«أردوجان لم يعد قادرا على كل شئ».. كان هذا عنوان تحليل نشرته صحيفة حريت ديلي نيوز التركية باللغة الإنجليزية؛ مشيرة إلى أن موجة احتجاجات ميدان تقسيم بالعاصمة أسطنبول "تحولت إلى أول هزيمة عامة للصورة القوية جدا لرئيس الوزراء رجب طيب أردوجان على يد الشعب التركي نفسه". أردوجان شدد على موقفه الصارم فيما يتعلق بالمتظاهرين المحتجين على قرار تحويل البقعة الخضراء الوحيدة المتبقية في ميدان تقسيم إلى مركز تجاري، وطلب من المحتجين التخلي عن جهودهم لمحاولة دخول الميدان الذي يحاصره فرق الشرطة، كما تعهد بالتحقيق في الاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع، مشددا على أنه لا يمكن أن ينجح المتظاهرون فيما يسعون إليه. الحشود زادت إلى مئات الآلاف بعد ما كان في الميدان 50 شخص فقط منذ 4 أيام، والفضل في ذلك للطرق الوحشية التي تلجأ إليها الشرطة التركية لتفريقهم. لكن بالرغم من ذلك انتشر الغاضبون في مدن تركية أخرى؛ أنقرة وأزمير وإسكيشهير وغيرهم. بالتزامن مع هذه الاحتجاجات، وقعت خطوتين سياسيتين ذكيتين غير عاديتين وقعتا. الأولى إلغاء مظاهرة كبيرة كان مخطط لها من قبل حزب الشعب الجمهوري المعارض ضد سياسات الحكومة، لكن طلب زعيم الحزب كمال كيلجدار أوجلو من مؤيديه التوجه إلى ميدان تقسيم بدلا من ذلك ودعم المحتجين هناك. يعتقد البعض أن هذه الخطوة ربما تأتي بنتائج عكسية، ويروج أردوجان إلى أن كيلجدار يحاول استغلال الاحتجاجات سياسيا. أما الخطوة الثانية فكانت اتصال الرئيس التركي عبد الله جول ثلاث مرات على الأقل بحاكم إسطنبول ووزير الداخلية وبأردوجان نفسه يطلب منهم التوقف عن عداء المتظاهرين بشكل أكبر. وبعد هذه المكالمات مباشرة حوالي الساعة 4 عصر السبت، بدأت قوات الشرطة الانسحاب من الميدان، وحوالي الساعة 5 بدأ المتظاهرون مسيرة إلى تقسيم منتصرين، وأخذوا يرددون هتافات تتطالب بإقالة رئيس الوزراء. كيلجدار لم يظهر في هذا الوقت بتقسيم، وأيضا لم تظهر أي لافتات أو أعلام خاصة بحزبه. وقال المتحدث الرسمي باسم الشعب الجمهوري أن كيلجدار لم يذهب لتجنب اتهامه بالانتهازية السياسية، وهذه خطوة ذكية في الواقع، على حد وصف حريت ديلي نيوز. أن تتطلق على هذه الاحتجاجات الربيع التركي قد يكون مغالاة. يمكن أن يكون ربيعا تركيا فقط إذا كانت هناك قوى معارضة يمكنها إيقاف عرض الرجل الواحد ذي القوة الجبارة، لكن في الوقت ذاته تعتبر مجازفة تقسيم "نقطة تحول" في أيقونة أردوجان الجبارة.