حكومة الإقليم تحفر خندقا حول الأراضي التي يسطير عليها لفرض ترسيم جديد للحدود حلم إقامة دولة كردية قومية تجمع الكرد الموجودين في العراق وإيران وتركيا وسوريا، حلم قديم رافق الأكراد منذ رسم الخرائط السياسية في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى "اتفاقية سايكس - بيكون"، وظل هذا الحلم يدغدغ الوجدان الكردي كلما رأى الكرد أن الظروف والمتغيرات الإقليمية مناسبة مع قناعة بأن هذا الحلم يصطدم بجدار الدول المذكورة نظرا لأنها تمس حدودها وجغرافيتها وسيادتها. وعليه حرص الكرد طوال العقود الماضية على أن تكون شعاراتهم القومية مقبولة، تحاشيا للصدام مع أنظمة هذه الدول خاصة وأن المصالح الدولية كانت تصب غالبا لصالح العلاقة مع هذه الدول، وليس مع الطموحات الكردية القومية. إعلان الاستفتاء وجَّه رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، اليوم الأربعاء، دعوة لإجراء استفتاء على استقلال الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي الواسع في العراق، موضحًا أنه "غير ملزم". وقال "البارزاني": إن "الوقت قد حان لاتخاذ الشعب الكردي قراره من خلال إجراء استفتاء على مصيره"، مؤكدًا أن الاستفتاء لا يعني إعلان قيام الدولة، لكنه يضمن معرفة إرادة ورأي الشعب الكردي بشأن مسألة الاستقلال، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية يجب أن تنفذ إرادة الشعب في ظروف محددة. وأوضح أنه إذا انتظر شعب كردستان أن يأتي أحدًا آخر ليقدم له حق تقرير المصير كمنحة، فإن الاستقلال لن يتحقق أبدًا، مشددًا على أن هذا الحق موجود ولابد أن يطالب به شعب كردستان وأن يضعه حيز التنفيذ.
هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها البارزاني عن نيتها إجراء الاستفتاء، قد أخبر في اجتماع الأطراف السياسية الكردية، الأسبوع الماضي، بضرورة "إجراء استفتاء حول مستقبل ومصير اقليم كوردستان، قبل بدء الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ستجري في تاريخ 8-11-2016، لكي يعطي الشعب الكردستاني قراره". وقبلها بأيام قليلة، قال رئيس إقليم كردستان العراق، لصحيفة الجارديان البريطانية، إلى أن حقبة اتفاقية سايكس بيكو قد انتهت وإن الوقت قد حان لعمل اتفاقية جديدة في الشرق الأوسط. وأضاف رئيس إقليم كردستان، أن سورياوالعراق لن يعودا دولتين موحدتين من جديد بسبب اضطراب الأوضاع ولا يمكن فرض التعايش الإجباري على مكونات مختلفة بعد الآن. وطالب بارزاني بإعادة رسم خريطة سورياوالعراق، وقال إن كردستان على وشك أن تكون دولة مستقلة من أي وقت مضى، وأشار إلى أن هذه الحقيقة باتت تلقى قبول المجتمع الدولي. وفي نفس السياق الانفصالي، صرح رئيس وزراء كردستان، نيجيرفان بارزاني، لهيئة الإذاعة البريطانية منذ عام، أنه "من شبه المستحيل" أن يعود العراق كما كان عليه قبل احتلال متشددين إسلاميين للموصل. كما عبر كمال كركوكي، المسؤول الكبير في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني والقائد العسكري على جبهات القتال مع داعش في كركوك، أنه لا تساوره أية شكوك بأن الاستقلال هو الهدف، وأنه أصبح في متناول اليد، سواء وافق العالم أو لم يوافق. وأضاف كركوكي لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور: "إذا كنا نقاتل من أجل البقاء في العراق كفيدرالية، فإني لن أقاتل داعش دقيقة واحدة، ولن أبقى في هذا الجحيم"، وتابع متسائلًا: "ما هو العراق؟ إن هذا البلد لا يسيطر على أجوائه، ولا يسيطر على أرضه أو حدوده، ولا يسيطر على نفطه ومائه، إنه عراق فاشل". ترسيم الحدود من طرف واحد تحفر حكومة الإقليم، خندقا تقول إنه لأغراض أمنية، من أجل منع حدوث هجمات في مناطق لها حدود مع أراض تخضع لسيطرة تنظيم داعش الذي يسيطر على أجزاء من العراقوسوريا المجاورة. ويبدأ الخندق من منطقة ربيعة على الحدود السورية، ويمتد حتى مدينة خانقين على الحدود الإيرانية، وأثار ذلك حفيظة الأقلية التركمانية التي تقول إنها تخشى من أن يكون الخندق محاولة لترسيم حدود إقليم كردستان. وبينما تعمل حفارات ضخمة في حفر خندق واسع، ذكرت السلطات الكردية أن الخندق سيحمي قوات البشمركة من مقاتلي تنظيم داعش، مع احتدام صراع في سوريا ومناطق عراقية أخرى جنوب الإقليم شبه المستقل. وقال أمين عام وزارة البشمركة جابر الياور: "الخنادق التي تحفر في المواقع الدفاعية لقوات البشمركة أمام المناطق التي تسيطر عليها قوات داعش، هي ليست حدود لإقليم كردستان العراق، وإنما هذه الخنادق لأجل منع الآليات المفخخة لإرهابيي داعش، وأيضاً منع الإرهابيين من الوصول لمواقع البشمركة وتفجير أنفسهم، ليس لهذه الخنادق أي علاقة بحدود إقليم كردستان، وليس لها أي علاقة بالمواضيع الجغرافية أو السياسية أو المشاكل الموجودة ما بين الإقليم والحكومة الاتحادية". وأضاف الياور: "لن تُنفذ محاولة لإقامة دولة للأكراد دون محادثات مع الحكومة العراقية والزعماء الإقليميين، لنا الحق مستقبلاً أن يكون هناك استفتاء في الإقليم، وكما للدول العربية 22 دولة، فإن الإقليم له حق في أن تكون له دولة، في أي وقت لو أراد الإقليم أن تكون له دولة فيكون عبر استفتاء وعبر اتفاقات مع الحكومة الاتحادية ورضا الجيران ورضا كل دول الإقليم، وأيضا بنهاية اتفاق عام ما بين الإقليم وما بين كل دول العالم وحتى منظمة الأممالمتحدة". من جانبه طالب العضو التركماني في مجلس النواب العراقي حسن تورهان، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بالتحقيق في حفر الخندق. وقال تورهان: "نسأل العبادي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، أولا: هل لديه موافقة على حفر هذا الخندق، ثانيا: لماذا كان حفر الخندق سريا ولم يكن علنيا؟، ثالثا: إذا كان الموضوع أمنيا فيجب أن يكون لدى حكومة إقليم كردستان تطمينات أن الخندق لن يُستخدم لأغراض سياسية ولأغراض رسم الحدود". وسيطر الأكراد على كركوك بشكل كامل الصيف الماضي، عندما هجر الجنود العراقيون قواعدهم في المدينة وحولها، مع اجتياح مقاتلي تنظيم داعش نحو ثلث العراق. ويقول زعماء أكراد إنهم لن يتخلوا أبداً عن كركوك التي تقع خارج الحدود الرسمية لمنطقتهم، وبها بعض من أكبر احتياطيات النفط في العراق. انفصال وشيك وذكر تقرير للمركز العالمى للدراسات التنموية، فى لندن، أنه من المنتظر انفصال إقليم كردستان عن العراق واعلان الدولة الكردية بحلول عام 2017 موضحا أن تصدير النفط من الإقليم سيكون أول ملامح الدولة الكردية. وعلى الرغم من أن التقرير يشير إلى أن القدرة الاقتصادية ستكون من أهم العوامل الرئيسية المشجعة على إعلان الاستقلال حيث من المتوقع أن يكون إقليم كردستان قادرا على تصدير 700 الف برميل نفط يوميا اذا استمر الانتاج بوتيرته الحالية إلا ان التقرير شدد على أن اعلان الدولة الكردية يرتبط بحسم القضايا العالقة فى العراق بشأن توزيع الثروات النفطية فى البلاد. القدرات العسكرية للإقليم البشمركة هي الجناح العسكري للإقليم، تم تأسيسها لتكون جيشا لدولة يسعى الأكراد لإقامتها في مناطقهم بالعراقوسوريا وتركيا وإيران. وشنت البشمركة حرب عصابات ضد حكومات بغداد منذ عام 1961 وأيدت الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وتخوض حاليا حربا ضد تنظيم الدولة الإسلامية. تحولت البشمركة لنواة جيش إقليم كردستان العراق بعد تأسيسه عام 2005. وسمح لها دستور الإقليم الجديد بالقيام بعمليات في الأراضي العراقية، في حين منع وجود أي جندي عراقي بأراضي الإقليم الكردي إلا بإذن من حكومته. وتتراوح تقديرات عدد عناصر البشمركة بين 150 ألفا وثلاثمائة ألف، لديه كامل تسليح الجيوش النظامية من دبابات وأسلجة دفاع جوي، ولا يتمك سلاح طيران أو بحرية.