صوته المصري اشتهر به قبل أن يحفظ الجمهور ملامحه.. فتلك النبرة المصرية الدافئة تدل على فنان قدير من زمن جميل، يدرك مفاتيح لغته العربية جيدًا، ويملك الوسائل السهلة للوصول إلى قلوب متابعيه، ويشعرك بأنه أحد أفراد عائلتك ليلقى اهتمامك ويجذب قلبك منذ اللحظة الأولى التي يطل فيها على الشاشة. الفنان القدير عبد الرحمن أبو زهرة.. سلك مشوارًا فنيًا طويلًا ارتكز فيه على موهبته ودراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية، ورغم عمله فيما بعد في وزارة الحربية، إلا إنه لم يستطع الابتعاد كثيرًا عن الفن الذي يعشقه، وحاول التواجد فيه خلال عمله كممثل في المسرح القومي، وقدم عددًا من المسرحيات لكبار الروائيين منهم توفيق الحكيم، ولم يضع أبو زهرة في تفكيره يومًا أن يصبح النجم الذي تسلط نحوه الأضواء، حتى إنه انتظر كثيرًا على خشبة المسرح، مستمتعًا بتصفيق الجمهور الذي لم يكن يعرف اسمه في البداية، قبل أن يخطف الانتباه بموهبة تشع بريقًا وتستحق العمل في السينما والدراما أيضًا، ومن هنا كانت الإنطلاقة. لا يمكن لأحد تخيل أن الدور الذي يقدمه أبو زهرة يمكن أن يجسده فنان آخر، فهو يمنح الدور أداء إنساني مميز، حتى إن قدم أدوارًا تصنف بالشر، فهو يعمل على تفاصيلها بدرجة تزيد من مصداقيته لديك، ومع أنه لم ينل البطولة في أي عمل سواء كان سينمائي أو تليفزيوني، إلى جانب شهرته بعدما بلغ الشيب شعره، إلا إنه يمثل أحد عناصر العمل الرئيسية التي ترجح كفة العمل الذي يشارك فيه، ولعل ظهوره في مجموعة من حلقات المسلسل الشهير "لن أعيش في جلباب أبي"، بشخصية "سردينة"، مع الفنان الراحل نور الشريف دليلًا على ذلك، فكانت له طريقة في الأداء يتذكرها الجمهور حتى الآن، بل ومازال يردد بعض الجمل الحوارية التي قالها خلال مشاهده، وهو ما يعد نجاح كبير له. والأمر أيضًا ينطبق حتى على ظهوره كضيف شرف، كما هو جاري الآن في مسلسل "أبو البنات" مع النجم مصطفى شعبان، فهو يجسد شخصية رجل صاحب حكمة في الأمور، يتوجه إليه مصطفى عندما يقع في أزمة ليستشيره فيما قد يفعله نحو هذه المشكلة. ورغم أن أبو زهرة، تجاوز مرحلة الثمانينات من عمره، إلا أن كثير من الأطفال يتذكرونه من خلال أعمال الكارتون التي شارك فيها بأداءه الصوتي، نظرًا لكونه يتمتع بطبقة صوت قوية ومييزة، منها شخصية "سكار" في فيلم الرسوم المتحركة "الملك الأسد"، والذي قدم فيه أغنية بعنوان "استعدوا"، حققت أصداء إيجابية كثيرة وقت عرضه، إلى جانب شخصية "جعفر الشرير" في "علاء الدين"، وشخصيات أخرى عديدة تركت أثرًا في أجيال كثيرًا تربت على صوته وعشقته. هذا إلى جانب إجادته الحديث باللغة العربية الفصحى، وهو ما ساعد في استغلال صناع الأعمال التاريخية له في مسلسلاتهم منها "عمر بن عبد العزيز"، بالإضافة إلى جانب مشاركته في أعمال تعد من تراث الدراما المصرية منها "ألف ليلة وليلة"، "لا"، "الحاوي"، "الزيني بركات"، "السيرة الهلالية"، بل إن قدراته التمثيلية تجعل من الصعب على المشاهد إيجاد عناصر مشتركة بين أدواره التي قدمها، حتى إن كانت واحدة، منها شخصية المحامي صاحب الخبرة برع عبد الرحمن أبو زهرة في مسلسل "أميرة في عابدين" مع الفنانة سميرة أحمد، والمحامي أيضًا في فيلم "حب البنات"، وهو الدور الذي ساهم في تحريك دفة الأحداث وجمع الشقيقات الثلاثة في منزل واحد رغم نفورهن من بعض، وهن ليلى علوي، حنان ترك، هنا شيحة.