حضر الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، الجلسة الختامية لمنتدى رجال الأعمال المصري اليوناني، بمشاركة رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، ومجموعة من أبرز ممثلى مجتمع المال والأعمال اليوناني، والعديد من الشركات اليونانية والمصرية. وشهد السيسي و"تسيبراس"، خلال الجلسة، مراسم التوقيع على اتفاقية للتعاون بين البلدين في مجال النقل الجوي، ومذكرتي تفاهم بين مينائي الإسكندرية وكافالا ومينائي دمياط وألكسنروبوليس اليوناني. وألقى السيسي كلمة، أكد فيها أهمية البعد الاقتصادي في تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين شعبي البلدين، مشيرًا إلى أهمية الدور الذي يضطلع به رجال المال والأعمال والصناعة في تنفيذ مشروعات مشتركة، تعود بالنفع على البلدين. ونوه السيسي بحرص مصر على توفير كافة أشكال الدعم لتلك الشراكة الاقتصادية، وإزالة ما قد يقف أمامها من عقبات إجرائية، موضحًا أن اكتشافات الغاز الأخيرة في المياه الإقليمية المصرية تتيح المزيد من الفرص للتعاون والتكامل بين البلدين في مجال الطاقة، فضلًا عن مجالات التعاون الأخرى كالنقل البحري والبري والسياحة. واستعرض ملامح برنامج إصلاح الاقتصاد المصري، وما يتضمنه من إجراءات لتحسين مناخ الإعمال، بالتوازي مع مخطط شامل للتنمية العمرانية، وتأمين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة للوفاء بمتطلبات التنمية، فضلًا عن إطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة، ومن أبرزها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، الذي يضم عددًا من المشروعات الصناعية واللوجستية، التي ستساهم في تحفيز الاقتصاد ودفع عملية النمو قدمًا. وأشار إلى أن تحسين تصنيف الاقتصاد المصري من قبل مؤسسات التمويل والتصنيف الائتماني الدولية، يعكس حجم الثقة المتزايدة في مؤشرات أداء الاقتصاد المصري. وتابع السيسي: "إنني على اقتناع تام بأن عماد الشراكة بين بلدينا الصديقين يقوم على اضطلاع رجال المال والأعمال والصناعة بدور أساسي في تحقيق التنمية، عبر الاستثمار في مشروعات مشتركة تعود بالفائدة على البلدين، وتحفز النمو الحقيقي لاقتصادهما، وتوفر فرص العمل لأجيالهما الشابة، إلا أنني أدرك أن مسئولية كبيرة تقع على عاتقنا كحكومات؛ لتوفير سبل توطيد وتطوير مثل هذه الشراكة وتمهيد الطريق لها، وإزالة ما قد يقف أمامها من عقبات إجرائية". وأكمل: "وفي هذا الصدد، اتخذت مصر كافة الخطوات، وأصدرت التشريعات المطلوبة لخلق مناخ جاذب لرؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية، بما في ذلك إجراءات رادعة لمكافحة الفساد، وإزالة كافة المعوقات البيروقراطية، وتسهيل الإجراءات المرتبطة بتسجيل الشركات الجديدة الراغبة فى العمل بالسوق المصرية، في أسرع وقت ممكن، والنظر في منحهم امتيازات ضريبية وفقا للقطاعات والمناطق التى يستثمرون بها، فضلًا عن العمل على تفعيل الآلية الخاصة بحل المنازعات القائمة، مع بعض الشركات العاملة فى مصر". واستطرد: "إضافة إلى ما سبق، فقد عملت الدولة المصرية بدأب على مدار العام الماضي؛ لتأمين مصادر الطاقة اللازمة لبرنامجنا التنموى الطموح، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ استطعنا بفضل هذه الجهود وضع أقدامنا على الطريق السليم، لتأمين مصادر متنوعة من الطاقة من خلال مشروعات مختلفة وعملاقة؛ لإنشاء محطات الطاقة التقليدية أو المتجددة أو النووية". وأردف: "وفي هذا الصدد، فقد أتاحت الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعى في المياه الإقليمية المصرية، فرصًا واعدة للتعاون بين مصر واليونان وقبرص؛ لاستغلال هذه الثروات في تحويل الدول الثلاث إلى مركز لمشروعات الطاقة فى منطقة شرق المتوسط؛ دعمًا لخططها الطموحة للتنمية فى السنوات القادمة، إذ يستمر التواصل والتعاون المثمر في هذا المجال بين المسئولين فى الحكومات الثلاث، فإننا نتطلع لمشاركة واسعة منكم باغتنام فرص الاستثمار الواعدة فى قطاع الطاقة فى مصر، إضافة إلى فرص الاستثمار الأخرى فى مجالات النقل البحرى، والتكامل بين الموانئ المصرية واليونانية، وزيادة حركة السياحة والنقل البرى". وتابع: "لقد تحركت الدولة المصرية خلال السنة الماضية بخطى سريعة لتحفيز اقتصادنا، وفق رؤية عملية واضحة ومحددة، استندت إلى خارطة طريق اقتصادية تضمنت مزيجا من الخطوات العاجلة والإصلاحات الهيكلية الضرورية، وشملت إصلاحات مهمة فى السياسة المالية والضريبية، وترشيد الدعم وتخفيض عجز الموازنة، وإصدار تشريعات جديدة لجذب الاستثمار، وبدء تنفيذ مخطط قومي للتنمية العمرانية، وإطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة التى نعتبرها قاطرة لإنعاش الاقتصاد المصري، ولعل أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة، الذى أود أن أؤكد أنه الخطوة الأولى نحو التنمية المتكاملة لمحور القناة، والتى تم بالفعل وضع الخطة الشاملة لتنفيذها، وتم تدشين المرحلة الأولى منها منذ أيام قليلة". واستطرد: "ولعلي أنتهز هذه الفرصة لتوجيه دعوة خاصة لممثلى القطاع الخاص اليونانيين، للتعرف على الفرص الكبيرة التى سيتيحها هذا المشروع العملاق، للاستثمار فى مجالات التميز اليونانية مثل النقل البحري، وما يرتبط به من خدمات وأنشطة سواء فى الموانئ، أو فى المناطق الصناعية التى ستنشأ على محور القناة". وأكمل: "كما بدأنا بالفعل نلمس نتائج إيجابية للجهد الذي بذلناه على مختلف مؤشرات الأداء الاقتصادى، ترجمت إلى زيادة ملحوظة في معدلات الاستثمار الأجنبى ونشاط البورصة المصرية، بما يعكس ثقة المجتمع الدولى فى استعادة الاقتصاد المصرى لاستقراره ونشاطه، فضلا عن تحسن تصنيف الاقتصاد المصرى من قبل مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية، ورفع المؤسسات المالية لتوقعاتها بشأن معدلات النمو المستقبلية في مصر، كما زاد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 5.7 مليار دولار، خلال الفترة من بداية يوليو 2014 إلى نهاية مارس 2015 فقط، ووصول معدل النمو إلى 4.1% فى عام 2014/2015 .. والذى نتوقع وصوله إلى 5.2% فى العام المالى الحالى 2015/2016". وحول انتخابات مجلس النواب، قال السيسي: "لقد انتخب الشعب المصرى برلمانه وممثليه التشريعيين، ما يستكمل البناء الدستوري للدولة المصرية المدنية الحديثة ومؤسساتها الديموقراطية، ويتيح مناخا صحيا للاستقرار السياسى، ويحقق الأمن والسلم الاجتماعيين، ويفسح المجال للتركيز على أولويات المرحلة المقبلة، والتي يأتي فى مقدمتها دفع الاقتصاد الوطنى، لتحقيق آمال وطموحات الشعب المصرى". واختتم كلمته بالتأكيد أن مصر ترحب برجال الأعمال اليونانيين، شركاء أعزاء في مسيرتها نحو التنمية، وتفتح أبوابها للجميع من أجل العمل والإنتاج، وتتطلع إلى إسهامهم القيم في البناء على تاريخ ممتد من التبادل التجارى والاقتصادى بين حضارتين عظيمتين، أقامتا قديما جسرا من الرخاء عبر البحر المتوسط، وتقفان حديثا فى مقدمة من يبتغون مستقبلا أفضل لشعوب هذه المنطقة المهمة من العالم". ومن جانبه، لفت "تسيبراس"، في كلمته بالمنتدى، إلى أن علاقات الشراكة بين مصر واليونان تشهد نقلة نوعية في كافة المجالات، بما يساهم في تلبية تطلعات شعبىّ البلدين فى التنمية والرخاء، مشيدًا بمسيرة التنمية الاقتصادية في مصر، لاسيما بعد الانتهاء من مشروع القناة الجديدة، الذي شارك فى افتتاحه، فضلًا عما يتيحه الاقتصاد المصري من فرص واعدة للتعاون والاستثمار والربط التجارى بين البلدين، كبوابة عبور بين الأسواق الأوروبية والعربية والأفريقية. وتطرق رئيس الوزراء إلى أهمية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، كنموذج يحتذى به للتعاون الإقليمي، الذي يهدف إلى تعظيم المصالح المشتركة وتحقيق التعايش السلمي ودون الإضرار بأحد، مضيفًا أن هذا التعاون يكتسب بعدًا إضافيًا في ضوء التطورات الإقليمية والدولية، كما أن ما تحظى به الدول الثلاث من موارد وثروات، لاسيما فى مجال الطاقة، يدفعها إلى تحقيق المزيد من التقارب والتكامل الاقتصادى لاستغلال تلك الثروات ونقل المعرفة التكنولوجية فى العديد من المجالات الاقتصادية الواعدة.