صرَّحت مصادر عسكرية أمريكية بأن محاولات الولاياتالمتحدة وحلفائها السوريين لعزل مدينة الرقة يهدف بالدرجة الأولى إلى منع وصول تعزيزات وإمدادات من سوريا إلى العراق. وقال المصدر الذي يعمل في مكتب قيادة عملية "عزم لا يقهر"، التي تنفذها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها: إن "قوات التحالف وحلفاءها في سوريا تقوم بعملية في منطقة الرقة هدفها عزل عاصمة "الخلافة" عن مدينة الموصل المعقل الرئيسي "للمجاهدين" في العراق». وفي نفس الوقت تستعد القوات العراقية لاقتحام مدينة الموصل وطيران التحالف يواصل غاراته على المدينة بهدف تدمير هيكل القيادة والقضاء على قادة التنظيم وحرمان "المجاهدين" من مصادر التمويل ولكن وفق اعتقاد خبراء من روسيا، فقد انتقل "المجاهدون" قبل هذه العملية أصلًا إلى الموصل. لذلك فهم يتوقعون سقوط ضحايا بأعداد كبيرة بين العسكريين والمدنيين في حال اقتحام المدينة. وتناولت صحيفة "إزفيستيا" الروسية خطة الولاياتالمتحدة وحلفائها في سوريا، مشيرة إلى أن وحدات من القوات الأمريكية الخاصة (القبعات الخضراء) تعمل حاليًا مع الأكراد، في منطقة الرقة، للقضاء على كل فصائل "المجاهدين" وقوافل الإمدادات التي تغادر الرقة، هذه الوحدات إضافة إلى توجيه طيران التحالف نحو أماكن تجمعات "المجاهدين" - أي أن المهمة الرئيسية لهذه الوحدات هي غلق الطرق الرئيسية التي تربط مدينة الرقة بالمناطق الأخرى ومحاصرتها. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التكتيك هو الذي يتبعه البنتاجون، حيث أن السيطرة على طرق الإمدادات يضمن للأمريكيين محاصرة المدينة بقوات صغيرة، وفي نفس الوقت يحرم "الجهاديين" من القيام بعمليات استطلاع واكتشاف مواقع القوات التي ستهاجم المدينة - فمثل هذا السيناريو استخدم في عملية "عاصفة الصحراء" عام 1991 و"الحرية للعراق" عام 2003. ويبدو أن هذا السيناريو، حسب الصحيفة الروسية، يستخدم حاليًا في ضواحي الموصل لمنع وصول الإمدادات إلى "داعش". وحسب قيادة عملية "عزم لا يقهر" يتراوح عدد "الجهاديين" في الموصل بين 3 و5 آلاف مسلح مستعدون للمقاومة. ومن جانبها تقوم القوات العراقية في ضواحي الموصل بعمليات هدفها تقييد حرية حركة المسلحين في المنطقة، حيث تساعدهم في ذلك القوات الجوية للتحالف. وتؤكد الصحيفة مرة أخرى على رواية الضباط الأمريكيين بأنه "في الوقت الذي تستعد فيه القوات العراقية لاقتحام مدينة الموصل، تستمر طائرات التحالف بمهاجمة مواقع داعش في المدينة، لمنع وصول الإمدادات لهم ومنعهم من الهرب إلى سوريا". ولكن هناك رؤية روسية للعمليات الأمريكية، إذ أن القوات العراقية وحلفاءها تقوم حاليًا بهجوم بطيء على المدينة بهدف محاصرتها تماما، ولكن هذه العملية تخلق في واقع الأمر ظروفًا لإخراج المسلحين من المدينة، لأن الهجوم من الجهة الشرقية مع بقاء الطرق المؤدية إلى سوريا مفتوحة. في هذا الصدد تحديدا قال الخبير في مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات مكسيم شيبوفالينكو: إن "اقتحام الموصل سيكون صعبًا على العراقيين والأمريكيين، لأنه يكفي أن ننظر إلى ما يجري في حلب التي يبلغ عدد سكانها ومساحتها نصف مساحة الموصل، وهذا يعني أن المعارك ستكون شرسة جدا حتى إذا كانت تحصينات المدينة بسيطة، وسوف يفرض الأمريكيون رقابة على وسائل الإعلام لمنعها من نشر أنباء المعركة، وتبدأ الطائرات والمدفعية بقصف الأحياء واحدا تلو الآخر، ما سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، وسوف يشبه الدمار وعدد الضحايا ما كان في "ستالينجراد" إبان الحرب العالمية الثانية». وأوضح الخبير الروسي بأن القوات العراقية ليست جاهزة تمامًا لتنفيذ مهمتها، وأن العمليات الحربية داخل المدن هي من مهام قوات مشاة معدة لهذا الغرض ومدعومة بالمدفعية، وليس القوات الخاصة، كما أن الأمريكيين الذين يقودون العملية لا يملكون خبرة في حرب الشوارع، إضافة إلى أنه من الصعب جدا محاصرة مدينة بهذا الحجم، أي أن المسلحين سيحصلون على الإمدادات والتعزيزات.