لا تستر على مخالفة أو مخالِف |«الهيئة الوطنية»: فحص دقيق لتظلمات «النواب» وإلغاء الانتخابات إذا لزم الأمر    وزير الزراعة: ندعم الأسمدة للمزارعين بأكثر من 45 مليار جنيه    اتفاق تاريخي بين باريس وكييف.. 100 مقاتلة "رافال" لأوكرانيا خلال عشر سنوات    ترامب: لا استبعد أي خيار في التعامل مع فنزويلا.. ورئيسها تسبب في ضرر أمريكا    جائزة الأسد الذهبي.. صلاح الثاني وحكيمي أفضل لاعب أفريقي في 2025    أهلي جدة يدرس رحيل توني وتجديد عقود الثلاثي الأجنبي    ضبط 75 طن لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالقليوبية    حسين فهمي يحضر عرض السجادة الحمراء لفيلم ثريا حبي بمهرجان القاهرة    وزير الثقافة ومحافظ بورسعيد يتفقدان قصر ثقافة بورسعيد    توقيع الكشف الطبي على 1563 مريضًا خلال 6 قوافل طبية بمديرية الصحة في الإسكندرية    وزير التعليم: نهدف لإعداد جيل قادر على الإبداع وصانع للتكنولوجيا وليس مستخدما لها فقط    تصفية 6 عناصر إجرامية خلال مواجهات مع الأمن بالبحيرة    نظر محاكمة عاطلين بتهمة الاعتداء على صديقهما وإحداث عاهة مستديمة بالأزبكية.. غدًا    رحيل خوان بيزيرا وحسام عبد المجيد عن الزمالك.. قرار حاسم    إنجاز تاريخي جديد.. الرماية المصرية تحقق 8 ميداليات في بطولة العالم لمسدس وبندقية القاهرة    أكرم القصاص: الشفافية ورقابة القضاء ضمان نزاهة انتخابات مجلس النواب    تشكيل ألمانيا الرسمى لمواجهة سلوفاكيا فى الجولة الأخيرة بتصفيات المونديال    استشاري حساسية ومناعة يحذر: فيروس الإنفلونزا أكثر شراسة هذا العام ومضاعفاته خطيرة    تأجيل محاكمة 29 متهما بقضية خلية العملة لجلسة 3 فبراير    غدا.. "الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان نتائج الجولة الأولى من انتخابات النواب    تعليمات حاسمة لمديري المدارس بمتابعة التقييمات وسجلات رصد الدرجات بالفيوم    شروط استحقاق حافز التدريس للمعلمين    لأول مرة رضوى الشربينى تشارك فى الإعلانات مع أحمد سعد    ارتفاع تدريجي في الحرارة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء 18 نوفمبر 2025    جهود مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثة شخص فى حلوان    3 دقائق للتنقل بين سيناء والوادى    بالصور.. جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تنظم ندوة "عودة الوعي الإسلامي الرشيد لشباب الجامعات" بحضور مفتي الجمهورية    الحكومة تدرس مقترح بتشكيل لجنة لتعزيز الهوية الوطنية بالمناهج الدراسية    غيرت عملة لشخص ما بالسوق السوداء ثم حاسبته بسعر البنك؟ أمين الفتوى يوضح    كيف تغير الموسيقى مزاجك؟.. دليلك لاختيار الأغاني المناسبة    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مدينة جمصة والمنطقة الصناعية    ولي العهد السعودي يتوجه إلى واشنطن لبحث التعاون في مجال الدفاع والطاقة النووية السلمية    تفاصيل محافظات المرحلة الثانية والدوائر والمرشحين في انتخابات مجلس النواب 2025    وزيرة التضامن ومحافظ الفيوم يتفقدان مشروع خدمة المرأة العاملة بالحادقة    "من أجل قلوب أطفالنا"، الكشف الطبي على 288 حالة في مبادرة جامعة بنها    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    شيخ الأزهر يستقبل وزير التعليم العالي التشادي ويناقشان تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    شاهد مناورة ودية.. "بث مباشر" مباراة مصر والجزائر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    تشكيل منتخب مصر المشارك في كأس العرب لودية الجزائر    الأسهم الأوروبية تستقر مع إعادة تقييم توقعات خفض الفائدة الأمريكية    وكيل تعليم بني سويف تتابع انتظام الدراسة بمدارس المحافظة    توم كروز يتوّج ب أوسكار فخري بعد عقود من الإبهار في هوليوود    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    استجابة لأمر ترامب.. العدل الأمريكية تحقق فى صلة جيفرى إبستين بكلينتون وآخرين    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلاب الحاكم محمد حليم بركات
نشر في التحرير يوم 22 - 12 - 2013

الحكاية كانت منذ أربعة عشر عاماً وبالتحديد في يونيو 1999 بعدما إنتهت إمتحانات الثانوية العامة، وكنت وقتها أتمنى أن أكون ضابط شرطة فقط لأني كنت أحب صديقاً لخال والدتي الأصغر وكان وقتها لواء شرطة في غاية من الأدب والأخلاق وخفة الظل والتواضع، وقتها كان لم يتجاوز عمري السابعة عشر وكنت أظن أن هذه هي السمة الغالبة لرجال الشرطة، لكني علمت بعد ذلك أنه حالة نادرة لا تتكرر كثيراً.
كان والدي الذي يعيش خارج مصر وقتها مرحباً بالأمر وقرر أن يصطحبني إلى أكاديمية الشرطة التي كانت موجودة في العباسية وقتها وإشترينا ملف التقديم وفي طريق العودة قال لي أبي «والله لن أدفع لك مليماً واحداً بعد ذلك من دون إيصال إستلام»، لم أفهم ماذا يقصد فكنت وقتها أقرأ أوراق الملف الكثيرة جداً والخيال ذهب بي إلى أن أكون كهذا اللواء الجميل.
ذهبت أنا ووالدي إلى خال والدتي لأبشره بأني قد سحبت الملف وأريد أن أعلم من صديقه كيف ستكون الإختبارات كي أستعد إليها.. إتصل بصديقه ليخبره بالأمر، وبعد أن وضع السماعة سأل خالي والدي سؤالاً واحداً عبارة عن كلمة واحدة «هتدفع؟»
لم يستغرق والدي وقتاً حتى أجابه «إسأله- في إشارة لي- انا حالف أني لن أدفع مليماً بدون إيصال».
ما حدث الخميس الماضي من إقتحام «المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية» والتي كتبت تفاصيل الإعتداء ضباط الأمن الوطني أمس على المركز وإحتجاز المحامين وضربهم.. بل وضرب أحد ضباط قسم عابدين عندما اعترض على هذا الضرب في مقالي «فضيحة في شارع طلعت حرب».. ورفض وزارة الداخلية التعليق عما حدث دون، يوضح مفاهيم جديدة على أداء رجال الشرطة قد تربوا عليها في خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، فتتطور الأداء الأمني لرجال الشرطة من حماة الشعب والمدافعين عن الحق.. إلى حماة النظام والمدافعين عن الفساد والمفسدين.. فبطش أجهزة الأمن بالمعارضين من شتى الأطياف والتنكيل بأسرهم وذويهم والاستبداد الوظيفي الذي مارسه رجال الشرطة، وتركهم المجال مفتوحا للصوص والمفسدين والمجرمين يمرحون في البلاد كيف ما شاءوا، في حين التركيز كل التركيز على مراقبة المساجد والتصنت على رموز المعارضة، وعقدهم الصفقات المشينة مع البلطجية والشبيحة للاستعانة بهم في الانتخابات.. حيث قد أوسع نظام مبارك من صلاحياتهم لدرجة جعلتهم فوق القانون والمساءلة، وجعل الأنف الأمني مدسوسا في كل شئون الحياة اليومية في مصر، وكلمة الأمن هي الكلمة الفاصلة في اتخاذ معظم قرارات الشأن المصري، وذلك في ظل دعم سياسي غير محدود من مبارك الذي شعر بالامتنان من نجاح العادلي وزبانيته في القضاء على تهديدات المعارضة الإسلامية، والحفاظ على كرسي السلطة بلا خصوم سياسيين، وهذا التوسيع في الصلاحيات والتكبير في السلطات
أثر ذلك على عقلية الضابط المصري، وجعله يشعر حقيقة لا ادعاء أنه فوق الجميع، وأنه من أسياد البلد وغيره هم العبيد الذين ليس لهم إلا قطع اليد لو طالت على أسيادهم.. وكل هذا لم يكن دون مقابل، فالحقيقة كان النظام عادلاً مع هؤلاء الحراس.. حراس السلطة والسلاطين.. الفساد والمفسدين.. الإستبداد والمستبدين.. فقد أعطاهم كل الصلاحيات المطلقة كي يستعبدوا المواطنين.. فالضابط المصري تغيرت عقليته بصورة كبيرة وامتد هذا التغير حتى طال المناهج الدراسية التي تدرس لطلاب كلية الشرطة، وأصبح طالب كلية الشرطة يتعامل مع جيرانه وأصحابه على أنه أعلى وأكبر وأهم منهم، حتى أصبح ضابط الشرطة في العقل الجمعي المصري رمزا للطغيان والتكبر والاستعلاء والسلطة المطلقة.. وكان كل ضابط شرطة في نظر الشعب بمثابة «مبارك صغير» في جبروته وتكبره وسلطاته الواسعة، وتنادى الشعب المصري بأجندة خاصة مفاداها بأن لا تصاهر ضابطا ولا تجاوره، لأنك حتما ستكتوي بناره.
عندما قامت ثورة 25 يناير انفجرت براكين الغضب ضد الشرطة، خاصة بعد انتصار الثورة، مما باعد الهوة وعمق الفرقة بين الشعب والشرطة .. وأغلب ضباط الداخلية إن لم يكن جميعهم يشعرون بالمرارة والأسى على رحيل مبارك والعادلي، فهم يعلمون جيدا أن معظم الشعب يكرههم وهم يتخوفون من انتقام الشعب أو انتقاصه لهم.. فهم يرفضون بشدة أي نظام جديد يجعلهم في خدمة الشعب بعد أن كانوا أسياده، يرفضون نظاما يجعلهم سواسية مع باقي الشعب المصري.. لذلك كانوا مهيأين تماماً لكي يكونوا عصاة في يد نظام ما بعد 30 يونيو.. فهم كالأسماك المفترسة لا يعيشون إلا في مياة نظام فاسد.
تغيير الشخصيات والأسماء شيء هين بسيط، ولكن تغيير الأفكار والعقليات والسلوكيات أمر شديد الصعوبة بل مستحيل مع هؤلاء الذين تنفسوا العظمة والألوهية على المواطنين.. فمن إعتاد أن يكون دائماً إله لا يمكن أن يقبل بكونه مجرد عبد.. تجدهم الأن لا مانع لديهم من أن يستخدمهم النظام الجديد، بل إنهم يطالبونه بإعتطاء الصلاحيات لقهر من كل يقف في مواجهتهم أملاً في أن يُرهب ويُردع ما تبقى من الشعب صامداً ضدهم، وتعود لهم ما يسموها هم هيبة.. ونسميها نحن سطوة.. وبات واضحاً أنه لن تصلح معهم ما تسمى هيكلة للشرطة.. يجب بتر كل قيادة تربت في كنف السلطة.. فهؤلاء لا تنتظروا منهم خيراً ولا تحاولوا تغيير عقيدتهم ولا تصدقوا كذبهم.. فهم يتنفسوا الفساد كما حموه، والإستبداد كما مارسوه، وظلم العباد كما إقترفوه .. فمن كان منهم صادقاً مع نفسه طلب التقاعد، ومن كان منهم يرفض عقيدة الغالبية إنتقل إلى الأعمال الخدمية.. أما من هم في الأمن الوطني مرضى نفسيين.
خرجنا من منزل خال والدتي بعد أن تحطمت أمالي وأحلامي في أن أكون ضابط شرطة على صخرة اليمين الذي حلفه أبي، الذي أخذ مني فترة ليست بالقصيرة كي أتفهمه، ولا أعلم إن كنت اليوم ضابط شرطة وبالتأكيد كنت سأكون من كلاب الحاكم كمن أكتب عنهم هذه الكلمات لأني كنت سأتربى في نظام مبارك وحبيب العادلي وكنت حتماً سأسير على منهاج الشرطة ولن أستطيع أن أن أرى تصرفاتي وسلوكي وأحكم عليها كما يراها ويحكم عليها ويقيمها غيري ممن يتعاملون معي.
لا أعتقد أن أكون بتقييمي هذا متجنياً على ضباط الشرطة كنوع من الحقد والغيرة لأني لم أستطع أن أكون ضابطاً بسبب اليمين الذي حلفه أبي.. لأن الكثيرين ممن لم يتمنوا أن يكونوا ضباطاً يوماً يرون ضباط الشرطة الأن أبشع مما أتخيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.