قتلى وجرحى يتساقطون بالعشرات، وجنازة لم تكتمل بعد إطلاق الرصاص عليها، كل هذه الأحداث التى تمر بها المدينة الباسلة بورسعيد، دفعت فنانين من أبنائها إلى الخروج والحديث عن تلك المأساة التى تعيشها المدينة، رافضين ومُدينين لما يحدث على أرضهم التى عليها نشؤوا قبل أن يخرجوا فى رحلة البحث عن الذات وتقديم فنهم للجميع, فبورسعيد أثّرت على مدار تاريخها فى الفن بكثيرين على رأسهم محمود ياسين الذى ولد فى عام 1941، وكان والده موظفا بهيئة قناة السويس قبل أن يأتى إلى القاهرة عقب إتمامه الثانوية العامة، لينطلق من خلالها فنيا ويقدم أكثر من مئتى عمل بين السينما والمسرح والتليفزيون، كما كانت له مواقف سياسية واضحة فهو عضو فى جبهة الدفاع عن حرية الإبداع وقام بقراءة البيان الخاص بها فى المؤتمر الذى عُقد عند تأسيس الجبهة بنقابة الصحفيين، وكذلك عمرو دياب الذى كان والده أيضا يعمل بهيئة قناة السويس كرئيس للإنشاءات البحرية وقطاع السفن، وظهرت موهبة دياب عبر إذاعة بورسعيد حينما قدم النشيد الوطنى وأعجب بصوته المحافظ فى ذلك الوقت، لينطلق من خلالها إلى العالمية ويحصد عددًا كبيرًا من الجوائز، ورفض دياب مغادرة مصر مؤخرا بعدما ترددت أنباء عن إقامته بدبى وشدد على أنه باقٍ فى بلده، وكذلك سهير رمزى التى قدمت ما يقارب المئة عمل على مدار تاريخها، وكذلك حمدى الوزير الذى بدأ حياته التمثيلية من خلال فيلم «إسكندرية ليه» وله العديد من المواقف السياسية حيث كان مشاركا فى الثورة المصرية منذ بدايتها وأصيب خلال إحدى المليونيات بحالة اختناق بعدما تعرض لإطلاق غازات مسيلة للدموع، أما فيروز كراوية فقد ولدت فى عام 1980 ببورسعيد وسمّيت على اسم السيدة فيروز لحب والدها لها، وكان لفيروز عدد من المواقف الإنسانية حيث خصصت إيراد آخر حفلاتها لصالح أسر ضحايا قطار أسيوط، كما تضامنت مع رسامى الكاريكاتير الذين تم رفض لوحاتهم التى انتقدت جماعة الإخوان من قِبل ساقية الصاوى وتبنت دعوة لمقاطعة الساقية. حمدى الوزير بدأ حديثه ل«التحرير» معلقا على ما حدث بأن المسؤول عن هذه الأحداث والكوارث هم أعداء الثورة، وأن من قام بعمل هذا هو من قام بتدبير كل الكوارث التى وقعت منذ قيام الثورة وحتى الآن، مشيرا إلى أن ما حدث فى بورسعيد مرتبط بكل الأحداث السابقة، وتساءل الوزير حول سبب كون كل تلك الأحداث التى تقع فى الفترة الحالية موجودة فى مدن المواجهة الثلاث السويس وبورسعيد والإسماعيلية، وأشار حمدى إلى أنه توجه أول من أمس (الأحد) إلى بورسعيد من أجل المشاركة فى تشييع الجنازة، لكنه تم منعه من قِبل مجهولين عند مدخل بورسعيد، وأكد الوزير أن أهالى بورسعيد قادرون على تجاوز هذه المحنة وسيتجاوزونها، خصوصا أنه شعب مقاوم قاوم الإنجليز وطغيان مبارك، وأنهم رفضوا الهجرة من بورسعيد فى عام 1967، وتم تهجيرهم قسرا، واختتم الوزير تصريحاته بتأكيد أن الشعب قادر على تحقيق مطالب الثورة وسينتزع كل حقوقه. المخرج سمير العصفورى أشار فى تعليقه على الأحداث إلى أن توقيت الحكم بالإعدام يثير الكثير من الشكوك والقلق، والذى جاء متزامنا مع ما تتعرض له بورسعيد من حالة عقاب جماعى، مؤكدا أن المدينة تُعامل بشكل ردىء كما كانت تُعامل من قبل، وأشار العصفورى إلى أن المواطن البورسعيدى الذى شارك فى كل الحروب أصبح يتساءل عن إهانته لمجرد أنه بورسعيدى، وعن تفسيره للوضع الحالى أكد العصفورى أنه لا أحد يفهم ما يحدث وخصوصا الأزمات التى تحدث فى بورسعيد والسويس، متسائلا «لماذا كل هذا يحدث فى نفس التوقيت؟»، وأشار العصفورى إلى أنه أصبح لا يرى أى وجود للدولة فى الوقت الحالى. فى السياق ذاته أكدت المطربة فيروز كراوية أن ما يحدث فى الوقت الحالى هو إعادة لفكرة وجود مدن معاقَبة مثل ما كان يحدث فى ظل نظام المخلوع مبارك، وأنه يشبه فكرة تعامل أى نظام قمعى مع الأقليات، أحمد سخسوخ الناقد الفنى وعميد معهد الفنون المسرحية السابق، تحدث فى بداية حديثه ل«التحرير» عن نضال مدينة بورسعيد التى دفعت ثمنًا غاليا لمصر، وأنها تدفع ثمن كل مواقف نضالها، مشيرا إلى أن المدينة ظُلمت فى عهد مبارك الذى أوقف عنها الماء والهواء، وحول الوضع الحالى أكد سخسوح أن هناك قناصة يوجدون أعلى سجن بورسعيد وأعلى مبنى المحافظة يطلقون النار على أبناء الشعب المصرى، كما تحدث عن الجنازة التى لم يستطع أهل البلد أن يدفنوا أولادهم خلالها بسبب إطلاق النار عليهم، مؤكدا أن هذه المدينة لا تستحق كل هذا، واصفا ما يحدث بأنه شىء غير إنسانى وينذر بالخراب، محملا المسؤولية لرئيس الجمهورية والحكومة، وأن كل هذا الفشل يحدث منذ تولى مرسى المسؤولية، إضافة إلى هشام قنديل الذى كان مدير مكتب وزير فى عهد المخلوع ثم أصبح رئيس وزراء، ولم نستمع إلى تصريح مهم منه.