمقارنة بالمعدل القومى وهو 31٪ ولا يحصل 25٪ من سكان القاهرة الكبرى على غذاء كافٍ. ورصد التقرير أيضا أن 88٪ من الأسر الفقيرة لجأت إلى الأغذية الرخيصة غير الصحية لمواجهة الأزمة، كما تقلص ما يحصلون عليه من لحوم وأسماك. وقد أدى سوء التغذية بالإضافة إلى ضمور الأطفال إلى ازدياد معدلات البدانة الذى تعانى منه 48٪ من نساء مصر. كما أدى إلى العديد من الأمراض التى تقلل من القدرة على العمل وازدياد تكاليف الدواء والعلاج. ولكى يتم تعظيم الكفاءة الإنتاجية من الغذاء يجب التحرك على عدة محاور منها: 1- وضع سياسات قومية فى إطار منظومة من الهيئات والوزارات المعنية بالاستثمار والمالية والتخطيط تتبع رئيس الوزراء مباشرة لتحقيق التوازن بين متطلبات الزراعة والاحتياجات المتعددة للمياه والمحافظة على البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع كفاءة الإنتاج، وتقليل الفواقد، وبناء القدرات على كل المستويات، ورفع كفاءة المزارعين وتمكينهم، وإشراك القطاع الخاص مع القطاع العام، وتحقيق التوازن بين الإنتاج الغذائى للاكتفاء الذاتى مع توفير المياه للإنتاج الصناعى والخدمات وصون البيئة، والاهتمام بزراعة موارد الغذاء الأساسية والإنتاج الزراعى للمنتجات ذات العائد النقدى. 2- الاهتمام بصورة عاجلة وفاعلة بالمجتمعات الريفية والرعوية والمنتجة للأسماك بتمكينهم من النواحى التقنية والمعلومات الفنية، وتأهيل القدرات وتشجيع الصناعات الغذائية، وتقديم الحوافز أمام الالتزام بالترشيد وصون البيئة، ودعم القدرات الأهلية عن طريق جماعات المستخدمين لاشتراك الأهالى فى المسؤولية والاستفادة من خبراتهم ومقدراتهم، وتحفيز روح المبادرة والمشاركة والتعاون ونشر ثقافة العمل المجتمعى ودعم المشروعات القومية. 3- التنسيق الدولى لتحقيق التنمية عن طريق نقل التكنولوجيا والمعارف التقنية والتمويل. 4- التعاون والتنسيق الإقليمى خصوصا فى الدول المشاركة فى الأحواض النهرية بهدف التكامل الإنتاجى والتقنى بما يكفل عدالة التوزيع وتعظيم الفائدة للجميع ورفع الضرر. 5- المحافظة على البيئة وصون الموارد الطبيعية على أساس الاستخدام الرشيد للمياه ومواجهة تدهور نوعية البيئة نتيجة لاستخدام الأسمدة والمبيدات وتدمير الغطاء الأخضر نتيجة للرعى الجائر أو تجريف التربة والتعدى على الأراضى الزراعية.