أستأذنك عزيزى القارئ فى توقف استثنائى لسلسلة مقالات المعلقين الرياضيين «اليوم فقط»، على أن نستكملها بدءا من الغد بمشيئة الله. سبب هذا الاستثناء هو حكاية فى غاية الغرابة والطرافة «ماينفعش تتأجل» حدثت فى بداية هذا الأسبوع فى ألمانيا وتم نشرها على الصفحة الرسمية فى «فيسبوك» لنادى بايرن ميونخ. لم أصدق فى بداية الأمر القصة عندما رواها لى صديقاى سماح مصطفى ود.هشام سليمان، حتى قاما مشكورين بترجمة ما نشرته الصفحة بالألمانية والإنجليزية وأرسلاه إلىّ لمزيد من المصداقية والتأكيد. الحكاية بدأت يوم السبت الماضى عندما نشرت الصفحة موضوعا مدعما بالصور عن مباراة القمة المرتقبة فى الدورى الألمانى بين فريقى بايرن ميونخ وبروسيا دورتموند، التى أقيمت فى نفس اليوم، ووجهت الصفحة نداء إلى المشجعين فى كل أنحاء العالم لإرسال تعليقات على الصور تدعيما للبايرن، فقام مشجع أهلاوى مصرى اسمه عبد الحميد فودة بإرسال تعليق مبتكر بالإنجليزية قال فيه: «Al Ahly will take you behind the factory of chairs» وترجمته هى «الأهلى هياخدكم ورا مصنع الكراسى» فى إشارة إلى ما سيفعله الأهلى فى البايرن إذا ما التقيا فى بطولة كأس العالم القادمة للأندية!! وبسبب الكم الرهيب من اللايكات «10714» التى حظى بها هذا التعليق «من المصريين طبعا» اهتم به مسؤولو الصفحة الألمان، وأرسلوا رسالة إلى المواطن المصرى متسائلين: «من فضلك نريد معرفة ماذا تقصد بمقولة إن الأهلى سيأخذ البايرن ورا مصنع الكراسى؟»، فتطوع مصرى آخر ابن حلال بالشرح والتفسير. المذهل أن الصفحة الوقورة بعد انتهاء المباراة بفوز بايرن الكاسح بثلاثة أهداف مقابل لا شىء كتبت معلقة: «شكرا لتشجيعكم الرائع.. فريقنا 3 دورتموند 0.. ملحوظة: مصنع الكراسى!!». مصطلح «ياخذه ورا مصنع الكراسى» تم تداوله وانتشاره بصورة مكثفة بعد أن قاله الممثل أحمد مكى للفنانة الجميلة دنيا سمير غانم ضمن أحداث فيلم «لا تراجع ولا استسلام» وكان يقصد به أنه يريد مقابلتها على انفراد وبرواقة إلا أنها ردت عليه بحسم ودلال «بعد الجواز». قصة مصنع الكراسى هى حكاية حقيقية حدثت فى أواخر الخمسينيات من القرن الماضى، عندما قرر الرئيس جمال عبد الناصر إنشاء مصنع ضخم على مساحة 50 فدانا تقريبا -على النيل مباشرة فى المنطقة الواقعة بين الوراق وإمبابة- لإنتاج الكراسى وقطع الأثاث الأخرى.. بمرور الوقت فشل المشروع بسبب سوء الإدارة وحقق خسائر مادية فادحة فتم إيقاف تشغيل المصنع الذى تحول بعد ذلك إلى أرض فضاء واسعة ومهجورة، فاستغلها البعض فى أعمال تخالف القانون من تعاطٍ للمخدرات والسرقة وأيضا فى أعمال تتنافى مع الآداب العامة، ومن هنا ظهرت عبارات «انت بتروح ورا مصنع الكراسى» و«خدتها ورا مصنع الكراسى»، وكلها تعبيرات كان يقتصر استخدامها على سكان المنطقة العالمين بالقصة والموقع حتى قالها أحمد مكى فخرجت من النطاق الإقليمى للحى الشعبى وشملت النطاق المحلى لجمهورية مصر العربية، وأخيرا وصل بها عبد الحميد فودة إلى حدود ألمانيا ولينطلق بها نحو آفاق العالمية!! هل يمكننا تخيل أن يصبح مصنع الكراسى يوما ما هو كلمة السر وأيقونة النصر عند مشجعى الكرة؟ وهل لو كان عبد الناصر يعلم أن المصنع الذى تحدى الجميع من أجل إنشائه سيتحول بمرور الزمن إلى خرابة أو مجرد مكان «بيروح فيه» اللى مش لاقى شقة أو غرزة.. كان فكر فى إنشائه أصلا؟ فعلا.. همّ يبكى.. وهمّ يضحك.