عبد الناصر وقع الخطة جرانيت ١، ٢ واستعد للثغرة بالخطة ٢٠٠ صرخة "حنحارب" بعثت الروح في الجيش الطريق إلى ٢٥ أبريل ١٩٨٢ يوم انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأرض التي احتلتها إسرائيل بعد حرب ١٩٦٧ مر بسنوات وسنوات من المعارك السياسية والعسكرية والدبلوماسية، بدأت بعد أيام من الهزيمة واحتلال كامل لشبه جزيرة سيناء إضافة للضفة الغربية والجولان، مرورًا بمعارك وانتصارات وهزائم سنوات حتى خرج آخر إسرائيلي من سيناء، ورفع العلم المصري في هذا اليوم في العريش وتم استرداد كامل أرضي سيناء ما عدا طابا التي استردت لاحقًا بالتحكيم الدولي في 15 مارس 1989 م. أول شرارة لتحرير الأرض وطرد المحتل أطلقها الشعب وليس الجيش في الخروج التاريخي للملايين في كل القطر المصري لرفض تنحي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عقب الهزيمة رافعين كلمة واحدة: "حنحارب"، فوقع الشعب قرار الحشد والتعبئة لتحرير سيناء واسترداد الأرض وسلمه للقيادة السياسية ومن خلفها القيادة العسكرية للإعداد لمعركة التحرير وقد كان. الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي حمل وزر الهزيمة منفردًا، ربما حتى اليوم، بدأ الإعداد لمعارك التحرير التي لا ينكرها المنصفون عندما يتحدثون عن نصر أكتوبر وتحرير سيناء، لأن خطة حرب أكتوبر التي خاضها الجيش المصري بعد رحيل عبد الناصر بثلاث سنوات هي نفسها الخطة التي أقرها عبد الناصر تحت اسم "الخطة جرانيت"، وتعدلت للخطة بدر وقبلها أطلق حرب الاستنزاف التي استمرت حتى قبل وفاته بشهور عندما أقر وقف إطلاق النار بين البلدين. كانت الخطوات الأولى على طريق التحرير بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة بدأتها البحرية بمعارك مثلت صدمة للإسرائيليين ولا عجب فالقوات البحرية كانت السلاح الوحيد الذي لم يشارك في حرب ١٩٦٧ وخرجت بقواتها وتسليحها دون أي تضرر من الهزيمة باستثناء الضرر المعنوي، وفي أكتوبر ١٩٦٧ حقق رجال البحرية نصرا لا يزال محفورا حتى الآن في سجلات العسكرية العالمية عندما تمكن رجال البحرية من إغراق المدمرة إيلات بصواريخ سطح سطح محمولة على زورق خفيف وبعدها أغرق طلاب البحرية المدمرة "إبراهيم". وتم تحويل تنظيم قيادة المنطقة العسكرية الشرقية التي كانت تخضع لها من قبل وحتى عام ١٩٦٧م القوات الموجودة في سيناء، ومنطقة القناة بقيادتين ميدانيتين اقتسمتا الجبهة بالتساوي وهما: الجيش الثاني الذي كلف بالقطاع الشمالي من الجبهة، والجيش الثالث الذي كلف بالقطاع الجنوبي، وأنشئت أيضا قيادة قوات الدفاع الجوي بمثابة القوة الرئيسية الرابعة في القوات المسلحة. "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" رفعها عبد الناصر شعارًا طوال سنوات ثلاث خاضت مصر خلالها عملية مركبة لإعادة بناء نقاط القوه وانتقلت من الصمود إلى الردع إلى الاستنزاف ثم وقف إطلاق النار وخلال مرحلة الصمود من يونيو ٦٧- أغسطس ٦٨”تخللتها معارك رأس العش والمدمرة إيلات وبعض معارك جوية متحدية، وخلال مرحلة الردع الردع ٦٨ - فبراير ٦٩″ نشط الدفاع وتجسد بمعارك كثيفة للمدفعية لإقلاق راحة العدو في النقاط التي تمركز فيها على خط القنال، وكان من نتائجها بناء خط بارليف الأول. أما مرحلة الاستنزاف من مارس ٦٩ إلى أغسطس ٧٠ مدة سنة ونصف السنة، فتميزت ب”الهجوم الحذر” وخلالها تم تدمير خط بارليف الأول بالمدفعية المكثفة المستمرة طوال شهري مارس وأبريل ١٩٦٩، ونفذتت الصاعقة عمليات متتالية خلف خطوط العدو وتكررت غارات الضفادع البشرية على ميناء إيلات وتخريب الميناء التجاري وسفن تجارية ثم نسف الرصيف الحربي وإغراق المدمرتين بيت شيفع وبيت يام ١٩٦٩. مع تصاعد معارك الاستنزاف تحولت معارك المدافع إلى عمليات عبور محدود إلى الضفة الأخرى من القناة - تدخل إلى المواقع، وتواجه تحصيناتها، وتشتبك مع قوات العدو وتتعرض لدورياتها وفي يوليو 1969 قامت قوة مصرية بالعبور من بور توفيق واقتحمت موقعًا إسرائيليًا وقتلت وجرحت نحو 40 جنديًا واستمرت في الموقع لمدة ساعة بعد أن دمرت 5 دبابات إسرائيلية ومركز مراقبة وعادت بأول أسير إسرائيلي، وفي التاسع من ديسمبر عام 1969 قامت طائرة ميج 21 مصرية بإسقاط أول طائرة فانتوم إسرائيلية. وفي يوليو 1970 تمكنت صواريخ الدفاع الجوي في أسبوع واحد من إسقاط 17 طائرة إسرائيلية فيما عرف بأسبوع تساقط الطائرات الفانتوم الإسرائيلية، وخلال معارك الاستنزاف خسرت إسرائيل ثلاثة أمثال ما لحقها من خسائر بشرية خلال حرب 1967، وفقدت خلالها 40 طيارًا، 27 طائرة قتال، ومدمرة، و7 زوارق وسفن إنزال، و119 مجنزرة، 72 دبابة، 81 مدفع ميدان وهاون، وقتل 827 جنديًا وضابطًا وأصيب 2141 فردًا. ووسط المعارك العنيفة سقط رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق عبد المنعم رياض شهيدًا على الجبهة فكانت صدمة لعبد الناصر وللجيش لكنها لم تفت في عضدهم وبنهاية حرب الاستنزاف وقبول وقف إطلاق النار كان عبد الناصر قد وقع خطة الحرب جرانيت والتي أكد روايتها الفريق محمد فوزي وزير الحربية الأسبق والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذي أكد أن عبد الناصر وقع خطتين: الأولى: الخطة جرانيت ١: وهدفها عبور قناة السويس بقوة خمس فرق من المشاة والمدرعات تعمل تشكيلاتها تحت إمرة ثلاثة من قواد الجيوش يختص كل منهم بمنطقة على الخط الطويل الممتد من بورسعيد إلى السويس، والمهمة للثلاثة عبور قناة السويس بقوة السلاح والتمسك بثلاث رؤوس كباري عرضها عشرة كيلو مترات على الأقل كي تظل في حماية حائط الصواريخ حتى تسيطر على رؤوس الكباري التي تبدأ منها الطرق الرئيسية الثلاثة: الجنوبي والأوسط والساحلي. والثانية: جرانيت ٢: وهدفها التقدم بعد إتمام السيطرة على رؤوس الكباري في ظرف ثلاثة أيام إلى احتلال مضايق سيناء والسيطرة عليها (مضيق الجدي) تحديدًا والتمسك بها تحت أي هجمات مضادة لاستنزاف القوات الإسرائيلية من ناحية ودفعها إلى مناطق مكشوفة تمامًا - وفي الغالب يفرض عليها التراجع إلى خط "أم كتاف" على الحدود بين مصر وفلسطين. وأما الثالثة: (الخطة 2000) فكانت خطة مضادة لاحتمال قيام القوات الإسرائيلية الخاصة باختراق قناة السويس في اتجاه معاكس من الشرق إلى الغرب بقصد النفاذ وراء الجيوش المصرية الثلاثة والقيام بعمليات "كوماندوز" لمهاجمة وتدمير أو شل فاعلية قواعد الصواريخ من طراز سام (2) وسام (6) وحرمان قوات العبور من حمايتها. ووضعت الخطط الثلاث قبل رحيل عبد الناصر ووقع على الأولى، ثم وقع خلفه أنور السادات على جرانيت (2) والخطة (2000). بعد أن لحقت بهما تعديلات رفعت من مستوى المقاتل والاستعداد للقتال.