كتب: مهاب جمال "بجمهور.. بدون جمهور.. بجمهور.. بدون جمهور!!"، "مش أحسن ما نبقي زي العراق؟".. كثيرًا ما تسمع هذه الجمل في مصر، سواء على المقاهي ووسائل المواصلات أو الأسواق، أو فى أى تجمعات للمصريين حينما يرتبط الحديث بمباريات كرة القدم وعودة الجماهير للمدرجات فى إطار تشوبه الرائحة السياسية والهوس الشعبى الذى أصبح مرتبط بتلك الحالة، فيتم المقارنة بين وضعنا الأفضل من العراق التى تعانى من ويلات الحرب والفتن الطائفية والتفجيرات والإرهاب على يد الجماعات المتطرفة وعلى رأسها داعش. لقطة من أحد مباريات العراق فبالرغم من أن العراق تحاصرها يوميًا السيارات المفخخة والانفجارات فى كافة بقاعها، بخلاف تنامى "داعش" داخل البلاد -مؤخرًا-، إلا أن جماهير الكرة في بغداد دائمًا ما كانت تضرب مثلًا رائعًا فى التشجيع داخل الملاعب رغم المحن والصعاب.. فالبرغم من وفاة 50 شخصًا من الجماهير العراقية بعد هجوم بسيارة مفخخة خارج الملعب أثناء احتفالهم بفوز منتخبهم فى مباراة نصف نهائي كأس آسيا، في يوليو 2007، وبالرغم من هذا الحادث الأليم وحالات التقسيم التى تشهدها بلاد الرافدين، إلا أن البطولات المحلية لم تتوقف باعتبار الرياضة وسيلة للتقريب، فتواصلت بطولة الدوري بحضور جماهيري و«شماريخ»، ومازالت هذه الصورة موجودة رغم ازدياد الأوضاع تدهورًا فى العراق. لقطات من أحد مباريات العراق فلسطينالمحتلة.. لم تكن هى الأخرى أقل سوءًا من العراق، فتلك البلد المحتلة منذ أربعينيات القرن الماضى، من الكيان الصهيونى الغاشم، لم تعرف ملاعبها حالة "السراب" التى تشهدها مدرجات مصر، رغم بطش الآلة العسكرية للمحتل فممارسة الكرة في فلسطين بجمهور، بل أن اتحاد الكرة هناك حينما يعاقب فريقًا ما، فيحرمه من الجمهور فى بعض المباريات. لقطات من أحد المباريات فى فلسطينالمحتلة المدرجات خاوية.. «فقط في مصر» في فبراير 2012 وتحديدًا، خلال مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي في الدوري العام، وقعت مجزرة بورسعيد، التي راح ضحيتها 72 شهيدًا من جمهور الفريق الأحمر، بعدها تم إلغاء الدوري العام ثم عاد مرة أخري ولكن هذه المرة بدون أهم عنصر من عناصر الكرة وهو "الجمهور" اللاعب رقم واحد في كرة القدم كما أجمع على ذلك أغلب خبراء وعشاق الساحرة المستديرو، وليس اللاعب رقم 12 كما يدعي البعض. كرة القدم في مصر أصبحت "هابطة" بلا روح، بلا حماس، افتقدت الطعم واللذة منذ أن تم منع الجماهير من حضور المباريات، والإصرار على ذلك حتى الآن، رغم المطالب الكثيرة بعودة الجماهير للمرجات مرة أخرى، سواء من اللاعبين أو الأندية وحتى المواطنين أنفسهم، ففى يناير الماضى خرج علينا اتحاد الكرة بأخبار عن عودة الجمهور للمكان المفضل والمجبب لها من جديد، وتقرر رسميًا عودة الجمهور في مباراة الزمالك وإنبي في الثامن من فبراير 2014، بعد منع استمر سنتين متتاليتين من الحضور، عدا بعض مباريات أفريقيا التي كانت تلعب بجماهير بأمر من الأتحاد الأفريقي لكرة القدم. عادت الجماهير في فبراير 2014، ولكنها عادت ب20 شهيدًا جدد من قبل مشجعى نادي الزمالك، الذين راحوا ضحية سوء التنظيم و«قفص الشرطة الحديدي» الذي تم فيه تفتيش الجماهير، فى مخيط ستاد الدفاع الجوى خلال مباراة الفريق الأبيض مع الفريق البترولى فى الدورى، ليصدر اتحاد الكرة من جديد قرارًا بمشاركة الجهات الأمنية، بمنع الجمهور من حضور مباريات كرة القدم. ومنذ تلك الأحداث المؤسفة وحتي يومنا هذا، تخرج علينا الجهات المسؤولة بتصريحات متضاربة حول عودة الجمهور أو مناقشة بحث الأمر، دون أى تحرك، وبعد اجتماع مجلس الوزراء في 18 مارس الماضى، قرر "كالعادة" استئناف بطولة الدوري العام بدون جمهور، مؤكدًا أنه سيتم الاتفاق مع الجهات الإدارية ووزارة الداخلية على بحث عودة الجمهور في الفترة المقبلة. وانتهي الدوري وخرج وزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز، مؤكدًا أن الدوري المقبل بجمهور ولو بعدد محدود، وأنه سيتم وضع القواعد اللازمة لعودة الجماهير، متمنيًا الالتزام من جانب المشجعين. وكالعادة بدأ الدوري هذا الموسم، بدون أي تواجد جماهيري بالمرة، إلا بعض الدعوات الضئيلة لكل ناد مابين 100 أو 150 مشجع، وبدعوات من إدارة الأندية نفسها، ليظل الجمهور يرفع مطالبه بالعودة إلى المدرجات، تحت شعار «الكرة للجماهير»، ولكن لا حياة لمن تنادي، إلى أن التفت إليهم أخيرًا اتحاد الكرة في أكتوبر الماضى وخرج الشامي بتصريح يؤكد فيه عودة الجمهور في ديسمبر، عقب أنتخابات مجلس الشعب. ولكن كالعادة.. انقضت الانتخابات وتوقف الدوري بسبب مشاركات المنتخب الأوليمبي، وعاد مجددًا منذ يوم الإثنين الماضى، وأيضًا بدون جمهور، وبعد اجتماع المدير التنفيذي لاتحاد الكرة ومسؤولي وزراتي الدفاع والداخليه، خرج ثروت سويلم بتصريحات تفيد أنه تم الاتفاق علي استمرار المسابقة بدون جمهور مرة أخري. فمنذ فبراير 2012 وحتي ديسمبر 2015، لم يلعب في الدوري المصري وعلي أرض مصر مباراة واحدة بجمهور إلا مباراة إنبي والزمالك المشؤومة.، لتطرح أسئلة متكررة وهى "إلي متي ستظل مصر تسير علي هذا النهج؟ وإلي متي سيستمر ابعاد عاشقي الساحرة المستديرة عن متعتهم الوحيدة وهي تشجيع فريقهم؟ وإلي متي ستظل المدرجات خاوية؟ متي سيعود الجمهور إلي بيته ومكانه؟".. وكأن حال جمهور الكرة فى مصر "ياريتنا.. نبقي زي فلسطينوالعراق كرويًا".