نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرًا انتهى فيه إلى أن التحالف الغريب بين الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح في اليمن سينهار حتمًا، مشيرًا إلى أن الطرفين كانا من أشد الأعداء، في الوقت الذي يدفع فيه الأبرياء باليمن ثمن هذا التحالف حاليًا. وسلط التقرير الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيش على وقعها اليمنيون، وتأثيرات الأحداث الأخيرة التي جدت بين عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح، اللذين كانا في الماضي من ألد الأعداء، على بؤس السكان. وبدأ التقرير بتقديم القائدين عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح، اللذين أصبحا اليوم أشد الحلفاء تأثيرًا على وضعية المملكة العربية السعودية في حربها داخل التراب اليمني. وأشار التقرير الذي أعده الصحافي البريطاني بيتر أوبورن إلى العلاقة العدائية التي كانت تربط زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي، الذي بدأ سيطرته على صنعاء في سبتمبر 2014 بالرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، قبل التوصل إلى الاتفاق الذي قرَّب بينهما. ونوه إلى النفوذ الذي يتمتع به المتمردون الحوثيون في اليمن، بقيادة زعيمهم البالغ من العمر 37 عامًا، وبالفئة العمرية الشابة التي ينتمون إليه، الأمر الذي جعل منظمة (اليونيسيف) ترفع تقريرًا تدين فيه انتداب هذه الجماعة للشباب القُصَّر. وذكر التقرير أن زيادة نفوذ الجماعة وقوتها كان من ضمن الأسباب الأولى التي دفعت عبد الملك الحوثي إلى عقد اتفاق مع عدوه السابق، علي عبد الله صالح، على الرغم من الجرائم التي ارتكبها هذا الأخير في فترة حكمه ضد عائلة عبد الملك في الماضي. ونوه التقرير إلى بداية تطور هذه العلاقة بين هذين القائدين، التي تشكلت في اتفاق يحمل من الانتهازية والسخرية ما يجعله شبيهًا باتفاق أدولف هتلر مع جوزيف ستالين، الذي عقداه سنة 1939. وأشار إلى المفارقات الدينية والأيديولوجية التي ميزت هذا التحالف، إذ إن زعيم المتمردين علم بالتوجهات العلمانية التي يملكها الرئيس المخلوع عبد الله صالح، والتي وضحها تاريخه السياسي في اليمن وعلاقاته مع دول الجوار، خاصة منها العراق. من جهته، يعلم القائد علي عبد الله صالح بالتوجهات الدينية التي يملكها الزعيم عبد الملك الحوثي وتأثره بالحركات والأحزاب الدينية، الذي جعل المملكة العربية السعودية تتهمه بولائه لإيران. وسلّط تقرير "ميدل إيست آي" الضوء على تورط إيران في اليمن، وتأثيرها على الحدود الجنوبية، الذي تعدّه المملكة العربية السعودية مصدر قلق، كونه سيشكل منافسة إقليمية كبيرة لها، وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في زيارته التي أداها الأسبوع الماضي إلى الرياض. ولفت إلى أن الوزير جون كيري اتهم إيران بدعم الحوثيين "بالصواريخ والأسلحة المتطورة"، إلا أن هذه الأخيرة نفت هذا الاتهام، موضحة أنه بموقف مماثل، يكون جون كيري شريك المملكة السعودية في جرائم القتل، كونه يعد الأكثر دراية بمحاولات الحكومة السعودية منع الجهود التي تسعى إلى وقف إطلاق النار في اليمن. وفي تفسيرهم للتدخل الإيراني في اليمن، أكد الخبراء في التقرير أن "المتمردين الحوثيين، استفادوا كثيرًا من دعم طهران". وأشار الباحث والمحلل الإقليمي التابع لفريق أبحاث "شتام هاوس" للشؤون الخارجية، بيطار سالزبوري، إلى أن هذا الدعم يختلف عن إسناد أوامر بسيطة." وأرجع النفوذ الذي اكتسبه الحوثيون وقوتهم العسكرية والإقليمية إلى "الدعم الخارجي الذي تلقوه من إيران". وذكر التقرير أن دعم المملكة العربية السعودية كان مُوجهًا لنائب الرئيس اليمني السابق، عبد ربه منصور هادي، الذي توضح تقصيره تجاه شعبه في العديد من المناسبات، خاصة مكوثه في الأراضي السعودية في أغلب الأوقات، وأن عبد الله منصور كان المسؤول الأول عن دعم أغلبية الجيش الوطني اليمني. وأشار إلى أن استمرار تحالف الزعيم عبد الله صالح مع القائد عبد الملك الحوثي مضمون، مادام سيخدم الطرفين ومُوجهًا ضد عدو واحد، وهو المملكة العربية السعودية. وفي نقلة لشهادات المدنيين اليمنيين، قال موقع "ميدل إيست آي": إن "غارات السعودية -التي كانت تهدف إلى إضعاف تحالف صالح مع الحوثيين- لم تساهم إلا في زيادة شعبية الحوثيين، حيث أدت ببعض المدنيين إلى تغيير موقفهم تجاه هذه الجماعة". ويفضل العديد من اليمنيين، بحسب التقرير، الموت جوعًا على أن يتلقوا مساعدات من السعودية، وهذا يُفسر عمق الغضب الذي يشعرون به تجاه المملكة. وصرحت إحدى الأرامل هناك، أنها لن تقبل إلا المساعدات التي ترسلها المنظمات التي نريدها، وإلا فنحن نفضل الموت، لا نريد شيئًا من الرياض. وأضاف التقرير أن الحوثيين استفادوا كثيرًا من غضب المدنيين ضد السعودية في كل ما يخص استقطاب المقاتلين، والتي ساهمت في تغيير موقف بعض عائلات القتلى. وأفاد أحد أقارب عبد الرحمان ناشر القيري، الذي لقي حتفه إثر المواجهات الأخيرة التي جدت بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، بأنه "فخور بأقربائه الشهداء الذي قاتلوا في الصفوف الأولى"، وأن تدخل المملكة المتحدة سيحدث فرقًا شاسعًا في اليمن، وسيساهم في رفع المعاناة عن شعبها". واستنكر بعض كبار السن دعم العديد من الدول للتحالف العربي، على الرغم من أن اليمن لم تلحق الضرر بأحد". وأشار التقرير إلى أن تحالف صالح والحوثي يواجه اليوم تحديًا كبيرًا مُتمثلًا في حكومة عبد ربه منصور هادي، الحكومة الوحيدة المعترف بها من قبل معظم عواصم العالم، وهو ما جعلهم أمام مواجهة تامة للشرعية التي يطبقها هادي. وسلط التقرير الضوء ثانية على الموقف السلبي الذي يملكه اليمنيون من العالم أجمع، ليس فقط من أمريكا أو من بريطانيا، موقف دفع إلى القول: إن "العالم لا يقف في صف اليمن، فقط لأنها ضعيفة وبلا نفوذ، على عكس المملكة العربية السعودية". وانتهى التقرير إلى الإشارة لتوقعات تفضي إلى أن التحالف بين الحوثيين وصالح سينهار يومًا ما، نتيجة للتناقضات التي يشهدها على الصعيد الإقليمي والخارجي. وفي المقابل، لا تزال طائرات التحالف العربي تحلق على ارتفاع منخفض من الأراضي اليمنية، وتحصد يوميًا أرواح الآلاف من الأبرياء، كما تسبب كارثة إنسانية يروح ضحيتها أبرياء يشردون ويشوهون ويقتلون دون ذنب، بعيدًا عن أي انتماء سياسي.