قطعت القوات الحكومية العراقية، اليوم الأربعاء، آخر خطوط إمداد المسلحين من الموصل باتجاه سوريا، وبالتالي أتمت عملية عزل تنظيم الدولة " داعش" تمامًا داخل هذه المدينة التي تعتبر آخر معاقله في الشمال العراقي. وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإنَّه غداة تدمير غارة للتحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة آخر أكبر الجسور التي تعبر نهر دجلة في الموصل، أفادت قوات مكافحة الإرهاب التي تخوض معارك في شرق المدينة عن تقدُّم ملحوظ على الجبهة، فيما أقدمت ميلشيات الحشد الشعبي على قطع طريق واصلة بين بلدتين واقعتين على الطريق بين الموصل في العراق والرقة في سوريا، وفق مسؤولين. وقال القيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس - في فيديو نشر على صفحة الفصائل على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إنَّه تمَّ قطع طريق تلعفر سنجار، وتقع تلعفر تحت سلطة تنظيم "الدولة" في حين تقع سنجار تحت سيطرة الأكراد. من جهة أخرى، أوضَّح مسؤول أمني كردي أنَّ الحشد الشعبي التقت قوات أخرى بينها مقاتلون من حزب العمال الكردستاني التركي في ثلاث بلدات في المنطقة، فيما لا تزال بلدة تلعفر، الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترًا غرب الموصل، خاضعة لسيطرة المسلحين. وأضاف المسؤول أنَّ هذا التطور الأخير سيصعب بشكل كبير على تنظيم " داعش " أي محاولة لنقل مقاتليه أو معداته بين الموصل ومدينة الرقة، معقل التنظيم في سوريا. وكانت القوات العراقية قد بدأت عملية عسكرية في 17 أكتوبر الماضي بهدف استعادة السيطرة على مدينة الموصل في شمال البلاد، وتوغَّلت القوات العراقية داخل المدينة من الجهة الشرقية، فيما تقدَّمت قوات البشمركة الكردية مع قوات أخرى باتجاه الحدود الشمالية والجنوبية للمدينة. وعلى الجبهة السورية، بدأت قوات سوريا الديموقراطية في الخامس من نوفمبر الجاري حملة "غضب الفرات" لطرد المسلحين من الرقة بدعم من التحالف الدولي، لكنها لم تصل إلى المدينة بعد. وتعد الموصل الهدف الرئيسي حاليًّا للقوات العراقية المتنوعة والمتنافسة أحيانًا، والتي وحدت جهودها حاليًّا لمقاتلة تنظيم " داعش "، إلا أنَّ المسلحين أبدوا مقاومة شرسة أكثر من أي معركة أخرى في العراق، وكان من المتوقع ألا تواجه القوات العراقية مقاومة كبيرة على الضفة الشرقية من نهر دجلة، فيما لم تكشف السلطات العراقية حتى الآن عن حصيلة القتلى منذ بدء العملية، لكن المقاتلين أقرُّوا بأنهم تفاجأوا بمقاومة الجهاديين الشرسة. وفيما يتعلق بالمحور الشرقي، قال قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق ركن عبد الغني الأسدي ل"فرانس برس": "على كأرض، تمَّ تطهير أكثر من 40% من المحور الشرقي، لكن المسافة لا تعنينا بقدر حجم الهدف ونوعيته"، لافتًا إلى فقد أكثر من 60% من قوته. وأشار إلى أنَّه بعد استعادة حي عدن، سيطرت القوات على مربع في حي الزهور، لافتًا إلى أنَّ المهمة أصبحت أكثر سهولة بعد الخروج من عنق الزجاجة وضعف المقاومة. وكان التحالف الدولي أعلن - أمس الثلاثاء - أنَّه شنَّ غارةً أدَّت إلى تدمير جسر حيوي للجهاديين يعبر نهر دجلة في وسط الموصل، وبالتالي بقي جسر واحد من عهد الاحتلال البريطاني، ليس بالمتانة والحجم الكافيين لمرور المركبات الثقيلة. وصعب اشتداد المعارك عملية فرار المدنيين العالقين في الموصل إلى المخيمات الآمنة التي أقيمت في محيط المدينة، وارتفع عدد النازحين بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي مع توغُّل القوات العراقية إلى عمق المدينة المكتظة، فيما توقعت الأممالمتحدة أن يضطر 200 ألف مدني إلى ترك منازلهم في الأسابيع الأولى من أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات، إلا أنَّه حتى اليوم، لم يبلغ عدد النازحين إلا نحو ثلث هذا الرقم. وتبعث القوات العراقية برسائل إلى السكان تدعوهم فيها إلى ملازمة منازلهم وعدم محاولة الفرار عبر خطوط الجبهة الأمامية حفاظًا على سلامتهم. وتجاوب عددٌ من السكان مع تلك الدعوات، ما حد ذلك من قدرة القوات الحكومية على استخدام أسلحة ثقيلة ضد الجهاديين، وقدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدة للمدنيين الذين هم بحاجة لها.