كانت خناقة ضابط المخابرات السابق والقاضية المقالة تسحوذ على مانشيتات صحف الصباح، الإثنان قدما أنفسهما على مدى عامين ككريمة "الكتلة فائقة الوطنية" مقابل "المتآمرين"، والإرهابيين، والمخربين، وبقية المتهمين في السجلات "العكاشية"، لكن مفردات الخناقة اشتملت على تهم من قبيل: "الخيانة والعمالة لإيران"، و"التنسيق مع إرهابيين"، وهي تهم إذا نحينا وقعها الجنائي جانبا، بحكم تدخل محتمل من "ممثلي الأجهزة والقادة الشرفاء" رعاة القائمتين، فإننا لن نتمكن من تنحية وقعها الاخلاقي، على من أملوا في نخبة جديدة بديلة لنخبة يناير السبابة المتمردة على أخلاق الكبار. خناقة سامح وتهاني، لم تكن نفاياتها سوى خيط رفيع دال على ما هو قادم، وشرر أولي لما تم. 1- في بحثها القيم عن ظاهرة المولات التجارية في مصر تقول عالمة الاجتماع المصرية منى اباظة "إن 20% من سكان مصر فقط هم من يمتلكون الفرصة للتسوق من المولات"، ولهذا فهي مشروعات محكوم عليها بالفشل والتحول لمدن أشباح، ومن هنا ا تغلق المولات القديمة واحد تلو الآخر، ومع ذلك تفتح أخرى جديدة باستثمارات أكبر وسط الكساد، ولا تعرف السر! المولات قائمة على فلسفة إخفاء الفقر، وليس التعامل معه بشجاعة، تمنع بعضها أصحاب الملابس البلدية من الدخول، ويسمح البعض الآخر فيدخل الفقير لو كان متفرجا ليزداد إحباطا، ولو كان عاملا فلن ينعم باستقرار في محلات تخسر، ولن تحسن حياته جنيهات قليلة على شكل مرتبات. "هناك البعض يمكنهم الحصول على المعجزة بينما الآخرون ينتهي بهم المطاف بالحصول على الفتات المتبقية من المعجزة". هناك ربما يستمر من يغسل أمواله، أوتحجز البنوك على ممتلكاته وتعد تأجيره بأسعار معقولة، لآخر ينتظر الموت القادم، مع افتتاح مول جديد أكثر إثارة و إبهارا. في البرلمان يذهب 20% من المصريين إلى الصناديق، وتنجح قائمة شكلها جهاز أمني، واستبعد منافسوها الحقيقيون، وتحرم كل قوى يناير من الدخول إلى تحت القبة، فيما يدخل الشتام صاحب السوابق الجنائية والمتلصص ودجال الأعشاب، أو هذا الذي ضل طريقه لمشفى الامراض العقلية وذهب إلى الشاشة، أو الرجل الذي وعد الناس باستخراج الخرسانة من الشجر. تموت السياسة لكنهم ينتظرون أن يعيش جنينها وسط النفايات. 2- النفايات استبقت المنافسة، فذاك أستاذ للعلوم السياسية يحاور مرشحين، دفعوا أجر ظهورهم، ذاك الأجر الذي يأخذ نسبته ليكوي به شعره، ويقدم الإعلان في ثوب حوار، ينشد مصلحة الوطن ويبحث عن أفضل الطرق للمستقبل! وهذا صحفي يطالب بتعديل الدستور لتمديد مدة الرئاسة، وآخر ينشد فرض الطوارئ، وتعظيم صلاحيات الرئيس. هو مول السياسة العازل لمهمشي السلطة، من تلفظهم المعجزة، نفاياته تقوم بمهمة مقدسة، تكفير الناس بالديموقراطية، هذه صناديقكم، احصيناها بنزاهة، وتصفق لنا."ولو ملآناها لكم كما الماضي لكانت أكثر رحمة بكم لكنكم اخترتم فتحملوا". تحملوا الرائحة!