أعرف أن الصديق الكبير بهاء طاهر يتسع صدره دائما للحوار، كما يسمح لى أن أختلف معه، فهو يعلم تقديرى العميق لفنه البديع، ومواقفه الوطنية، كما يدرك حبى لشخصيته النبيلة. فقد كتب الأستاذ بهاء أكثر من مقال عن «قناة الجزيرة» و«الجزيرة مباشر – مصر»! وفى مقال «وحدة الصف.. والجزيرة» يقول كاتبنا: «فأما ما أحلم به وأتمناه من كل قلبى وأدرك استحالته وأن كثيرين لن يوافقونى عليه فهو وقف بث قناة الجزيرة المباشر من مصر». وهكذا لم يمض سوى أيام قليلة، وتحقق حلمك يا أستاذنا! وتبين لك ولنا جميعا أننا بعد الثورة أصبحنا قادرين على تحقيق الأحلام! فما كنت تراه مستحيلا أصبح واقعا! وإذا كنا لا نستطيع أن نوقف البث الفضائى فها نحن أولاء قد أغلقنا مكتبها فى مصر! ثم يضيف «قبل عشر سنين كتبت مقالا عنونته (قناة الجزيرة للبلبلة)، وحاولت من خلال دراسة لمضمون برامجها أن أثبت أن لهذه القناة موقفا ثابتا هو معاداة مصر بصفتها مصر، وبغض النظر عن نظام الحكم فيها». وقد استوقفتنى العبارة الأخيرة، فهذا نظام حكم الديكتاتور المخلوع يا أستاذ بهاء، فكيف تتجاهل ذلك؟! ومعاداته وكشف استبداده، وفضح فساده، يعد عملا وطنيا وإنسانيا شريفا. أما فى مقاله «النيل مباشر من قطر» فكتب «فلنفترض أنه احتمال ممكن، تقرر مؤسسة إعلامية مصرية مستقلة أن تنشئ قناة جديدة اسمها (النيل مباشر من قطر). غير أن هذه القناة التى تبث إرسالها من الدوحة لم تراع واجبات ضيافتها فى قطر»، ثم يتساءل «كم تظن أن صبر الدولة فى قطر سيطول على مثل هذه القناة المتهورة والسليطة؟» ويجيب «لا أظنه يطول، ولكننى أعرف أننا نحن فى مصر نصبر صبرا غير جميل على تجاوزات مماثلة». ورغم أن هذا مجرد فرض، فإنه فرض يتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا، وأستاذنا يعلم أكثر منى، تاريخ مصر ومكانتها الحضارية، وتأثيرها الكبير والعريق على كل الدول المحيطة بها، وقوتها الناعمة المشعة على من حولها منذ فجر التاريخ وحتى الآن. فهل يليق بنا أن نقارن المحروسة بدولة صغير جدا من جهة الحجم، وحديثة جدا من جهة التاريخ؟! ويشن أستاذنا هجوما طويلا على قناة الجزيرة يختلط بالهجوم على سياسة قطر، وهذان موضوعان منفصلان، وفى نهاية مقاله الثانى يقول كلاما صحيحا ومختلفا عما جاء فى مقاله الأول، إذ يقول «إن التصدى لها لا يكون عن طريق إغلاق مكاتبها أو طرد مراسليها، ففى عصر السماوات المفتوحة يفيدها هذا أكثر مما يضرها». أما الطريقة المثلى فهى «أن يكون إعلامنا قويا قادرا على المنافسة وتقديم الرسائل الصحيحة لدحض الدعايات الزائفة...»، ثم يقول «ما يحزننى حقا هو أننى أدرك استحالة هذا التصدى الذى ذكرته أو أى تصدٍّ آخر، فنحن نعيش كما قيل بحق انفلاتا إعلاميا أخطر من الانفلات الأمنى». وهنا أختلف مع أستاذنا فى استحالة التصدى للدعايات الزائفة، فمن حققوا معجزة الثورة، سيتجاوزون هذه المرحلة الصعبة، وسيحققون بإذن الله معجزة النهضة.