بعد نحو 34 عاما من ظهورها لأول مرة هاهي رائعة الكاتب الايطالي ايتالو كالفينو : «لو ان مسافرا في ليلة شتاء» تصدر اخيرا بالعربية لأول مرة بترجمة حسام ابراهيم عن سلسلة افاق عالمية بالهيئة العامة لقصور الثقافة فيما يعد هذا الحدث فرصة للولوج لعالم احد سادة الابداع العالمي في الآدب ورؤى مغايرة للسائد والمألوف في الكتابة . طريقتى فى كتابة النثر هى اقرب الى طريقة الشاعر فى نظم قصيدته..عند كتابة لو أن مسافرا فى ليلة شتاء كان هدفى رواية تقوم على الفانتازيا بكاملها وان اجد بهذه الطريقة حقيقة لايمكن العثور عليها بطريقة اخرى..هكذا تحدث ايتالو كالفينو عن رائعته :«لو ان مسافرا فى ليلة شتا»، هكذا تكلم الكاتب الذى يستريب فى الكتاب الذين يدعون انهم يقولون الحقيقة كاملة عن انفسهم او عن الحياة والعالم بقدر ماكان مهموما ببنية فى داخلها يمكن ان تعبر شخصية الكاتب عن نفسها بحرية. وتعبر رواية «لو ان مسافرا فى ليلة شتاء» عن رؤية كالفينو لنفسه ككاتب فهو يقول:«لست روائيا من اصحاب الروايات المطولة..اننى اركز على فكرة او تجربة داخل نص توليفى قصير يمضى جنبا الى جنب مع نصوص اخرى لتكوين سلسلة.« واذا كانت هذه الرواية التى تعد رائعة من روائع ادب الحداثة اثارت وتثير تساؤلات عن قضايا الكتابة،القراءة فان كالفينو يرى أن «الكتاب يكتبون مايستطيعون كتابته..وفعل الكتابة كعمل لايصبح اكثر كفاءة الا عندما يكون بمقدور الكاتب التعبير عن مكنون ذاته فى جوانيتها» ولعل رواية «لو ان مسافرا فى ليلة شتاء» تبرر وتوضح بالفعل سبب تحذيرات لنقاد من استخدام مصطلح «قارىء» بغير حذر بعد ان ظهرت دراسات جديدة حول نظريات القراءة وتصنيفات للقراء الى فئات عدة ، فهناك «قراء نصيون» ، « وهناك قراء خارج النص» ، وهناك «القارىء الضمنى الذى يعبر عن التصور الموجود فى ذهن المؤلف عن القارىء الذى يتمناه »، وهناك «القارىء داخل النص والماثل فيه والمشارك فى صنعه» مثلما فعل ايتالو كالفينو فى روايته «لو ان مسافرا فى ليلة شتا». ثمة دراسات فى نظريات القراءة لأسماء مثل : وولفجانج ايزر الذى تناول باستفاضة القارىءالضمنى وفعل الكتابة وعمليات القراءة بما فيها عملية التلقى بوصفها لعبة من خيال المؤلف وخيال القارىء الفعلى حيث يبث المؤلف خطابه عبر شفرات اجتماعية وثقافية ،وغيرها ليقوم القارىء الفعلى بحل هذه الشفرات كما يترك المؤلف فجوات نصية فيما يقوم القارىء الفعلى بسدها من خلال عمليات التنبؤ والاستعادة لوحدات النص.