يعيش غالبية النازحين السوريين إلى طرابلس كبرى مدن شمال لبنان هاجس العودة السريعة إلى مدنهم وقراهم التي هجروها في اوقات متفاوتة وبعضهم منذ بدء الازمة في بلاده قبل عام . وبدأ الكثيرون من هؤلاء يعانون من طول فترة الاقامة غير المتوقعة على صعيد كثرة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههم على صعيد تأمين المسكن والعلاج وسائر متطلبات الحياة. ويقيم النازحون السوريون في طرابلس وغالبيتهم من مدينة حمص في منازل استأجروها على نفقتهم الخاصة او عبر مساعدات مالية حصلوا عليها من جمعيات خيرية تعنى بشؤون النازحين هي بغالبيتها ذات طابع اسلامي وتتلقى دعما من دول الخليج العربي . وكان النازحون السوريون قد توافدوا إلى مدينة طرابلس بعد محطة نزوح اولى إلى قرى قضاء عكار المتاخم للحدود الشمالية مع سوريا ، ويؤكد محمد الخالدية (45 عاما) من حي بابا عمرو في حمص، انه قدم مع عائلته المؤلفة من زوجته وخمسة اولاد الى منطقة وادي خالد في عكار، واقام لدى اقارب زوجته لمدة شهرين قبل ان يتوجه إلى مدينة طرابلس بحثا عن عمل ولكي يكون قريبا من الجمعيات التي تقدم المساعدات. وتتعدد في طرابلس الجمعيات الأهلية التي تقدم مساعدات مختلفة للنازحين السوريين من البسة ومواد غذائية واغطية وفرش للنوم، فضلا عن علاج المرضى في العيادات الخيرية ، وتقول ام محمد صبري (50 عاما) من منطقة الخالدية في حمص "زوجي يعاني من مرض السكري، وأولادي أربعة بينهم طفل يعاني اعاقة عقلية ، ولا استطيع تأمين الأدوية لهم لذلك توجهت الى عيادة خيرية للحصول على الدواء مجانا لان الادوية في لبنان غالية جدا وكنا نحصل عليها في سوريا باسعار رخيصة جدا ". وتشير اعداد النازحين السوريين إلى لبنان المسجلة لدى "الهيئة العليا للإغاثة" اللبنانية الرسمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان وفق ما أعلنه يوم (الاربعاء) الماضي وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني وائل أبو فاعور إلى وجود ما يقارب 15500 نازح بينهم 8500 في منطقة الشمال . ويشكو النازحون السوريون في طرابلس من مشاكل عدة على صعيد تامين مستلزمات العيش بينها حصول عمليات تلاعب من قبل اشخاص سوريين يحصلون على المساعدات من عدة جهات، في حين يحرم منها اشخاص اخرون ويقول ابو فراس (47 عاما) من مدينة حمص الذي يقيم مع عائلته المؤلفة من 7 اشخاص في منزل يبلغ بدل ايجاره 200 دولار امريكي شهريا " ليس لدينا اغطية كافية للاولاد في حين ان نازحا سوريا آخر حصل على عشرات الاغطية وفرش النوم وقام بارسال بعضها إلى سوريا لبيعها هناك". ويؤكد مصدر مسؤول في احدى الجمعيات الخيرية ل((شينخوا)) امكانية حصول مثل هذا التلاعب مشيرا إلى انه كثيرا مايتم شطب نازحين من لوائح مساعدات الجمعية بعد التأكد من أنهم ليسوا نازحين وأنهم يعملون في لبنان. وقد بدأ وجود النازحين السوريين في طرابلس يشكل عبئا على شريحة واسعة من ابناء المدينة التي يقيم في غالبية احيائها الشعبية لبنانيون فقراء قدموا من قرى الشمال بحثا عن العمل ولتأمين فرصة افضل ذلك ان منطقة الشمال تعتبر بحسب تقارير دولية ولبنانية بأنها الاكثر فقرا وحرمانا في لبنان والتي تبلغ نسبة التسرب المدرسي فيها نسبا عالية بسبب عدم قدرة الاهالي على تحمل نفقات التعليم واضطرارهم لدفع اولادهم في سن مبكرة الى سوق العمل. وتشير الوقائع إلى ان قسما من النازحين اندفع تحت ضغط المعاناة والحاجة للتوجه الى سوق العمل في طرابلس ماخلق حالة من المنافسة مع اللبنانيين الذين كانوا يشكون أساسا قبل الاحداث في سوريا من منافسة غير مشروعة مع العمال السوريين في مهن وحرف مختلفة، وذلك بسبب قبول العامل السوري أجرا ماليا اقل من نظيره اللبناني، وهو ما يشكل عاملا لجذب أرباب العمل، الذين بدأوا ايضا يستقبلون الفتيات السوريات الباحثات عن فرص عمل باعتبار ذلك اقل كلفة من أجور الفتيات اللبنانيات. ويقول النازح السوري ابو فراس (30 عاما) "حصلت من جمعية خيرية بعد قدومي الى طرابلس على مساعدة مالية لاستئجار منزل ولكن في الشهر الماضي لم يدفع لي احد مما اضطرني لدفع الايجار أن اعمل براتب 300 دولار في احد محلات تصليح السيارات " . وتقول فدوى (25 عاما) "منذ ثلاثة اشهر نقيم في طرابلس انا ووالدتي و4 اشقاء قصر فيما والدي واخي ما زالا في سوريا وقد حصلنا على مساعدات من الجمعيات ومساهمة مالية من متبرع لبناني قوامها 100 دولار امريكي في الشهر، لكنني اضطررت للعمل في محل للالبسة براتب 200 دولار امريكي لدفع ايجار منزلنا البالغ قيمته 250 دولارا شهريا". ويقول اللبناني خالد المقصود (30 عاما) إن وجود النازحين السوريين في لبنان وطرابلس على وجه الخصوص ، سيشكل مشكلة للشباب اللبناني برغم اننا نتعاطف معهم انسانيا". وأضاف " أعمل في مهنة البناء واتقاضى اجرا في اليوم مقداره 30 دولارا امريكيا في حين ان السوري يمكن ان يكون بديلا عني بمبلغ 10 أو 15 دولارا يوميا " . ويشكو خالد المقصود ان "لبنان دفع ثمن وجود اللاجئين الفلسطينيين ونخشى ان تطول الازمة في سوريا وياتي مزيد من النازحين الينا"