فلتذهب كل أحداث أول أمس الجمعة إلى الجحيم.. بصحَّهَا وغلطها.. بحلوها ومرها.. بسلميتها وعنفها.. فليذهب كل شىء فى ذلك العالم القذر إلى الجحيم.. وليتبقى ذلك المشهد المشين كخير شاهد على عصر مرسى.. مشهد المواطن الذى رصدته كاميرا برنامج الحياة اليوم أثناء سحله على الأسفلت بعد تجريده من جميع ملابسه.. حيث ظل العساكر يشدونه على الأسفلت من ايديه وارجله التى لا يزال بنطلونه المخلوع عالقا بها بينما يتناوب باقى العساكر الذين لا يشدونه على ضربه بالعصيان التى يحملونها فى ايديهم على مختلف أجزاء جسده العارى تماما.. يحاول الرجل حماية عورته بيده فيضربونه على باقى أجزاء جسده.. يحاول الرجل صد كل تلك الضربات عبثا فيضربونه على الجزء الذى كان يحميه بيديه.. فى نفس الوقت واثناء كل ذلك السواد الذى كان الرجل - وكنا جميعا معه - يعيشه فى تلك اللحظة المهينة لكل إنسان على ظهر ذلك الكوكب التعس – مش على ظهر مصر بس – كان الرجل يحاول الإحتفاظ ببنطلونه وملابسه الداخلية معلقة بقدميه.. سحلوه حتى مدرعة الأمن المركزى.. ومن الواضح انهم لم يسمحوا له حتى وهو داخل المدرعة بإرتداء ملابسه حيث أظهرت الصورة العساكر وهم يشدونه خارج المدرعة مرة أخرة ليتسلوا قليلا بسحله عاريا على الأسفلت كمان شوية.. تركوه على الأرض.. وقبل أن يستطع المواطن سحب بنطلونه لأعلى باغته ضابط بشلوتين فى ظهره.. فاستدار الرجل ليسحبه جندى من ايديه فى أحد الإتجاهات بينما يسحبه جندى آخر من أرجله فى إتجاه آخر.. يختلفان فيحسم جندى ثالث اللعبة ويسحبه من أيديه على الأرض بإتجاه ثالث.. ولأن السحلة الأخيرة كانت قوية.. ينسلت بنطلون المواطن وملابسه الداخلية التى كانت لا تزال عالقة بالجزء الأخير من قدميه.. يشوط أحد الضباط الواقفين الملابس على الأرض تجاه المواطن المسحول عاريا الذى يستطيع فى الظهور الأخير له قبل أن يختفى من الكادر إلتقاط بنطلونه.. هكذا يختفى الرجل من الكادر ذاهبا إلى المجهول.. ثم ينتهى المشهد.. فلتذهب كل حاجة إلى الجحيم وليذهب كل ما يمكننا قوله فى مثل تلك الظروف الحزينة والمهينة إلى الجحيم فى مقابل مشهد مثل هذا.. فلتتوقف تلك العجلة الدايرة من الأحداث عن الدوران أمام مثل ذلك المشهد المخجل والمسىء والمشين والمهين الذى يمثل جريمة مكتملة الأركان فى حق الإنسانية بأسرها.. حيث ما الذى يمكننا أن نتخيل انه يحدث بداخل سجون واقسام الداخلية إذا كان هذا هو ما يحدث خارجها؟!.. ما الذى يمكننا أن نتخيل انه يحدث بداخل غرف التعذيب تحت الأرض إذا كان هذا هو ما يحدث فى الشارع فوق الأرض لمواطن مصرى مقبوض عليه توا ولم يتم التحقيق معه بعد؟!.. ما الذى يمكننا أن نتخيل أنه يحدث للمدانين إذا كان هذا هو ما يحدث لمن لم تتم إدانتهم بعد؟!.. ما الذى يعنيه فى رأيكم حدوث مثل ذلك المشهد فى الشارع بعد الثورة وهو المشهد الذى لم نره سوى فى الصور والفيديوهات السرية المسربة من سجون سيئة السمعة مثل أبو غريب فى العراق وجوانتانامو فى كوبا واقسام الشرطة وسلخانات أمن الدولة ايام حبيب العادلى والذى لم تصل داخليته إلى تلك الدرجة من الفُجر والإجرام العلنيين.. فليذهب كل منطق إلى الجحيم أمام مثل ذلك المشهد المؤسف والمخجل والمهين لنا جميعا والذى لم يترك للمنطق مجال.. كلنا ذلك الرجل المسحول عاريا تماما بعد تجريده من ملابسه على الأسفلت فى الشارع أمام قصر مرسى.. كلنا ذلك الرجل الذى لم تترك له الداخلية حتى ملابسه الداخلية ليستر بها نفسه اثناء السحل والضرب بالعصيان والأيدى والأرجل.. للأسف لم يدع ذلك المشهد المعبر الذى أتانا مع ذلك المساء الحزين والسىء مجالا لشىء آخر يمكننا مناقشته أو التحدث بشأنه.. فعلى الرغم من كونه مشهدا لا تتعدى مدته الدقيقتان إلا أنه يلخص ما حدث فى مصر من تغيير عقب قيام الثورة وحتى سرقة الإخوان لها.. يلخص تلك المأساة التى أوصلتنا إليها تلك الجماعة الكارهة للحياة ولمصر وللمصريين.. فبعد أن كان المواطنون قبل الثورة يتم تعذيبهم فى الخفاء وفى الغرف المغلقة وفى سراديب الأقسام والسجون والمعتقلات.. يتم تعذيبهم وسحلهم الآن على عينك يا تاجر فى الشارع بعد تجريدهم الكامل من ملابسهم.. هذا هو الفارق الوحيد.. وفى هذا الإطار ينبغى علينا جميعا أن نسأل أنفسنا.. تُرى.. ما الذى يمكن أن يحدث لنا أسوأ من هذا؟!