سيدة للتليجراف: الدموع جزء من نسيج حوش العبيد سلطت صحيفة "التليجراف" البريطانية، اليوم الأحد، الضوء على معاناة اللاجئين السوريين في المخيمات اللبنانية بحوش العبيد، مشيرة إلى أن الصيف يعني مزيدًا من النضال اليائس بحثًا عن الغذاء والمأوى. وبعينين ممتلئتين بالدموع ووجه تخفيه بين راحتيها، قالت "أمل شامي" البالغة من العمر 54 عامًا للصحيفة من داخل كوخها المتصدع الذي تصفه "لا أحب أن أبكي أمام الناس"، ففي الكوخ تعيش أمل مع ابنة مصابة بالشلل منذ ولادهتها وبها نقص أوكسجين بالمخ وحفيديها (وائل أربعة سنوات وميرال عامين)، فهم لديهم معاناة خاصة في الشتاء تعجز الكلمات عن وصفها، فتعبر عنها بالدموع قائلة: "الدموع جزء من نسيج حوش العبيد”. وأشارت "التليجراف" إلى أن "حوش العبيد" هي مدينة في شمال لبنان، حصلت على لقبها ﻷن سفن العبيد كانت ترسو في تلك المنطقة في القرون السابقة من البحر المتوسط، ومع تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان اضطر المئات للعيش متكدسين في مساكن مهدمة في ظروف إنسانية مروعة، من بينها أسلاك الكهرباء التي تنتشر عارية على جميع الحوائط والثعابين وصولًا إلى الكابل والذي أنشئ بطريقة غير قانونية.
وبدلًا من تحسن ظروف قاطني تلك المنطقة، تنمو اﻷحياء الفقيرة، مثل أمل وعائلتها الذين جاءوا إلى هنا منذ 3 سنوات ونصف، إلا أنها مع مرور الوقت أصبح المكان يمتلئ عن أخره باللاجئين السوريين، فبالرغم من تدفق ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ سوري إلى لبنان لم تقيم الدولة مخيمًا رسميًا واحدًا، اﻷمر الذي دفع مئات اﻷسر للعيش في أكواخ بائسة سقفها القماش، لا تحمي من اﻷمطار أو الفيضانات، وعندما تنخفض درجات الحرارة كما هو الحال خلال أعياد الميلاد كل ما يمكن أن تفعله اﻷسر هو التكدس في مكان واحد للحصول على الدفء. وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة "كير" الدولية والتي مقرها بريطانيا وتدعمها "التليجراف" في أعمالها الخيرية، تعمل في جميع أنحاء المخيمات اللبنانية لتقديم المساعدات للاجئين بينها تركيب خزانات مياه، ومياه ساخنة، وصيانة اﻷكواخ المتهالكة، وتوفير البطانيات، والتي استفادت 1500 أسرة أخرى في جميع أنحاء طرابلس، وكما هو الحال بالنسبة لأسرة أمل والتي تم تركيب سقف لها لمنع تسريب المياه. ولفتت "التليجراف" إلى أن منزل عائلة بحمص التي كانت تقيم فيه مع زوجها ماجيد كان به ثلاث غرف للنوم ومطبخ ومدخل كبير بحديقة ممتلئة بالورود، ولكن الحرب دمرت كل ذلك بجانب كل شئ آخر. والآن يخاطر زوجها بحياته بقيادة الشاحنات التجارية على الطرق السورية لكسب 250 دولار شهريًا ، معظمها يدفع إيجار لمنزلهم الضيق، ولكن بقية الأسرة غير قادرين على العثور على عمل في بلد يستبعد فعليًا اللاجئين السوريين من العمل، حيث قالت أمل" عندما وصلنا كان لدينا الكثير من الذهب، ولكن تم بيعه لتوفير اﻷساسيات لعائلتي، وعندما كنت أتقدم للحصول على وظيفة، الناس يقولون أنكم سورييين، لا يمكنا توظيفكم، هذا مهين للغاية"، وبعيون حزينة تنظر للجدارن المتهالكة وتملؤها الدموع مضيفة "لا أعرف كيف حدث هذا". وعلى بعد بضعة كيلومترات، هناك حي فقير آخر يسمى "حي التنك" يقع بالقرب من شاطئ البحر، ويعيش فيه حوالي 2500 أسرة، ثلثهم سوريين، والباقية لبنانية، ويجسد معاناة أخرى، فقد جاءت ماهيوش حطب، فاطمة 29 عامًا وأبنها محمد البالغ من العمر عامين من سوريا إلى لبنان عام 2014 عندما دمرت قذيفة منزلهم، وتقول فاطمة " لم نعرف من الذي أطلق القذيفة، ولكن كان هناك الكثير من القذائف التي تنهمر على المنطقة". وبينما كان يلعب محمد في التراب خارج المنزل قالت فاطمة: إنها" حامل في الشهر الخامس وتخشى أن تعجز عن إطعام طفلها الجديد، ناهيك عن دفع رسوم المدرسة، فايجار الكوخ الذي يعيشون فيه يبلغ 130 دولار في الشهر، رغم أن السقف يحتوي على العديد من الثقوب يكفي لدخول الفئران، فيما سارع زوجها ليقول: "كنت في سوريا مدرسًا، ولكن اﻵن أعمل في تنظيف قاعات إحدى الجامعات بطرابلس مقابل 330 دولار شهريًا".
وأضاف "لك أن تتخيل أنك شخص كنت تحظى بالاحترام وضمن الطبقة العليا في المجتمع، واﻵن أنا وعائلتي في الحضيض". صعوبة حصول السوريين على عمل في لبنان تعني أن كثير من اﻷحياء الفقيرة مجبرين على العمل كعمال زراعيين في تلال طرابلس، حيث تنخفض درجة الحرارة في فصل الشتاء حتى التجمد. وفي مبنى متهالك بمزرعة يعيش بيجهار عبيد وزوجته روان واطفالهم، حيث هدم منزلهم السابق منذ عامين عندما سقط صاروخ عليه فهرع بجهار بزوجته الحامل، والآن يحصل بجهار والذي يبلغ من العمر 40 عامًا على 13 دولار في اليوم من قطف الثمار في بساتين الرمان وبساتين الزيتون، ولكن قبل شهر سقط من شجرة أثناء العمل وأصيب في ظهره. الأسرة الآن تدفع إيجارًا شهريًا 100 دولار، كما أنها مثل كثير من اللاجئين السوريين في لبنان لم يستطيعوا دفع الرسوم السنوية للتسجيل التي تبلغ 200 دولار لذلك هم يعيشون بشكل غير قانوني في أجواء من الخوف من اعتقالهم.