مهندس ألماني اقترح وصل إفريقيا بأوروبا وإنشاء القارة العملاقة «أورافريكان» لتحقيق السلام العالمي تفاقم أزمة اللاجئين على مدار السنوات الماضية دفع بعض الدول الأوروبية للبحث عن حلول عديدة، منها غلق الحدود لمنع تدفق اللاجئين وتشديد القيود على حرية الحركة بين الدول، وكذلك إبرام اتفاقيات مع تركيا تقضي بإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أرضها، وذلك بعد أن وصل عدد اللاجئين إلى أكثر من 65 مليون لاجئ نصفهم تقريبًا من سوريا والعراق وأفغانستان، بحسب تقديرات الأممالمتحدة. ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها العالم أزمة لاجئين بهذا الحجم، ولكن الأمر كان معكوسًا، فقبل ما يقرب من 100 عام، وبالتحديد أثناء الحرب العالمية الأولى - كان الملايين من الأوروبيين يسعون للهروب من جحيم الحرب إلى إفريقيا، بعد أن قتلت وشردت عشرات الملايين من السكان. وبعد نحو 14 عامًا من انتهاء الحرب، قدَّم المهندس المعماري الألماني هيرمان سورجيل ما اعتبره خطة تجنب العالم مأساة أخرى مشابهة للحرب العالمية الأولى، وكانت عبارة عن وصل القارة العجوز (القارة السمراء)، عن طريق تجفيف البحر المتوسط وخلق القارة العملاقة "أورافريكان". الخطة التي أطلق عليها اسم "أتلانتروبا"، ذكرت أن إفريقيا تبعد عن أوروبا، في أقرب نقطة لهما، نحو 14 كيلومترًا فقط، ولكن البحر الأبيض المتوسط يمنع القارتين من اللقاء، فاقترح المهندس الألماني تجفيفه. صحيفة "الدايلي ميل" البريطانية قالت: إنه "على الرغم من أن الفكرة تبدو غريبة، فقد تعامل معها زعماء الدول بجدية وحتى الأممالمتحدة". "سورجيل" كان يأمل أن تكون خطته حلًا لأزمة اللاجئين بعد الحرب العالمية الأولى في أوروبا وتساعد على تحقيق السلام العالمي، فعمل بلا كلل للترويج لها حتى وفاته في عام 1952. في مقال له في صحيفة "ذا كونفيرسيشن"، قال الدكتور ريكاردا فيدال، وهو محاضر في الثقافة البصرية والتاريخ الثقافي في "كينجز كوليدج" في لندن: إن "معاصرة الحرب العالمية الأولى، والاضطراب الاقتصادي والسياسي في العشرينيات وصعود النازية في ألمانيا أقنعت سورجيل أن حرب عالمية جديدة يمكن تجنبها في حال تم التوصل إلى حل جذري"، ومع إيمانه الضعيف بالسياسية، تحول سورجيل إلى التكنولوجيا". وتقوم الخطة في الأساس على إنشاء السدود عبر مضيق جبل طارق، ومضيق الدردنيل، وفي النهاية بين صقلية وتونس، والتي تحتوي كل منها على محطات الطاقة الكهرومائية الضخمة. وكانت هذه الخطة من شأنها أن تحول البحر الأبيض المتوسط إلى حوضين، على أن يكون الجزء الغربي منها منخفض ب100 متر، والجزء الشرقي ب 200 متر، على أن يوفر هذا ما يصل مجموعه إلى 660 ألف و200 كيلومتر مربع من الأراضي الجديدة المستصلحة من البحر، وهي مساحة أكبر من فرنسا. وأوضح الدكتور فيدال في مقاله، أن الخطط اللاحقة للأتلانتروبا شملت أيضًا اثنين من السدود على نهر الكونغو وإنشاء بحر تشادوالكونغو، الذي أمل "سورجيل" أن يكون له تأثير اعتدالي على المناخ الأفريقي مما يجعلها أكثر ملائمة للمستوطنين الأوروبيين". وفي حين أن هذا الاقتراح قد يبدو سخيفًا الآن، عندما اقترحه سورجيل لأول مرة، فقد تعامل معه المهندسين المعماريين والسياسيين والمهندسين والصحفيين بجدية. وأكد "الكاتب" أن ما جعل أتلانتروبا فكرة مغرية جدًا هو رؤيتها لتحقيق السلام العالمي ليس من خلال السياسة والدبلوماسية، ولكن من خلال حل تكنولوجي بسيط". واقترح أيضًا أن يكون تنفيذ "أتلانتروبا" تحت سيطرة هيئة مستقلة تكون لها القدرة على إيقاف إمدادات الطاقة إلى أي دولة تشكل تهديدًا، وتوصل أيضًا إلى أن بناء القارة العملاقة سيكلف الدول الكثير من المال بحيث يجعلها غير قادرة على تمويل الحرب. وكرس المعماري الألماني جزء كبير من عمله إلى تعزيز هذه الفكرة من خلال البرامج الإذاعية والأفلام والمحادثات، الأمر الذي وصل إلى سيمفونية "أتلانتروبا". وفي عام 1948، كتبت مجلة "يو إن وورلد"، ومقرها نيويورك، تقول "تسخير جبل طارق لصالح البشرية يبدو وكأنه حلم، ولكن في هذا القرن ليس حلمًا، كما أن التعاون بين الدول ليس مستحيلًا تمامًا". ولكن خطة سورجيل لم تنفذ، وبقت إفريقيا وأوروبا قارات منفصلة، وظل تخطيطه الواسع، بما في ذلك الرسومات المعمارية للمدن الجديدة، ورسائل الدعم، محفوظة في المتحف الألماني بميونيخ.