80 ألف مواطن يواجهون أمراض مقلب القمامة نباشو الزبالة: «مش عايزين وضعنا يتغير» وضع صعب يعيشه أهالي منطقة مأوى الصيادين بالقبارى غرب الإسكندرية.. فنحو 80 ألف نسمة يقطنون المنطقة لم يكن لهم من اسمها نصيب، إذ يعانون من تحول شوارعهم إلى مقالب للقمامة. نادية عامر محمد، سيدة فى الأربعينيات من العمر، تبدأ كلامها ل"التحرير" بالقول: "أنا أساسا من البحيرة لكن عايشة هنا من زمان وعندى 3 أولاد، وأعمل في بيع أنابيب البوتاجاز، من أجل الإنفاق على أولادي"، متابعة: "إحنا عايشين عيشة مرة، ومش بنعرف ننام من الريحة، كمان المخدرات بتتباع هنا بالنهار ودون خجل". سبب الأمراض واستكمل عبد الرحيم محمد، عامل يسكن في المنطقة، بقوله إن المنطقة تعاني من ضيق الشوارع الذي لا يسمح بدخول سيارات إسعاف أو مطافئ إليها، مشيرا إلى أن الشوارع تسمح لفرد وحيد أن يمشي فيها بالعرض نظرا لضيقها. وأوضح أن سيارة مطافئ لم تتمكن من دورها في إطفاء حريق شب في أحد منازل المنطقة قبل نحو شهرين، ما أدى إلى تفحم المنزل بالكامل، متمنيًا أن تتم إزالة المنطقة بشكل كامل، كونها تمتلئ بالقمامة والأمراض. وتهدد مياه الصرف أساسات المنازل في منطقة "مأوى الصيادين"، وهو ما يؤكده محمد عباس، مواطن، والذي يقول إن أطفال المنطقة يموتون بأمراض تسببها القمامة المجاورة لمنازلهم، مطالبا بنقل مقلب القمامة وإصلاح شبكة الصرف الصحي. ووسط منازل المنطقة توجد شركة "النيل للبضائع" والتي تعرضت للغرق بمياه الصرف وأصبحت هي الأخرى مصدرا لنشر الروائح الكريهة والحشرات. اختفاء النواب حسين الجعفري، أب لطفلين مصابين بأمراض نتيجة القمامة، قال ل"التحرير" إن المسؤولين لم يلتفتوا إلى المنطقة ولم يهتموا بالآلاف من سكانها عندما قرروا إقامة مقلب قمامة على بعد أمتار قليلة من منازلهم. وأشار إلى أن المرشحين لمجلس النواب ترددوا بكثافة على المنطقة قبل إجراء انتخابات البرلمان، وبعد فوز النائب أشرف رشاد الذي زار المنطقة لم يعر أهلها اهتماما، متابعا: "إحنا بناخد نفسنا بالعافية، وأعضاء مجلس الشعب ضحكوا علينا". حديث حسين الجعفري حول إصابة أبناء المنطقة بالأمراض يؤكده أشرف سيد الذي أصيب أبنائه بأمراض صدرية يتم علاجهم منها حاليا في المستشفيات، ويواصل: "إحنا مش حيوانات علشان الزبالة تبقى جنب بيوتنا كدة.. حرام". «الزبالة أكلنا».. ووسط أكوام القمامة، حاول نباشو القمامة أن يمنعوا "التحرير" من تصويرها، وقال عدد منهم: "إحنا خايفين الإعلام ينشر الزبالة فالحكومة تيجي تشيلها، ومصدر رزقنا هو النبش في الزبالة، ودا حالنا وعاجبنا، ومش عايزينه يتغير". وأضافوا: "إحنا بناكل من القمامة لأننا مش لاقيين ناكل، وياريت الحكومة تسيبنا في حالنا". ورصدت "التحرير" النباشين وهم يتناول فضلات وجبات دجاج وفواكه تالفة وبقايا طعام أخرجوها من بين تلال القمامة والحشرات. من جانبه لفت رئيس جمعية "مأوى الصيادين"، سعيد محمود، الانتباه إلى أن القمامة أصبحت مصدرا لانتشار الحشرات والقوارض في المنطقة، ما أدى إلى تفشي الأمراض، مضيفا أن ما ضاعف الأمر سوءا هو سقوط الأمطار ووجود برك من مياه الصرف الصحي. وأشار محمود إلى أن مساحة مقلب القمامة تصل إلى 30 فدانا، ولا تبعد عن البيوت السكنية إلا 200 متر، مؤكدا أن المنطقة يقطنها 80 ألف نسمة، وطالب المسؤولين بالنظر إلى المنطقة ووضعها ضمن اهتماماتهم. الحكومة ترد بدوره، قال محمد فهيم، رئيس حي غرب الإسكندرية إن منطقة مأوى الصيادين تأتي ضمن المناطق العشوائية التي توليها الدولة اهتماما خاصة من خلال خطة شاملة لتطويرها، مضيفا أن هناك حصرا يتم في الوقت الحالي لعدد المساكن والأسر الموجودة بالمنطقة بشكل كامل وعلى أساسه سيتم التعامل معهم سواء بنقلهم إلى مكان آخر مجهز أو تطوير المنطقة بشكل كامل. أما فيما يتعلق بمحطة جمع القمامة "المركز اللوجيستي"، الموجود بجوار المنطقة السكنية، اتهم "فهيم" شركة "نهضة مصر" وهي الشركة المسئولة عن جمع القمامة بالمدينة بالتقصير، مؤكدا أنها لا تمتلك المعدات الكافية لنقل القمامة إلى مدفن الحمام بمحافظة مطروح، وعند تعطل إحدى السيارات فإن القمامة تتراكم بشكل كبير، وفق قوله. وأضاف فهيم: «الحي يقوم بدوره على أكمل وجه لمعالجة قصور شركة "نهضة مصر"، من خلال الدفع بعدد من السيارات التابعة له لدفع القمامة بعيداً عن الكتل السكانية»، لافتا إلى أنه مؤخرا تم رفع ما يقرب من 160 طن قمامة من المنطقة بواسطة معدات الحي. أصل المنطقة منطقة مأوى الصيادين بالقبارى تقع غرب الإسكندرية، ويعود تاريخ إنشائها إلى العصر الناصري، إذ أسست في 1960، وكانت منطقة تجمع الصيادين الذين يعملون ببحيرة مريوط ولكن عندما تم ردم البحيرة في آواخر التسعينيات لإقامة الطريق الدولي، تشرد الصيادون وعملوا في مهن مختلفة منها نبش القمامة، والعمالة، ولا يقتصر العمل فيها على الرجال، إذ تشارك النساء الرجال في امتهان أعمال بسيطة تساعدهم في توفير قوت يومهم. المنطقة تعانى منذ زمن من نقص فى جميع الخدمات سواء الكهرباء أو الصرف الصحي، وتتصف البيوت بأنها ضيقة، وتقطن بها أكثر من أسرة، ويسمي الأهالي بيوتهم بالمدافن لأن بعض الغرف بها مقامة تحت الأرض.