- جماعة فتح الله غولن كانت حليفًا ل«حزب اردوغان» قبل أن يتحولوا إلى أعداء بعدما شهدت تركيا مساء أمس الجمعة، محاولة انقلاب قام بها مجموعة من العسكريين داخل الجيش، والتي انتهت إلى إعلان السلطات التركية «فشله»، ذهبت الاتهامات رسميًا إلى جماعة «فتح الله غولن» بأنها تقف وراء هذا الانقلاب. ووفقًا ل«cnn» نفى رجل الدين التركي، فتح الله غولن أن يكون له أي صلة بمحاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا. تاريخ الجماعة التي تسمى ب«حركة غولن» أو «حركة الخدمة» - كما يطلقون على أنفسهم - يعود إلى عام 1970، حين أسسها غولن بهدف «دعم الحوار والتفاهم بين الأديان وبين الأفكار بعيدًا عن التعصب»، وذلك بحسب ما يعرفها الموقع الإلكتروني لفتح الله غولن، ووجدت هذه الحركة صداها في تركيا ثم في خارجها خاصة بعد الاجتماع الذي تم عقده بين الشيخ فتح الله وبين بابا الفاتيكان، يوحنا الثاني 1990. لقاء جمع بين فتح الله غولن وبابا الفاتيكان يوحنا الثاني تملك هذه الحركة مئات المدارس في عدة دول، إلى جانب أنشطة أخرى في جمهوريات آسيا الوسطى، منها شركات وأعمال تجارية ومؤسسات خيرية، ومراكز ثقافية، وتقيم مؤتمرات سنوية في دول الاتحاد الأوروبي، كما تمتلك مجموعة «سامانيولو» التي تضم ست قنوات تلفزيونية متنوعة، إضافة إلى ثلاث إذاعات، وتغطي هذه المجموعة 150 دولة. أصبح للحركة منذ تأسيسها اتباعًا كثيرين في تركيا بسبب انحيازها إلى «قومية الدولة التركية»، وفي الوقت الذي تبتعد فيه عن العمل السياسي الحزبي، فإنها تنهمك في التحالف مع الأحزاب السياسية في مقابل الدعم والامتيازات، وتعمل على التغلغل في مؤسسات الدولة والتقدم في المناصب الهامة، وظل حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان منذ تأسيسه واستلامه للسلطة بعد أول انتخابات خاضها عام 2002 (وهو الحزب الحاكم الآن) متحالفًا مع الجماعة لمحاربة تسلط القوى العلمانية المتشددة، والسعى لتعزيز الديمقراطية والحريات. كما ساعدت الجماعة الحزب في تحقيق انتصارًا خلال انتخابات 2007، و2011، وذلك لما تملكه من قاعدة رؤوس أموال، إلى جانب تحكمها في نسبة كبيرة من الأصوات، تُقدر بحوالي 52%. الصراع بين «جماعة غولن» وحزب العدالة والتنمية بدأ الصراع بين «حركة غولن»، وحزب العدالة والتنمية منذ 2013، حين اغلقت الحكومة التركية سلسلة مؤسسات تعليمية تديرها الجماعة، وفي تبريره لذلك قال أردوغان: «الأمر يتعلق بإلغاء نظام تعليم غير شرعي لا يفيد إلا أولاد العائلات الثرية في المدن الكبرى، ويقحم الأولاد في منافسة حامية»، وعليه بدأت حركة احتجاج مُناهضة للحكومة في منتصف ذلك العام، ونشرت صحيفة «زمان» الناطقة باسم الجماعة افتتاحيات تدعم موقف المتظاهرين الذين كانوا ينددون بحكومة أردوغان. أشار المتابعون للشأن التركي آنذاك إلى أن الأزمة بين الحكومة والجماعة قد تبدو في الظاهر متعلقة بمصير المدارس ومراكز الدروس الخاصة، التي تقوم بتهيئة الطلاب للاختبارات العامة لقبول الجامعات، إلا أن لها أبعاد أخرى تتعلق بالآراء السياسية والخلفيات الفكرية ودور الجماعات وعلاقاتها مع الأحزاب، ويلاحَظ هذا بوضوح في مجمل الانتقادات التي يوجهها كل طرف ضد الآخر، ومنها أن حكومة اردوغان انحرفت عن مسار الإصلاح وتعزيز الديمقراطية، عصفت بالحريات، كما تراجعت مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تحفظات الجماعة على تعامل الحكومة مع ملف الأكراد. وكانت إسرائيل، أحد أهم أسباب الخلاف بين الطرفين، حيث اتضح ذلك في عام 2010 حول قضية «السفينة مرمرة» التي حاولت كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة؛ وكانت هذه السفينة تركية والمنظمة الخيرية التي قادت أسطول الحرية إلى قطاع غزة مقرَّبة من حزب العدالة والتنمية، وأدان فتح الله غولن نشاط أسطول الحرية وقال إنَّه «كان من المفروض إبان التحضير لهذا الأسطول الحصول على موافقة إسرائيل من أجل نقل المساعدات إلى غزة». وفي المقابل اتهمت الحكومة التركية الجماعة بأنها كيان مواز تغلغل داخل أجهزة القضاء والشرطة، ما مكنها من القيام بعمليات تنصت غير مشروعة وفبركة تسجيلات صوتية، غير أن «غولن» من جهته نفى في سلسلة حوارات مع صحف تركية وقنوات عربية، هذه الاتهامات وقال إن خصومه يريدون تضليل الناس. وبحسب فورين افيرز، في أبريل 2007 أطلق أنصار رجل الدين فتح الله غولن في جهاز القضاء، وهم حلفاء للحكومة في هذا الوقت، تحقيقات واسعة في الدعاوى القضايّة مثل قضيّة ”أرغينيكون” وقضيّة “المطرقة”، التي اتّهم فيها بعض عناصر الجيش بتدبير انقلاب ضدّ حزب العدالة والتنمية، جرى حبس العشرات من الجنرالات وتم احتجاز المئات من المسئولين العسكريّين المُتقاعدين، وقد تُوّج الصراع بين الحزب والجيش بالاستقالة الجماعيّة للمجلس العسكريّ التركيّ الأعلى في أواخر 2011 وهي الاستقالة التي اعتبرها المراقبون علامة فارقة على استسلام الجيش للمدنيّين، لكن عندما بدأ أنصار فتح الله غولن في القضاء فتح تحقيقات في قضايا فساد طالت عائلة أردوغان ودائرته القريبة، ففي هذا الوقت رأى أردوغان الجيش حليف مُحتمل له فيما سيصبح «حربا شاملة على أنصار غولن». وقد اتهم رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، الجماعة أيضًا بمحاولة الانقلاب على القضاء بتركيا في أبريل 2015، ذلك عندما صدر قرار محكمة الجزاء الابتدائية ال32 بإسطنبول بإخلاء سبيل العديد من المتهمين الموقوفين على خلفية تحقيقات، من بينهم مدير النشر بصحيفة «زمان» المحسوبة على غولن، ومديرين أمنيين آخرين، وذلك رغم وجود قرار من محكمة أخرى يقضي بعكس ذلك، وأكد في تصريحات حينها على أن الحكومة لن تسمح بسيطرة أي جهة تنظيمية على القضاء التركي. بينما هاجم فتح الله غولن حزب أردوغان في تصريحات عديدة، حيث قال، إن «حزب العدالة والتنمية كان قد وعد بدفع مسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون، إلا أنه قد تحول بعد انتخابات 2011 إلى دولة الرجل الواحد». يرى الخبير الألماني في الشؤون التركية، غونتر زويفرت، والذي يعمل باحثًا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP)، وصدرت له دراسة حول حركة عبد الله كولن، أن «حركة غولن» هى «جماعة دينية تركِّز على الداعية عبد الله كولن بالذات، لكنها في الوقت نفسه تنظر إلى تعاليمها الدينية على أنَّها رسالة مجتمعية مدنية كما أنَّ لديها بالإضافة إلى ذلك إرادة سياسية واضحة المعالم». وقال في حوار سابق له: «المحسوبون على هذه الحركة لهم سياستهم الخاصة سواء في الشرطة أو في القضاء أو الجيش، وتهدف سياستهم العامة في المقام الأول إلى إضعاف الحكومة بسبب شعور حركة غولن بالتهديد من حكومة إردوغان، أما في السابق فقد تعاونت الحكومة وحركة غولن بعضهما مع بعض تعاونًا وثيقًا للغاية من أجل إضعاف النخبة العلمانية في البلاد وخاصة من أجل الحد من نفوذ الجيش في الحياة السياسية». وأوضح أن أسباب الخلاف بين الطرفين يعود إلى أن الحركة عملت على توسيع نفوذها في أجهزة الدولة أكثر بكثير مما تسمح لها به الحكومة، وفي الوقت نفسه لا تتكوّن الحركة فقط من العاملين في المدارس والكوادر الإدارية، بل كذلك أيضًا من رجال أعمال يرغبون في جني المزيد من الأرباح من ثمار الدولة أي من المناقصات والأشغال الحكومية وتخصيص الأراضي. وأضاف: «من الناحية الإيديولوجية لا توجد بينها تقريبًا أية اختلافات بينهما، وكذلك توجد لديهما هوية إسلامية قوية وتوجّهاتهما الاجتماعية والأخلاقية محافظة، وهما يشدِّدان على الأدوار التقليدية للجنسين وعلى الهوية القومية التركية، كما أنَّهما يمجّدان بالإضافة إلى ذلك ماضي تركيا العثماني». من هو فتح الله غولن؟ - من مواليد 1941 بقرية تسمى «كوروجك». - درس في المدرسة الدينية، وكان يتردد إلى (التكية) أيضاً، ودرس النحو والبلاغة والفقه وأصول الفقه والعقائد، وكذلك العلوم الوضعية والفلسفة. - عندما بلغ العشرين من عمره عيّن إماماً في جامع (أُوجْ شرفلي) في مدينة (أدرنة) حيث قضى فيها مدة سنتين ونصف سنة في جو من الزهد، وقرر المبيت في الجامع وعدم الخروج إلى الشارع إلا لضرورة. - بدأ عمله الدعوي في أزمير في جامع (كستانه بازاري) ثم عمل واعظاً متجولاً. - لا يميل الى تطبيق الشريعة في تركيا، وهو ضد تدخل الدين بالسياسة. - يعيش غولن في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا الأميركية حيث يترأس شبكة ضخمة غير رسمية من المدارس والمراكز البحثية والشركات ووسائل الإعلام في خمس قارات منذ 1999.