فعل حمدين صباحى النقطة الأولى التى يحتاج إليها أى مرشح للرئاسة، وهى قراره وإعلانه الترشح نفسه. هذا يعنى أن هذا المرشح أخذ خطوة ثقة للأمام فى نفسه وفى القوى التى ستدعمه، رغم أن الأمر فى النهاية يعنى: إما تراجع عن كلامه السابق «لو ترشح السيسى سأدعمه»، و«سأنتخب السيسى لأنه بطل شعبى»، وإما أن حمدين اطّلع فى الكواليس على برنامج السيسى ولم يعجبه، ولم يجده ثوريا فقد قال من قبل «سأدعم السيسى إذا تبنى برنامجا للثورة». قرار حمدين الترشح للرئاسة كانت تنتظره ملايين أيضا -لا يهمها أن حمدين نفسه فكر كثيرا وتراجع أكثر عن قرار الترشح- مثل تلك التى تنتظر قرار السيسى منذ 30 يونيو، ولم يحدث حتى الآن، رغم كل النداءات والندوات والمؤتمرات الشعبية بل واللافتات التى ملأت شوارع «أم الدنيا» وجميعها تطلب ذلك، ولا أعرف هل يريد السيسى الاستمتاع بمنصبه الجديد قليلا، ثم يستقيل ليترشح، أم أن فى الكواليس أيضا أشياء أخرى تؤخر القرار الذى وافق عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟! أو أن هذه الكواليس نفسها هى التى دفعت حمدين لإعلان ترشحه مستبقا به ترشح السيسى؟ ترشح حمدين مفيد جدا سياسيا، فبعض القوى السياسية كان يسأل مؤسسة الرئاسة أمس على صفحات جريدة «التحرير، ص 2»، ماذا لو ترشح السيسى للرئاسة منفردا؟ وهو إيمان قوى لدى هذه القوى بعدم وجود شىء لديها تقدمه، لا للدولة ولا لنفسها عن طريق تزكية مرشح لها ينافس فى الانتخابات، وإن خسر المعركة نكسبه معارضا قويا فى البرلمان أو من خارجه، لأن نظام الحكم الجديد الذى أقره دستور لجنة الخمسين، سيجعل الموافقة على تشكيل الحكومة فى يد أغلبية البرلمان، وهذا يعنى أنه ما لم تكن هناك معارضة قوية لهذه الأغلبية، فلن يكون هناك برلمان ولا حكومة جيدة، وبالتالى لا دولة، وهذا هو دور خاسر الانتخابات القادمة، إن لم يصبح فى صف الرئيس الجديد -ويخدم الدولة من موقع ما- فعليه أن يقف معارضا قويا خالقا قوى سياسية جديدة تعارض الرئيس وتصدع رأسه دائما، بأنه ليس وحيدا ولا يمكن له أن ينفرد بشىء، لأنه حتى لو لم يتح الدستور الجديد للرئيس الانفراد بالسلطة، فيمكن لأى سلطة أن تفعل لو أرادت دون دستور أو قانون، وهو ما علينا أن نعيه جيدا من الآن. الدستور لن يكون حائط صد أمام أى ديكتاتورية قادمة، حائط الصد الحقيقى هو المعارضة القوية الفاهمة الواعية والضغط الشعبى الذى يتصيد -نعم يتصيد- للحاكم أخطاءه ويجعل من نفسه محكمة ومشنقة يومية للرئيس. وما سبق مشكلة، لأننى لا أشعر أن أداء حمدين صباحى يجعل منه معارضا قويا لو خسر الانتخابات، وطوال الوقت أشعر أن معارضته لا تتعدى الشعارات، والكلام الناصرى الفضفاض عن حقوق الفقراء. ترشح حمدين إذن، وما لم تحدث مفاجآت وخاض مؤسس التيار الشعبى الانتخابات فعلا، هل سيحصل على الخمسة ملايين صوت التى انتخبته فى 2012، أم أنها ستقل -هذا مع ثبات نسبة المشاركة؟ ما يحدد ذلك أكثر هى القوى التى ستدعم حمدين، لأن معظم داعميه فى الانتخابات السابقة يدعمون السيسى الآن، وتراجعهم عن ذلك ودعم حمدين، أو استمرارهم فى دعم السيسى، سيكشف عن سخونة الانتخابات القادمة، وموازين القوى فيها. وفى رأيى أن دعم صباحى الحقيقى سيكون من فئة الشباب، ما بين 18 وحتى 40 سنة، لأن هذه الفئة لا تريد عسكريا فى السلطة مهما علت قيمته أو ذكاؤه أو تحقيقه لإنجازات، ربما يريدونه فى موقع مسؤولية أقل لكن الرئاسة أعتقد أنهم يريدون إبعادها عن أى عسكرى، خصوصا أن فوز حمدين هذه المرة سيقطع الطريق بعد ذلك على أى عسكرى يريد خوض الانتخابات الرئاسية بعد ذلك.. هذا إن فاز.