على نيل مصر الخالد.. وفي إحدى قرى محافظة الجيزة، ولد الشيخ محمد محمود الطبلاوي في 14 نوفمبر من عام 1934، لكن أصوله تعود إلى محافظتي الشرقية والمنوفية، تزوَّج مبكرًا وهو في سن ال16 من عمره. حرص والده على تعليمه أصول الدين الإسلامي الحنيف فألحقه بكُتاب القرية وهو في الرابعة من عمره ليكون من حفظة كتاب الله عز وجل ورجال الدين وفي الكُتاب، أتمَّ حفظ القرآن الكريم وتجويده وهو في العاشرة من عمره، وعلى الرغم من ذلك لم يترك الفتى القرآن ولم ينقطع عن الكّتاب وإنَّما ظلَّ يتردَّد عليه بانتظام والتزام شديدين ليراجع القرآن مع أقرانه مرة كل شهر. تتلمذ الشيخ على يد مشايخ بارزين، بزع صيتهم في زمانهم، ومنهم الشيوخ عبد الفتاح القاضي، وأحمد مرعي، ورزق خليل حبة، ومحمود حافظ برانق، وعبد الحميد المسيري، رحمهم الله جميعًا. الطبلاوي، أحد أفضل الأصوات المغردة بآيات كتاب الله، تجويدًا بالذات -كما يرى كثيرون-، يعيش في شارع مسمى باسمه بين شارعي الهرم وفيصل ويليه شارع الحاج محمد عبداللطيف قناوي، ولديه مسجدًا باسمه في شارعه. قرأ "الطبلاوي" القرآن وانفرد بسهرات كثيرة وهو في ال12 فقط من عمره، ودعي لإحياء مآتم لكبار الموظفين والشخصيات البارزة والعائلات المعروفة، بجوار مشاهير القراء الإذاعيين قبل أن يبلغ ال15، واحتلَّ بينهم مكانة مرموقة. وهو في ال16 من عمره، أصبح القارئ المفضل لكثير من العائلات الكبرى نظرًا لقوة أدائه وقدراته العالية ونفسه الطويل الذي أهله للقراءة المتواصلة ولمدة تزيد على الساعتين دون كلل أو إرهاق، ساعده على ذلك اهتمامه الشديد بالمحافظة على صوته وتدريبه المستمر، وحرصه على مجالسة مشاهير القراء والاستماع إليهم مباشرة وعن طريق الإذاعة أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ علي محمود والشيخ محمد سلامة والشيخ الصيفي وكامل البهتيمي ومصطفى إسماعيل. حاول الشيخ الطبلاوي التقدُّم للإذاعة وبلغت محاولاته حينذاك أكثر من تسع مرات، وكان سبب الرفض من وجهة نظر اللجنة أنَّه لم ينتقل من نغمة إلى أخرى وكذلك لابد من وجود طبقات موسيقية في صوته فكانوا يقولون لا يعطى مهلة قدرها سنة. واستمر على هذه الحال لمدة تسع مرات حتى جاءت المرة العاشرة التي أشادت فيها اللجنة بقدراته وموسيقاه النغمية في القراءة وكذلك قدرته على الانتقال من مقام موسيقي إلى آخر بفضل إمكاناته العالية،وبعد فترة قصيرة سطع نجم الشيخ الطبلاوي وعرف بين الناس بأنه القارئ الوحيد الذي اشتهر في أول ربع ساعة انطلق فيها صوته عبر الإذاعة، شهرة مدوية عمت أرجاء مصر والأمة العربية والإسلامية. في عام 1970، اعتمد الشيخ الطبلاوي قارئًا مشهورًا بالإذاعة، وسجَّل أكثر من تلاوة قصيرة قوبلت بالإعجاب والاستحسان من قبل ملايين المستمعين، وأصبح ظاهرة استحقت حديث الناس جميعًا على اختلاف أشكالهم وثقافاتهم حتى أطلق عليه الناس لقب "ظاهرة العصر". وكان يذاع له برنامج اسمه "من إذاعتنا الخارجية" في إذاعة "صوت العرب"، مما زاد من شهرته وأصبحت الدعوات توجه إليه من جميع الدول العربية والإسلامية، وكذلك الدول الأوروبية حيث كان يُستقبل فيها استقبالاً حافلاً، فسافر الشيخ إلى أكثر من 80 دولة عربية وإسلامية بدعوات خاصة ومبعوثًا من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، ممثلاً مصر في العديد من المؤتمرات ومحكمًا للكثير من المسابقات الدولية التي تقام بين حفظة القرآن الكريم من كل دول العالم، فمن اليونان جاءته دعوة ليتلو القرآن أمام مسلمي اليونان. لُقِّب الطبلاوي ب"شيخ عموم المقارئ المصرية"، تولى عضوية المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضوية لجنة القرآن والمستشار الديني بوزارة الأوقاف.