بعد أسابيع من احتدام الخلافات بين قيادات حزب نداء تونس، الذي يقود الائتلاف الحاكم في تونس، أصبح الحزب على وشك التشتت والانقسام إلى حزبين، ومهددا بفقدان الأغلبية البرلمانية لصالح خصمه حركة النهضة الإسلامية القريبة من جماعة الإخوان. استقالة النواب فقد أودع النواب ال 32 المستقيلون من كتلة نداء تونس، اليوم الإثنين، طلبات استقالتهم بمكتب الضبط بمجلس نواب الشعب، وذلك وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام التونسية. وأكدت النائبة المستقيلة من النداء، صبرين قوبنطينى، أن الاستقالة جاءت على خلفية عدم الاستجابة لشرطهم المتمثل فى انعقاد المكتب التنفيذى قبل غدا الثلاثاء؛ للتحاور لأنه الهيكل الوحيد الشرعى، حيث إننا "اضطررنا للاستقالة" أمام غياب الإرادة الحقيقية وعدم الرد. وبعد استقالة النواب، يصبح حزب النهضة الإسلامي أكبر قوة برلمانية، إذ يشغل 67 مقعدا في البرلمان، بينما ستتقلص مقاعد نداء تونس من 86 مقعدا الى 54 مقعدا بعد الاستقالات الأخيرة. انقسام نداء تونس ويرى عبادة الكافي، القيادي بنداء تونس، أن حركة النهضة قد تنقض على الأغلبية النيابية في البرلمان مستفيدة من الانقسامات التي تعصف بنداء تونس. وقال في تصريحات لصحيفة الصباح المحلية، إن "الانقسام يعني ألا يكون النداء حزب الأغلبية في البرلمان بل حركة النهضة هي حزب الأغلبية… الكتلة النيابية انقسمت واليوم هي على وشك انقسام عضوي سيفرز نداء1 ونداء2". وذهب منذر بلحاج علي، القيادي في حزب نداء تونس، إلى حدّ اتهام حركة النهضة بالعمل، في الكواليس، على تأجيج الانقسام والمشاكل صلب النداء. عودة النهضة وإلى نفس الرواية، ذهب الإعلامي والمحلل السياسي التونسي، باسل ترجمان، أن انهيار حزب نداء تونس سيكون لمصلحة خصمه اللدود حركة النهضة التي تنتظر جني المكاسب لصالح عودتها للتحكم بمفاصل الدولة والحكومة أو السيطرة على الحكومة في مرحلة قادمة. في نفس الوقت الذي نفى فيه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ذلك الأمر، في تصريح صحفي الإثنين الماضي، موضحا أنه ليس لحركته أي برنامج لأن تكون في الحكم أو قيادته أو الانفراد به في الوقت الراهن. ترجمان علّق على هذا الموقف بقوله، إن النهضة مازالت تراقب الأوضاع وتنتظر اللحظة المناسبة لجني الأرباح دون عجلة من أمرها، مشيرا إلى أنه كلما تعمق الانقسام وتسارع انهيار نداء تونس، كلما كان الفوز سهلا للنهضة. ويقول المحلّل السياسي وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، إنّ "صراع النفوذ" الحاصل داخل "نداء تونس" هذه الأيام سيكون له تأثير جوهري في مقاليد السلطة إذا حصل انشقاق داخل الحركة. ويرى سعيّد أن ما يسمّيها قياديو "النداء" ب"المحاولات الانقلابية" داخل الحزب، سيكون لها ارتداد على المدى القريب، يتجاوز مداه أروقة "حزب الرئيس السبسي" ليطال مجلس نوّاب الشعب، حيث لن تبقى الكتل على حالها، ما يفسح المجال أمام حركة النهضة لتتصدّر المشهد البرلماني. وأضاف سعيّد: "ربّما تُفضي حركة التصحيح التي أعلن عنها أكثر من 60 نائبا إلى حصول انشقاق داخل الكتلة البرلمانية، وهو ما سيؤدّي بالضرورة إلى تصدّعها وانقسامها إلى أكثر من كتلة، وسيكون لذلك أثر على الأغلبية التي انبثقت عنها الحكومة". ويوضح سعيّد بقوله: "رغم أنّ ما يحدث داخل "النداء" هو صراع داخلي لأجنحة الحزب بهدف الاستئثار بقيادته ولا يتعلق بسياسة البلاد، لكن قد ينفجر الوضع في أي لحظة ويُحدث انقلاباً في موازين القوى تحت قبّة البرلمان". ويرى نائب رئيس حزب الإصلاح التونسي فؤاد بن صالح، أن هذه المشاكل أثرت بالإيجاب على موقف حزب النهضة، خاصة أنه الحزب المؤهل حاليا لقيادة المرحلة لما ينتهجه من خطط برامجية وتنموية بعيدا عن الصراع الأيديولوجي، فضلا عن دوره في السابق في لم الشمل، كما أن نسبة النمو أيام علي العريض، إبان حكم النهضة كانت أفضل بكثير من الوقت الحالي، ورأينا بعد ذلك كيف أن نداء تونس فشل فشلا ذريعا يفترض أنها ليست مرحلة انتقالية، ولكن الوضع الاقتصادي مترد.