كان الإعلام المصرى على موعد مع حادثة تفجيرات بوسطن خلال الفترة المسائية التى تشهد كثافة برامجية وعددًا كبيرًا من التوك شو المتابع للشأن المحلى، ولأن الحادثة الأمريكية الذى كان موقعها ماراثون رياضى أثار عند الإعلام العربى هواجس الهجمات الإرهابية التى قامت بها تنظم القاعدة فى السابق فقد حظى بتغطية لا بأس بها من عدد من القنوات منها «أون تى فى» و«سى بى سى» و«المحور» وغيرها من القنوات. ظلت قنوات «سى إن إن» و«إن بى سى» و«فوكس نيوز» وباقى القنوات الأمريكية تعيد مشاهد لحظات الانفجارات الأولى لساعات دون اتهامات من أحد بترويع المواطنين، والتسبب فى خراب السياحة، وتطفيش المستثمرين، وانهيار الاقتصاد والبورصة، ووقف عجلة الإنتاج، كاميرات القنوات الأمريكية تنقل الحادثة وتركز عليها وستظل هكذا لأيام لأن هذا دورها، ولأن هناك ضحايا يجب معرفة ماذا حدث لهم؟ ومن فعل هذا؟ وكيف تعاملت الدولة بأجهزتها مع الحادثة؟ ولأن الكاميرا لا تخترع شيئا سوى تقديم الصورة، فإنها فرصة لكشف الأخطاء والتقصير وربما أيضا كشف الجانى. تغطية الإعلام الأمريكى التى نقلها الإعلام المصرى كما هى كانت فرصة للمشاهد المصرى لإدراك عدد من الملاحظات تؤكد الحال المثيرة للشفقة لخطابات وكلمات الرئاسة المصرية للشعب، أول ملاحظة يمكن أن نلتفت إليها هى أنه حينما تعلن قناة «سى إن إن» أو«فوكس نيوز» أو أى قناة أمريكية عن كلمة للرئيس بعد قليل فيظهر الرئيس فعلا على الشاشة بعد قليل، وليس بعد ساعات، ويظهر على الهواء مباشرة، بل قبل ظهور الرئيس تنقل شاشات الشبكات الإعلامية دون تمييز بينها منصة المركز الإعلامى للبيت الأبيض خالية فى انتظار دخول الرئيس، وإذا أردنا أكثر من هذا فقد نقلت الفضائيات ومواقع الإنترنت صورًا تم التقاطها من داخل مكتب الرئيس وهو بصحبة مساعديه يتابع الكارثة، وكل هذه أمور إعلامية هدفها طمأنة الشعب على أن من يدير شؤونه بخير ويتولى إدارة الأزمة بنفسه. أوباما تكلم نحو 5 دقائق وبدا حزينا وتكلم بقوة دون تهديد وتلويح بأصابع، وتكلم من ورقة ولم يرتجل ويسترسل حتى لا يقع فى أخطاء، وكانت أولى كلماته تقديم العزاء باسمه وباسم زوجته لمن ماتوا أو أصيبوا فى التفجيرات، وهم بالتأكيد أقل عددا من ضحايا أحداث قطار أسيوط، أو بورسعيد، أو الاتحادية، أوباما قال أيضا أنه يضع كل الموارد الفيدرالية فى خدمة التحقيقات، وقال إن إدارته لا تعرف من يقف وراء الهجمات، وطالب بعدم القفز لاستنتاجات حول المتسبب فى الحادثة، ثم أنهى كلمته بحزم، أن من فعل هذا لن ينجو بفعلته وستتم معقابته مهما كان. يحتاج الرئيس مرسى إلى مشاهدة القنوات الإخبارية الأجنبية ليرى تعامل الإعلام والرؤساء مع الحوادث بدلا من الاستماع إلى نصائح إعلامية إخوانية مثيرة للشفقة من نوعية مخاطبة الجماهير بغضب وشخط ونطر والتلويح بأصبعه وتهديد أهالى بورسعيد أو بالاختفاء التام بعد كوارث يذهب ضحيتها عشرات مثل حادثة قطار أسيوط. أوباما فى كلمته لم يتحدث عن مؤمرات، رغم أن أمريكا مهددة، لم يتحدث عن الأصابع الخفية اللى بتلعب فى الحارة المزنوقة، ولم يستخدم التلقيح السياسى عن «7» «6» «4» «3» «2»، وأشخاص يعرفهم يخططون لهدم الدولة، قال ببساطة وهو يدرك أن كلماته التى ينقلها الإعلام محسوبة عليه إن حكومته لا تعرف بعد من يقف خلف تلك الهجمات، لم يتحدث كالرئيس مرسى عن تحقيقات النائب العام التى توصلت إلى الجناة ومن يمولهم، ويتضح أن كل هذا مجرد كلمات لا حقيقة لها، فأوباما يدرك أن كلام من هذا النوع سيحطم سمعته وسيحيل حياته السياسية إلى جحيم، ما فعله أوباما لن يعفيه هو وحكومته من تحمل مسؤولية حدوث هذه التفجيرات، ولن يخرج أحد مؤيديه متبجحا قائلا: وهو كان الريس اللى فجر الماراثون؟.