تتعرض سيناء لأعلى معدل من الهجمات الإرهابية من قبل "تنظيم بيت المقدس" خلال العشرون سنة الأخيرة سواء من حيث اتساع رقعة العمليات الإرهابية وتنوع العمليات الإرهابية وامتلاك التنظيم الإرهابي "بيت المقدس"، أدوات ومعدات متطورة في تنفيذ تلك العمليات، بجانب ظهور تنظيمات إرهابية إقليمية مسلحة عابرة للحدود، مثل تنظيم "داعش"؛ فأصبح الوضع الأمني في مصر والمنطقة أكثر تعقيدًا لوجود شبكة علاقات فيما بين هذه التنظيمات تتخطى الدولة، وتوافر أسلحة وتمويل أعلى، ولقد طرحنا في الجزء الأول من المقال في العدد السابق، نتائج ضحايا قوات الأمن بناء علي التوزيع الجغرافي على مستوي الجمهورية في محاولة لفهم وتحليل اليات وتكتيكات مواجهة التنظيمات الإرهابية من قبل قوات الأمن بناء على إحصاءات ونتائج مؤشر ضحايا قوات الأمن والذي يصدر عن المركز الإقليمي للدرسات الاستراتيجية والذي يشارك الكاتب في تحريرة كواحد من المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها لقياس كفاءة الأجهزة الأمنيه ويساعدنا على الإجابة على التساؤل المستمر هل مازالت الدولة المصرية تواجهة التنظيمات الإرهابية المتطورة بعقلية وتكتيكات التسيعينات؟ يوضح الشكل رقم (7) تطور أعداد الضحايا من أفراد الجيش والشرطة في الفترة من يناير وحتى نوفمبر 2015، موزعة حسب الشهور، حيث شهد شهر أبريل وقوع أكبر عدد من الضحايا الذين بلغ عددهم (45) يليه شهر يناير والذي شهد وقوع (41) من الجيش والشرطة ثم شهر يوليو والذي شهد (40) ضحية، يليه شهر سبتمبر (34) ضحية.
كما يوضح الشكل رقم (8) نسب ضحايا الجيش والشرطة في الفترة من يناير وحتى نوفمبر 2015 حسب الشهور، حيث بلغ عدد ضحايا شهر أبريل نسبة (18%) من مجمل عدد الضحايا خلال العام، يليه شهري يناير ويوليو بنسبة (16%)، ثم شهر مارس بنسبة (13%).
يمثل الشكل رقم (9) تطور أعداد ضحايا الجيش والشرطة في الفترة من 30 يونيو 2013 حتي 30 نوفمبر 2015 تبعا للشهور، ويتضح من خلال الرسم أن أعلى الشهور من حيث سقوط ضحايا في قطاعي الجيش والشرطة نتيجة لأعمال العنف المسلح لا زال شهر أغسطس 2013 وهو شهر فض اعتصام رابعة العدوية، حيث شهد هذا الشهر وحده نحو 52 حادثا تقريبا، خصوصا في أعقاب حادث الحرس الجمهوري 8 يوليو 2013 ثم فض اعتصامات ميداني رابعة العدوية والنهضة 14 أغسطس 2013، وقد اتجهت أعمال العنف نحو الانخفاض فيما بعد أغسطس 2013 وحتى ديسمبر 2013، ثم ارتفع معدل الضحايا من قوات الأمن مرة أخري في يناير 2014 وفبراير تزامنا مع الاستفتاء علي الدستور الجديد، وقد جاء ثاني الأشهر من حيث أعداد الضحايا هو شهر أكتوبر 2014، وعلى الرغم من الانخفاض الذي شهده منحنى العمليات الإرهابية بشكل عام، إلا أن عام 2015 شهد ثلاثة شهور وهي: أبريل (45 ضحية)، و يناير (41 ضحية)، و يوليو (40 ضحية) حيث ارتفع منحنى العنف خلالها ليصل إلى أعلى درجاته بعد شهر أغسطس 2013. يوضح الشكل رقم (10) مقارنة بين تطور أعداد ضحايا الجيش والشرطة في عامي 2014 و 2015، ويبدو من الشكل أن عام 2015 قد شهد تزايدا ملحوظا في عدد الضحايا مقارنة بعام 2014 في جميع الشهور باستثناء شهر أكتوبر من عام 2014، ويوضح الشكل أيضا وجود تزايد في عدد الضحايا في شهور بعينها خلال العامين، فقد شهد عامي 2014 و 2015 تزايدا في أعداد الضحايا في شهور يناير، وسبتمبر، ويوليو، بينما جاء عدد الضحايا أقل في شهري يونيو وأغسطس من كلا العامين. يوضح الشكل رقم (11) مقارنة بين عدد ضحايا عمليات العنف المسلح من رجال الجيش والشرطة بين عامي 2014 و 2015، حيث بلغ عدد الضحايا في الفترة من يناير وحتى نوفمبر 2014 (219)، بينما شهد عام 2015 خلال نفس الفترة سقوط (254) ضحية من الجيش والشرطة، ويوضح الشكل وجود زيادة ملحوظة في عدد الضحايا خلال عام 2015 مقارنة بعام 2014، حيث شهد عام 2015 عدد من الهجمات المنظمة والمتزامنة على العديد من مواقع وأماكن تمركز الجيش في سيناء والتي ساهمت بشكل فاعل في زيادة عدد الضحايا خلال هذا العام. الخلاصة: وفقا لم تم عرضه من نتائج لمؤشر تطور أعداد ضحايا الجيش والشرطة في الفترة من 1 يناير وحتى 30 نوفمبر 2015، نستخلص التالي: فيما يتعلق بالتوزيع الزمني للضحايا من أفراد الجيش والشرطة في خلال هذه الفترة، نجد أن شهر أبريل قد شهد وقوع أكبر عدد من الضحايا الذين بلغ عددهم (45)، فقد شهد هذا الشهر سلسلة هجمات متزامنة على عدد من الكمائن و النقاط الأمنية للجيش في شمال سيناء راح ضحيته 17 من قوات الجيش، يليه شهر يناير والذي شهد وقوع (41) من الجيش والشرطة، حيث شهد الشهر سلسلة من الهجمات التي شنها تنظيم بيت المقدس على عدد من المواقع العسكرية والأمنية، حيث استهدفت مقر مديرية أمن المحافظة وموقع الكتيبة 101 التابعة للجيش، واستراحة الضباط، بالإضافة إلى عدد من النقاط الأمنية الأخرى، ثم شهر يوليو في المرتبة الثالثة والذي شهد سقوط (40) ضحية، حيث شهد هذا الشهر سلسلة هجمات منظمة، بينها هجوم بسيارة مفخخة على عدد من نقاط التفتيش التابعة للجيش مما أسفر عن سقوط وجرح العشرات من قوات الجيش، يليه شهر سبتمبر والذي شهد وقوع (34) ضحية. يلاحظ بشكل عام تزايد عدد ضحايا العنف المسلح الموجه نحو الجيش والشرطة في الفترة من يناير وحتى نوفمبر من عام 2015 مقارنة بعدد الضحايا في شهر أبريل خلال هذه الفترة، وبالإضافة إلى ما ذكر سابقا حول ما تم شنه من هجمات منظمة خلال عام 2015 راح ضحيتها العشرات من قوات الجيش والشرطة فقد شهد نفس العام إعلان القوات المسلحة عن عملية "حق الشهيد" في سيناء والتي تمثلت في مجموعة من الهجمات التي شنتها قوات الجيش على أماكن تمركز الجماعات الإرهابية، وعلى الرغم مما حققته العملية من نجاح مكن القوات المسلحة المصرية من إسقاط العديد من أفراد هذه التنظيمات وإحكام السيطرة على العديد من المواقع في سيناء إلا أنها شهدت أيضا سقوط عدد من الضحايا وهو ما ساهم في زيادة عدد ضحايا الجيش والشرطة في عام 2015 مقارنة بعام 2014. واخيرًا، نجد أن عام 2015 حدث به تطور نوعي في طبيعة الهجمات الموجهة نحو قوات الأمن وخاصة في سيناء، لتصبح أكثر تنظيما وتتخذ شكل الحرب التي تتجاوزت حدود الاستنزاف والانتقام إلى محولات السيطرة على الأرض. في الوقت الذي تتقدم الدولة المصرية بخطوات بطيئة في مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية سواء من حيث عدم وضوح استراتيجية مواجهة الإرهاب – أن وجدت - أو من حيث قدرات وإمكانيات أجهزة الأمن، وهو ما يدفعنا للقول بأن دولة الموظفيين بعقلية التسعينيات مازالت مستمرة في مواجهة إرهاب تكنولوجي ومتطور.