لا يرى المهندس المصرى العالمى، هانى عازر، أى مستحيل يمكن أن يعيق دوران عجلة التنمية، ما دامت الإرادة السياسية والشعبية متوافرة وعلى قلب هدف واحد، هو رفع اسم مصر عاليًا، غير أنه يشترط أن تغلف كل خطط واستراتيجيات التطوير علوم العصر الحديث، فضلا عن الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة، وقبل هذا وذاك رفع شعار العمل المستمر. عازر حضر افتتاح قناة السويس الجديدة، وهو يرى أن المشروع يعد نقلة نوعية ليس فقط على المستوى الاقتصادى، ولكن أيضا على مستوى التماسك الاجتماعى للمصريين، وعلى مستوى إعادة الثقة فى قدرتهم على الإنجاز. «التحرير» التقت عازر فى حوار مطول أجرى معه عبر الهاتف نظرا لضيق وقته وارتباطه بمواعيد متفق عليها مسبقا، حتمت عليه العودة مباشرة إلى ألمانيا، بينما كان حريصا خلاله على تقديم صورة مقربة لمشروعات الأنفاق الستة المقرر تنفيذها أسفل قناة السويس، كأحد البنود الأساسية لمشروع تنمية محور قناة السويس. كما أن أهمية الحوار مع عازر فى ذلك الوقت تتضاعف على خلفية أنه يحمل عديدا من الألقاب الوظيفية، فهو مهندس استطاع أن يحصل على لقب الخبير العالمى فى الأنفاق والسكة الحديد، واختاره رئيس الجمهورية ضمن مجلس كبار العلماء، كما اختاره رئيس الوزراء مستشارا له لشؤون قطاع النقل والمواصلات. ■ كيف ترى مشروع تنمية محور قناة السويس؟ - بعد حفر وافتتاح قناة السويس الجديدة بأياد مصرية وبتمويل بسطاء الشعب أصبح المشروع فخرا لكل مصر.. والأمر يتخطى كونه مشروعا اقتصاديا ضخما له أهمية كبير، لكنها نقطة تحول فى حياة المصريين سواء داخليا أو خارجيا.. وداخليا أصبح المشروع حافزا لكل المصريين بأن مصر تخطو على الطريق الصحيح، وأنه قضى على مصطلحات «مش ممكن» و«مافيش فايدة، وأن مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى تسير على تحقيق مشروعات عظيمة، من أجل تقدم هذا الوطن. ولدينا كما ذكر الرئيس فى كلمته فى افتتاح قناة السويس 999 خطوة قادمة، وأن مشروع قناة السويس الخطوة رقم واحد، وأن ما تم إنجازه أعاد ظهور الحضارة المصرية مرة أخرى أمام العالم، وحضور 60 دولة حفل الافتتاح يؤكد أن دول العالم تحترم ما تم إنجازه، ويؤكد النظرة الإيجابية لمصر من دول أوروبا وإفريقيا وأشقاء الخليج وغيرهم، والجميع أصبح يعلم أن مصر لديها قدرة على صنع المعجزات والتغيير والتقدم والنمو متى شاءت، وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية والأمنية التى تمر بها البلاد فإننا حققنا إنجازا لم يحدث مثله فى العالم. والرئيس عبد الفتاح السيسى كان واثقا من قدرة المهندسين والعمال المصريين على الإنجاز فى مشروع قناة السويس الجديدة، مع العلم أن المشروع من الناحية الفنية صعب جدا تحقيقه فى عام واحد، وافتتاح القناة الجديدة سيكون له عائدات اقتصادية كبيرة على الاقتصاد المصرى، وسترفع دخل قناة السويس، وبالفعل بدأنا نرى مرور السفن بشكل يومى منذ يوم الافتتاح فى قناة السويس بشكلها الجديد، وهناك خطوات أخرى تتم حاليا، ومنها ما سيتم لاحقا لاستكمال مخطط تنمية محور قناة السويس. ■ ألمانيا أرسلت وزير الاقتصاد مندوبا عن المستشارة أنجيلا ميركل فى حفل افتتاح قناة السويس، هل ترى أن العلاقات المصرية الألمانية أصبحت إيجابية خلال الفترة الأخيرة، بعد أن شهدت بعض التوترات فى الفترة الماضية؟ - ألمانيا تعلم جيدا قيمة ما تم إنجازه فى مشروع قناة السويس، وتعلم أن مصر تمشى فى الطريق الصحيح، وقابلت وزير الاقتصاد الألمانى فى حفل قناة السويس وقال لى: «أنا غير نادم على حضور هذا الافتتاح لهذا المشروع العظيم»، وأعرب عن ثقته بالرئيس السيسى والشعب المصرى على تحقيق مزيد من الخطوات التى تهدف إلى التقدم، وحديثه هذا بالطبع نقله إلى المستشارة الألمانية والحكومة هناك، وزيارة الرئيس الأخيرة إلى ألمانيا ولقاؤه بالمستشارة ميركل كان نقلة كبيرة فى العلاقات بين البلدين، لأن الحوار يوضح الحقائق للجانبين، ووجود اتفاق مع شركة «سيمنز» الألمانية ومن بعده توريد شركات ألمانية لماكينات حفر الأنفاق الجديدة بمنطقة قناة السويس، يؤكدان أن العلاقات قوية بين البلدين، وأتوقع مزيدا من الاستثمارات الألمانية خلال الفترة القادمة، وأتوقع أيضا وجود استثمارات ضخمة لشركات ألمانية فى مشروع قناة السويس الجديدة، وليس ألمانيا فقط سوف تستثمر فى قناة السويس، ولكن أتوقع توافد استثمارات ضخمة من دول الاتحاد الأوروبى أيضا. ■ هل تغيرت نظرة معظم دول العالم لمصر عقب افتتاح قناة السويس الجديدة؟ - نعم تغيرت وشهدت نقلة نوعية، واستمرار مصر فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية يجعل الاحترام يزداد يوما بعد آخر، فالعالم أجمع يحترم النجاح والتقدم، وأنا كمواطن مصرى أعيش فى الخارج، وأستطيع الآن أن أتحدث للمواطنين والمسؤولين فى الخارج عن الإرادة المصرية التى تستطيع أن تغير كل شىء. ■ ما الخطوات الأخرى المنتظرة عقب افتتاح القناة الجديدة لتنمية محور قناة السويس؟ - أولا الهيئة الهندسية بدأت فور افتتاح قناة السويس الجديدة فى العمل على تنمية محور شرق بورسعيد، وهو المحور الذى من المتوقع أن يشهد استثمارات ضخمة خلال المرحلة المقبلة، ثانيا سيتم خلال الفترة القليلة المقبلة البدء فى حفر 6 أنفاق جديدة أسفل قناة السويس بهدف ربط سيناء بالدلتا، وهذا يتيح ميزة الربط السريع وفتح قنوات اتصال مباشرة إلى سيناء، والقضاء على عزلتها نهائيا، ويصب فى القضاء على وجود الجماعات الإرهابية هناك، وكذلك فتح المجال واسعا أمام الاستثمارات فى سيناء، وإتاحة طرق سريعة وممهدة لنقل العمالة والآلات لتسهيل الاستثمار فى شبه جزيرة سيناء. ■ بصفتك خبيرا فى مجال الأنفاق العالمية ومشاركا أساسيا فى مشروع حفر الأنفاق الستة، هل يمكن أن تطلعنا على تفاصيلها؟ - بالفعل أنا أشارك فى هذا المشروع بخبرتى، ولن أتأخر يوما عن خدمة بلدى ووطنى، الأنفاق المقرر تنفيذها 6 أنفاق جديدة، 3 أنفاق منها سيتم تنفيذها فى الإسماعيلية بينها نفقان للسيارات ونفق للسكة الحديد، و3 أنفاق أخرى سيتم تنفيذها فى بورسعيد، منها نفقان للسيارات وآخر يسمح بمرور القطارات فى اتجاهين، ومنشأ على عمق 48 مترا من سطح الماء، وتم الاتفاق مع شركة ألمانية لتوريد 4 حفارات ضخمة لتنفيذ ال6 أنفاق، وسيتم العمل بحفارين فى الإسماعيلية ومثلهما فى بورسعيد لإنجازالأنفاق الستة، وهذه الحفارات تم إعدادها فى ألمانيا بعد دراسة التربة عبر المجسات وتحليلها كعامل أساسى لإقامة الحفر، والحفارات الجديدة تدار إلكترونيا بواسطة أحد السائقين، الذين سيتم تدريبهم فى ألمانيا، وسننفذ ونشرف لأول مرة على تنفيذ مشروعات الحفر العملاقة فى مصر بأياد مصرية عبر إرسال بعض المهندسين إلى ألمانيا، وتدريبهم على الحفارات الجديدة، ومن المقرر أن من يتم تدريبهم سيكونون مُدرِّبين للآخرين. وكنت حاضرا اللقاءات بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مع الشركة الألمانية، وكان فى مصر بحضور ممثلى الشركات المصرية والأجنبية التى ستعمل فى المشروع، مع حضور عدد من الاستشاريين الهندسيين، والهيئة الهندسية هى من تنفذ مشروعات الحفر بمشاركة 4 شركات مصرية، من بينها شركة أوراسكوم والمقاولون العرب، مع مشاركة بعض الشركات الأجنبية، ولكن التمثيل المصرى فى المشروع بقيادة الهيئة الهندسية سيكون له الغلبة، ولأول مرة نرى تنفيذا وإشرافا مصريا لمشروعات عملاقة، ووجود المهندسين الأجانب فى تنفيذ تلك الأنفاق له أهمية أيضا فى تبادل الخبرات مع المهندسين المصريين. ■ كم تبلغ تكلفة تنفيذ هذه الأنفاق وما المدة المحددة لإنهاء هذا المشروع؟ - يُسأل عن التكلفة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة قناة السويس، فأنا أركز دائما فى ما يخصنى من تنفيذ فنى على الأرض، والأمور المالية يوجد مسؤولون عنها، ودورى ينحصر فى الناحية الفنية من حيث المعدات التى ستستخدم فى الحفر، وهى ستستورد من ألمانيا أيضا، بحيث تتيح فرصة أيضا للمهندسين وللشباب وللعمال من ميكانيكا وكهرباء وخرسانة وغيرها للتدريب فى ألمانيا خلال الفترة المقبلة، للعمل فى صناعة الأنفاق، وسيقومون بتعليم زملائهم فى مصر بعد عودتهم مرة أخرى، أما فى ما يخص مدة إنهاء المشروع، فمن المقرر أن تصل الحفارات من ألمانيا فى شهر أكتوبر المقبل، وتلك الحفارات تأتى بشكل قطع، وسيتم تركبيها فى مصر فى أماكن المشروعات، وسنعمل بكل جهد، ومن الممكن أن تنتهى فى عامين أو أكثر قليلا، وربما أقل أيضا. ■ ما العائد الذى سيشعر به المواطن المصرى من تنمية محور قناة السويس؟ - تنمية محور قناة السويس سيشعر المصريون بنتائجها خلال الفترة القادمة، مع توافد الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل وإقامة المصانع بمحافظات قناة السويس، التى ستبنى بأياد مصرية، وستشهد معدلات دخل قناة السويس زيادة فى الدخل من العملة الصعبة التى تصب بدورها فى التنمية الاقتصادية الشاملة فى الدولة التى تلمس الحياة اليومية للمواطن، وكما قال الرئيس المشروع خطوة من ألف خطوة. ■ بصفتك عضوا بمجلس كبار العلماء ما الذى تم إنجازه حتى الآن وما المشروعات التى يعمل عليها المجلس؟ - نعمل فى مجلس كبار العلماء على عدة ملفات، فى مقدمتها ملفات التعليم الجامعى وما قبل الجامعى والصحة والطاقة، وكذلك تطوير منظومة النقل، وهناك اهتمام أيضا بملف التعليم الفنى، ونتواصل مع ألمانيا فى هذا الملف، وسوف يشهد تحركات ونقلة نوعية بالتعاون مع الألمان خلال المرحلة القادمة، والمجلس كل عضو فيه صاحب خبرة كبيرة فى مجاله، ونتواصل دائما مع الرئيس السيسى ورئيس الحكومة وأعضائها. ■ بخبرتك كإحدى القامات الكبيرة المتخصصة فى قطاع السكة الحديد على مستوى العالم، هل من الممكن تطوير منظومة السكة الحديد فى مصر؟ - لا يوجد شىء اسمه مستحيل، كل شىء ممكن، وأتواصل مع المسؤولين عن السكة الحديد ووزير النقل للبدء فى عملية التطوير، ونضع أمامنا الإمكانيات ونحدد الأولويات، ويجب أن لا ننسى أن منظومة السكة الحديد فى مصر ثانى أقدم سكة حديد على مستوى العالم، وأن تطويرها لن يكون بين يوم وليلة، ومن الخطوات التى بدأنا فيها عملية التطوير تم الاتفاق مع شركة «سيمنز» الألمانية على تطوير منظومة الإشارات الخاصة بالسكة الحديدة بأسلوب علمى متقدم، وكنت قد حضرت إلى مصر قبل أقل من شهر، ومعى خبراء ألمان وقمنا بزيارة معهد السكة الحديد بالوردان لتأهيل وتدريب العاملين بهيئة السكة الحديد، وستعمل على تطوير القطارات، ونعمل مع المسؤولين عن هذا الملف على التطوير والتقدم بأسس علمية وبأيادٍ مصرية بمشاركة الخبرات الأجنبية، وكل ذلك يأتى بالدراسة وعن طريق فتح قنوات العمل والتواصل بين الشركات الاستثمارية ووزارة النقل والمواصلات، فى ظل تحديد الإمكانات المتاحة والاحتياجات المراد تحقيقها كما قلت، وهناك مناقشات مستمرة للربط بين القاهرة ومدينة 6 أكتوبر بالقطار المعلق، وهذا المشروع فى طور التخطيط وفتح قنوات اتصال بين الشركات المصرية والشركات الاستثمارية للشروع فى تنفيذه. وأهم ما أعمل عليه هو محاولة نقل خبرتى العملية والعلمية للشباب المصرى، ووجودى بين الشباب داخل مصر يعمل بدوره على زيادة ثقتهم بأنفسهم، ويتيح لهم فرص الإبداع وإفادة الداخل المصرى. ■ تقابلت كثيرا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى سواء قبل ترشحه للرئاسة أو بعدما أصبح رئيسا للجمهورية ما خلاصة تلك اللقاءات؟ - بالفعل التقيت الرئيس السيسى فى أكثر من لقاء، وكانت لقاءات فردية وأخرى بحضور علماء مصر وأخرى مع ممثلين لشركات ألمانيا، ودائما أتناقش معه حول المستقبل وأعرض رؤيتى وخبرتى فى مجال عملى لتحقيق التطوير والتقدم، والرئيس السيسى يعلم جيدا مشكلات مصر، وكما قال هو فى أحد اللقاءات: «أنا أعلم المشكلات فى مصر، كما أراكم أمامى جميعا والحلول موجودة، ولكن ليس كل الإمكانيات موجودة»، وهو شخص يستمع كثيرا للجميع، ويستمع إلى كل الرؤى والأفكار، وقال إنه على استعداد أن يقابل أى شخص يقدم خدمة إلى مصر. ■ كيف ترى المستقبل فى مصر بناء على حواراتك المتعددة مع الشباب؟ - الشباب هم المستقبل والقيادة المصرية مؤمنة بذلك تماما، والمستقبل بدأ بالفعل فى مصر، ولكن على الشباب أن يواصلوا العمل بالأمل والاجتهاد، فلا يوجد دولة فى العالم قام ببنائها رئيس بمفرده، ولكن من يبنى الدول هم الشعوب خصوصا الشباب، وألمانيا قامت بعد الحرب العالمية الثانية وتقدمت بفضل شعبها، وكذلك فرنسا والهند والصين وغيرها من الدول التى حققت نجاحا يشهد له العالم الآن، وصحيح أن من يعطى إمكانيات وتوجهات هو الرئيس، ولكن لا بد من العمل والاجتهاد، والرئيس السيسى مقتنع بأن مصر ليست فى حاجة إلى أن تمد يدها لأحد، لأن لديها كل الإمكانات من الشباب والقوة والإرادة، فالأمل موجود ويقع العبء الأكبر على الإعلام بأن ينشروا الأمل والتفاؤل، وأن يعرضوا المشكلات بوضوح وبشفافية، بعيدا عن التشاؤم واليأس، ولا تنظروا للوراء، لأن التفاؤل يحركنا ويدفعنا إلى الأمام، أما اليأس فيعيدنا إلى الخلف، فالقطار لا يوجد به مرايات أمامية بعكس السيارة، لأن القطار لا ينظر إلى الخلف أبدا، وهو ينظر إلى الأمام دائما، وعلينا التعلم من ذلك بالتخطيط والنظر للمستقبل. ■ وسط حديثنا عن المستقبل والتنمية الاقتصادية تحدث عمليات إرهابية بوتيرة تكاد تكون ثابتة، هل تؤثر تلك العمليات على تحقيق الأهداف والعبور نحو بناء مصر الجديدة؟ -لا يوجد شخص عاقل سواء كان مصريا أو أجنبيا يحب أن يرى الدمار والخراب ونزيف الدماء، والإرهاب لا يوجد فى مصر فقط، بل أصبح يعانى منه العالم أجمع، وعزيمة الشعب المصرى تثبت يوما تلو الآخر أنها قادرة على القضاء على الإرهاب والوقوف صفا واحدا ضد كل من يحاول أن يخرب أو يدمر هذا الوطن، والشعب المصرى يقف بقوة مع الجيش والشرطة والرئيس والحكومة، رافضا أى عمل إرهابى خسيس، وتحقيق التنمية الاقتصادية وتحقيق خطوات النجاح أكبر هزيمة يعلنها المصريون على الإرهاب.