تعكس آفة التحرش مرضا بالنفوس والضمائر، وباتت واقع يفرض نفسه على الشارع، لكن المثير لفزع هو بلوغ تعداد تلك الجرائم داخل المستشفيات على الأجهزة الطبية وأسّرٍة المرض، كان آخرها تحرش فنى آشعة، بطالبة داخل مستشفى جامعة القاهرة أمس، وتكرار مثل تلك الواقعة فى مستشفيات عدة بكافة أنحاء مصر، وكثرة الشكاوى التى تنتهى غالبًا بعقوبة إدارية دون جزاء قاطع. جريمة داخل مستشفى الطلبة طالبة كلية التجارة بجامعة القاهرة، أصيبت بالتواء فى قدمها، ونقلتها زميلاتها إلى المستشفى للفحص الطبى والتأكد من عدم وجود كسر بالقدم، وعلى باب حجرة الآشعة طلب الفنى المختص انتظار زميلاتها بالخارج، بحجة عدم السماح بالدخول إلا للمريض منعًا لانعكاس تأثير الآشعة على الآخرين، لكن دقائق معدودة وعلا صراخ الطالبة. واستغاثت بزملائها واتهمت فنى الآشعة «أ. ر»، بالتحرش بها، فبادروا بالإتصال بأسرتها، وتقدموا بشكوى إلى مدير المستشفى، واعتذر لها المسؤل الموجود حينها، وأحال "الفنى" إلى التحقيق، بينما تم التغاضى عن تحرير محضر شرطة بالواقعة. اثبات تحرش بمريضة فى الغردقة كانت مستشفى الغردقة شاهدًا على جريمة مماثلة، لكن القانون وتحقيقات النيابة الإدارية أنصفتا الضحية بإحالة المتهم للمحاكمة التأديبية، حيث أعلنت النيابة الإدارية فى 9 يوليو 2015، عن قرارها بإحالة فني أشعة بمستشفى الغردقة العام للمحاكمة التأديبية بتهمة التحرش بسيدة جنسيا ولفظيا أثناء إجرائها أشعة بالمفصل. والذى أصر على اتخاذ الإجراء القانونى ضد المتهم، هو زوج الضحية «صالح.ص»، الذى هدأ من روعها وواجه "فنى الآشعة"، وتقدم بشكوى ضده إلى مديرية الصحة يتهمه فيها بالتحرش بزوجته أثناء إجرائها أشعة تشخيصية. وانتهى التحقيق الذى باشره عبدالعزيز العزالى، وكيل أول النيابة الإدارية، تحت إشراف المستشار أسامة الدهشان والمستشار عادل عطا الله مدير النيابة، إلى ثبوت الواقعة، وبناء عليه تقرر إحالة المتهم إلى المحكمة مع مطالبة النيابة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم. وأكدت التحقيقات على أن المتهم «جاد.م.ج» خرج على المقتضى الوظيفى وسلك مسلكا معيبا لا يتفق مع الاحترام مع الواجب الوظيفى وتلفظ تجاهها بألفاظ غير لائقة تجاه الضحية، خلال إجرائها أشعة بالمفصل بالمستشفى. تحرش داخل مستشفى الصدر شهد منتصف شهر مايو من العام 2015، جريمة تحرش وصلت حد محضر الشرطة دون التحقيق الإدارى، وتم خلالها القبض على فنى آشعة بمستشفى الصدر بالعباسية، واحتجازه داخل قسم ثان مدينة نصر، بناء على قرار من النيابة العامة، وذلك لتحرشه بمريضة. ونسبت التحقيقات إلى «الفنى» تهمة التحرش بربة منزل داخل مستشفى الصدر فى العباسية أثناء إجراء أشعة لها، وشرحت المجنى عليها أن "أديب.ج" فنى الأشعة، طلب منها تخفيف وخلع ملابسها لعمل الآشعة، مؤكدًا وجوب ذلك، فاتبعت التعليمات فى الحدود ما سمحت به، لكنها فوجئت بالفنى يتحسس جسدها، فصرحت وأصرت على تحرير محضرًا ضده. ممرض يحاول اغتصاب مريضة بالسويس واقعة جديدة من تلك الجرائم بلغت حد محاولة الاغتصاب، داخل مستشفى جامعة قناة السويس، فى ديسمبر 2009، وأمرت فيها النيابة العامة بحبس المدعو «ا. ج. ا»، 29 سنة، ممرض على ذمة التحقيق. واتهمت ربة المنزل «ف. ا. م»، 21 عاما، «الفنى» بالتحرش بها ومحاولته الاعتداء الجنسي عليها، خلال التجهيز لخضوعها لعملية جراحية بقدمها، موضحة أن المتهم اصطحبها إلى غرفة العمليات، وفوجئت به يتحرش بها فتعالت صيحاتها وأسرعت بالخروج من الغرفة، وعلى الفور توجهت لقسم ثالث، وحررت المحضر رقم 6259 جنح قسم ثالث ضد الممرض. وألقى الرائد حسام حسن حينها القبض على المتهم للتحقيق معه، فيما هو منسوب إليه، وبعرضه على النيابة العامة تبين صحة اتهام المدعو، لوجود آثار اعتداءات عليها من الخارج من كدمات وخدوش. ماذا تفعلين لحماية نفسك من التحرش بالمستشفيات؟ سؤال مهم بات يستوجب العمل بإجابته، مع خلل تلك الوقائع الإجرامية التى نراها، ويفيدنا فى ذلك السياق الخبير الأمنى، عميد الشرطة السابق محمود قطرى، إذ يؤكد على أن الأصل فى الإنسان هو البراءة وحسن النية، لكن ذلك الكلام أصبح يتناقض مع واقع الحال، لكون الأخلاق أصبحت على المحك فى حالة اهتزاز، بما يوجب على الجميع توقع التعرض للخطأ قبل القويم. وأوضح «قطري» أنه على الفتيات والسيدات، حتى وإن كن مرضى، أن يحذرن من التعرض للتحرش، وتتعامل على هذا الأساس والالتزام بالجدية ومجافاة الخنوع حتى لا يطمع الذى فى قلبه مرض. ونصح الخبير الأمنى بتواجد مرافق مع السيدة، سواء سيدة أخرى أو حتى رجل من أهلها كالأب أو الزوج أو الابن، وهكذا، حتى وإن كان الكشف خلف ستار أو ما شابه، فلا عيب فى وجود أحد المحارم مع المريضة، وذلك يمنع التحرش فى الظروف المرضية بشكل شبه قاطع. وأشار إلى أنه توجد حالات قد يتعذر فيها مرافق للمريضة، فتضطر السيدة للتواجد بمفردها مع الفنى أو المختص مثل الآشعة أو ما شبه، وهنا على المريضة طلب طبيبة أو ممرضة لتولى أمرها، فإن لم يكن بد من قيام رجل بتلك المهمة فإنه عليها الانتباه والجدية، والحرص على وجود مسافة أيًا كانت محدودة بينها وبين من تتعامل معه، والمصارحة فور تضايقها من أية فعل، والتنبيه على مراعاة الحرمات باعتباره غريب. للأسف القانون يطلب دليل أبدى الخبير الأمنى أسفه على قيود محاسبة المتحرشين، وضرورة وجود دليل يثبت فعلته، علاوة على ازدواجية المجتمع الذى يعانى خللًا فى القيم ولا ينصف ضحية التحرش بصورة مطمئنة إنسانيًا، ولذلك فى حالة الشكوى لا بد أن يوجد دليل، خاصة إذا رغبت الضحية فى تحرير محضر شرطة وإحالة الأمر إلى النيابة العامة، بينما فى حالة الشكاوى الإدارية فإن الجزاء لا يكون رادع، ويتمثل فى النقل من العمل أو الفصل والخصم حال ثبوت التهمة.