أصدر شباب ائتلاف شباب الثورة ما وصفوه ب«كشف حساب» لنشاط الائتلاف منذ تأسيسه فى ذروة ثورة 25 يناير وحتى إعلان حله رسمياً أمس.. و«التحرير» تنشر نص «كشف الحساب». إيمانا منا بأن كل تجربة يجب أن تستمر أو تتوقف بناء على معطيات الواقع ومع وجود أسباب منطقية لذلك، وبما أنه من الضرورى «وهو ليس معتادا عليه فى العمل العام فى مصر» أن تقدم كل جماعة وكيان سياسى كشف حساب شفافا وواضحا يحمل ما قامت به فى كل فترة زمنية من سيئات وحسنات. لكن فى ظروف استثنائية كحدوث ثورة شعبية عظيمة كالتى فى مصر، وجدنا أنه من الواجب علينا أن ننشر هذا الكشف على جماهير الشعب المصرى، الذين وضعوا ثقة ما فى هذا الكيان «ائتلاف شباب الثورة»، وعلى الذين انتقدوه وعلى خيرة شباب مصر من نشطاء ومؤمنين بأهداف هذه الثورة وقيمها فى حركات ثورية صديقة، وإلى نخبة مصرية أدى قطاع منها ما يستطيع من دور لخدمة هذا الوطن، وإلى مصابى الثورة العظماء الذين دفعوا الثمن الأغلى والمستمر فى هذه الثورة، وإلى أرواح شهدائها الذين ما زالوا يسقطون حتى اليوم انتظارا لليوم الذى ينال الوطن فيه حريته وكرامته، وينتزع فيه كل مصرى مطالبه العادلة فى «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية». أولا الدولة: 1- المجلس العسكرى: التقى ائتلاف شباب الثورة مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرتين، كانت الجلسة الأولى فى نهايات شهر فبراير ودارت المناقشات فيها حول ورقتين عرضهما الائتلاف، كان قد سبق إعدادهما بدقة مع مجموعة من الشخصيات الوطنية المحترمة، تضمنت الورقة الأولى إقالة حكومة الفريق أحمد شفيق، وإلغاء قانون الطوارئ، وحل جهاز مباحث أمن الدولة، وبقية المطالب المتعلقة بالتحول الديمقراطى. وورقة ثانية اقتصادية واجتماعية كانت تتضمن خطة بجدول زمنى لتنفيذ الإجراءات الخاصة بالأجور، وغيرها من مطالب جماهير العمال والفلاحين والفقراء فى مصر. الجلسة الثانية كانت جلسة مشتركة جمعت بين الائتلاف واتحاد شباب الثورة مع اللواء/ محمود حجازى وكانت فى شهر مارس، ودارت النقاشات بشكل عشوائى وكانت أهم النقاط هى مراجعة الورقتين السالفتين بالاجتماع السابق، وحديث عن فض اعتصام الإعلاميين أمام ماسبيرو والشكوك حول مسألة كشوف العذرية «لم تكن تأكدت بعد»، وغيرها من سوء وبطء الأداء والإدارة. ثم توقفت اللقاءات بشكل كامل ونهائى بعد الهجوم على المعتصمين فجر يوم 9 أبريل 2011. حكومة الدكتور عصام شرف: 1- بدأ الاتصال بحكومة د.عصام شرف بدعوة منه للائتلاف للقاء عرض فيه الائتلاف نفس الورقتين سالفتى الذكر، وبعد عرضهما باستفاضة رحب بشدة ووعد بالعمل على تنفيذ ما جاء بهما. 2- عُرض على الائتلاف اختيار عدد من أعضائه للعمل داخل مجلس الوزراء كمستشارين لرئيس الوزراء لخلق حلقة وصل بينه وبين القوى الثورى، وهو ما رفضه الائتلاف شكلا ومضمونا، مؤكدا أنه سيظل داعما سياسيا لهذه الحكومة إذا سعت بجد لتحقيق أهداف الثورة، وهو ما دفع مجلس الوزراء إلى الاستعانة بشباب آخرين لهذه المهمة. 3- شارك عدد من شباب الائتلاف فى لجنة العدالة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء، التى كانت تختص بمحاولة إيجاد حلول جذرية لمسألة الطائفية والتمييز، التى تكونت عقب أحداث كنيسة صول، وكانت مهمة اللجنة إعداد مشروع قانون لدور العبادة الموحد، وإنشاء وحدة للإنذار المبكر بخصوص المشكلات الطائفية وغيرها… وشارك عدد من شباب الائتلاف أيضا فى اللجنة المسؤولة عن صندوق الشهداء والمصابين حينما كانت فكرة لم تدخل حيز التنفيذ، ثم امتنع كل شباب المشاركين فى اللجنتين عن الحضور نهائيا بعد عدة جلسات لم تنتج شيئا من المرجو والمنتظر. 4- بعدما بدا واضحا للجميع أن هذه الحكومة ضعيفة وبلا صلاحيات حقيقية، قابل بعض أعضاء الائتلاف الدكتور عصام شرف بعد قطيعة طويلة فى منزله قبل جمعة 8 يوليو، وطالبوه بشكل واضح وصريح بالاستقالة والرجوع للميدان وهو ما لم يستجب له الدكتور عصام شرف، فأعلن الائتلاف فى الميدان يوم 8 يوليو ضرورة عزل حكومة عصام شرف وفرض حكومة ثورية ذات صلاحيات بإرادة الميدان. المخابرات العامة: عقد الائتلاف لقاء واحدا مع السيد مراد موافى وعدد من أعضاء الجهاز فى بدايات شهر سبتمبر حضره غالبية الأعضاء وامتنع البعض، وهى الفترة التى عقد الجهاز فيها سلسلة طويلة من اللقاءات مع عدد من الحقوقيين والشخصيات العامة والسياسية والحركات الثورية، وحضر اللقاء عدد من الشخصيات العامة والسياسية المحترمة والمعروفة، هذا وقد أعلن الائتلاف عن الاجتماع وكل التفاصيل التى دارت فيه فى اليوم التالى لكل وسائل الإعلام من باب الشفافية كما فعل فى كل لقاءاته مع المجلس العسكرى «الذى نشرنا مسودة الاجتماعين بهم على صفحات الجرائد ومن خلال مؤتمرات صحفية»، ومع الحكومة أيضا. تقييم العلاقة مع الدولة: فى مناقشات طويلة وعديدة جرت حول مسألة التواصل، جاءتنا انتقادات عديدة سواء التى كانت تتبنى وجهة النظر القائلة بأن التواصل المستمر والمكثف مهم وأنه من الخطأ قطع الاتصال حتى لو كان هناك خلافات، أو التى كانت ترى أن ثمة أى تواصل هو خطأ كبير، وبين ذلك وذلك من كانوا يرون السياسة لا ثوابت فيها وأن التعامل يجب أن يكون حسب القضية والموقف. العلاقة مع القوى الثورية: ظهر الائتلاف كشكل تنسيقى معبر عن بعض الكيانات الشبابية التى شاركت المصريين فى ثورتهم العظيمة، وفى يوم 1 فبراير تم الإعلان عن تأسيس الائتلاف، ولكن بسبب التخوف المستمر من أى محاولات اختراق أو تفتيت، فقد أغلق الائتلاف الباب على نفسه وهو ما كان خطأ شديدا لا يبرره السبب، ولم تفلح محاولات التوسعة إلا بإضافة كيانات قليلة إليه، وهو ما نراه قد شكل نوعا من سوء التواصل مع المجموعات الثورية المحترمة الأخرى، وقد تمت محاولة تصحيح هذا الخطأ من أجل المصلحة العامة، بدخول ممثل عن الائتلاف فى تحالف الحركات والأحزاب بعد ذلك. انتخابات مجلس الشعب: حدث اختلاف فى وجهات النظر حول الانتخابات انتهت بامتناع بعض الشباب عن خوضها ومشاركة البعض الآخر، وفى العموم لم تكن مشاركة فى الانتخابات البرلمانية بالطريقة المثالية، حيث لم يتمكن الائتلاف وقتها من خوض الانتخابات مجتمعا، وفضل بعض أعضائه خوض الانتخابات على قوائم «الكتلة المصرية» والبعض الآخر على قوائم «الثورة مستمرة»، والبعض خاضها على المقاعد الفردية وهو ما لم يساعد فى خلق الحالة التى كان من الممكن صناعتها لو ترشح الجميع على قوائم حلف انتخابى واحد. انتخابات رئاسة الجمهورية: منذ البداية كانت هناك مجموعة داخل الائتلاف تدعم الدكتور أبو الفتوح، ومجموعة أخرى لم تقرر دعم مرشح بعينه ولكنها حاولت أن تساعد فى التوصل إلى فريق رئاسى يجمع بين مرشحى الثورة، وكان ذلك بالمشاركة مع شخصيات عامة عدة، وشاركت أيضا بمبادرات عدة كلجنة المئة، ولكن لم تفلح كل هذه المحاولات والجلسات التى عقدت مع المرشحين الخمسة بشكل مباشر أو غير مباشر من تحقيق الهدف المرجو. فاستمر الوضع على ما هو عليه واتجه بعض الأعضاء إلى خيار المقاطعة وظل البعض مستمرا فى دعمه الدكتور أبو الفتوح وأعلن الباقون دعمهم السيد حمدين صباحى، وبالطبع كان ذلك فى وقت متأخر بعد أن تم التأكد من أن فكرة المشروع الرئاسى لن تنجح، أما فى جولة الإعادة فقد قرر غالبية أعضاء الائتلاف مقاطعتها بينما قرر أعضاء حزب التيار المصرى دعم الدكتور محمد مرسى. المبادرات والمليونيات: شارك الائتلاف فى طرح وتبنى والمشاركة لبعض المبادرات كمبادرة………، ودعا إلى عدد من المليونيات وشارك فى مليونيات أخرى………… رسائل: رسالة إلى شباب الثورة نعلم أننا قد أخطأنا بما بدا فى لحظات باحتكار الحديث باسم الثورة، وأن منكم كثيرين ممن هم أفضل منا عملا وقولا لصالح هذه الثورة العظيمة، وأن كثيرين منكم أيضا قد دفعوا أثمانا أكبر بكثير مما دفعناه، ولكن هى الأقدار التى شاءت أن نكون فى هذا الموضع فى تلك الفترة، أيضا نعلم أن ثمة تحفظات كثيرة منكم على بعض أدائنا ولقاءاتنا ويعلم الله أنه لم يكن ظهورنا ولا حديثنا ولا اللقاءات التى عقدناها إلا فى ما كنا نعتقده فى صالح الثورة وليس لشىء آخر. رسالة إلى الشعب المصرى: لا نتمنى أكثر من أن تقبلوا منا ما صنعناه بقبول حسن، وأن تغفروا لنا أننا لم نكن على المستوى الذى تتمنونه وتتوقعونه، وتلتمسوا لنا عذر الضغوط والارتباك، فالتجربة لم تكن سهلة وتعقيداتها كانت تفوق تصورات كثيرين حتى العالمين من الأمور ببواطنها، ولكن ما نراه منكم فى الشارع فى كل وقت وما قدمتموه فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية يرسخ إيماننا أن فكر الثورة والتغيير هو العامل المشترك الأعظم الآن ويضع المسؤولية علينا جميعا لترجمته. رسالة إلى السيد حمدين صباحى والدكتور أبو الفتوح والدكتور البرادعى: لم نكن نستطيع أن نقدم على هذه الخطوة إلا بعد إعلانكم عن طاقة نور جديدة فى تشكيل جبهة وطنية موسعة تقود المعارضة فى مصر فى الفترة المقبلة، وإيماننا أن ذلك قد يكون الأمثل والمناسب لتلك الفترة، يستطيع أن يشارك فيها الجميع وتصبح بحق ممثلة ومعبرة عن المواقف الوطنية وسبيلا لاستكمال أهداف الثورة ومرجعية يستند إليها الشعب المصرى ويرتكن إليها. نهاية منذ عدة أشهر لم يعد الائتلاف يقوم بدور جيد يرضى أعضاءه وجمهوره، ولكن استمر الحديث باسمه فقط من خلال وسائل الإعلام وهو ما نجده خطأ، كما أننا لا نريد أن نحافظ على كيان شكلى لمجرد أن اسمه يكتسب ثقلا ما، كما أن احترام الثورة يقتضى محاسبة الذات ونقدها، وبناء عليه فقد قررنا حل ائتلاف شباب الثورة، على أن تظل مجموعاته تمارس دورها الطبيعى فى العمل ولكن فى أطر أخرى قد تكون مناسبة لكل مجموعة، وبالطبع سينضم جزء من الأعضاء إلى الجبهة الوطنية الموسعة حال إنشائها إن شاء الله. ملحوظات: 1- بخصوص التوقيت: كان قد تم عقد العزم أكثر من مرة لاتخاذ هذه الخطوة منذ عدة أشهر ولكن فى كل مرة كانت الأحداث المتلاحقة والمتسارعة فى مصر تمنع ذلك، ولكن بدا أن مفاجآت المرحلة الانتقالية لا تنتهى، ولكن ساعدت فكرة طرح تشكيل جبهة وطنية موسعة بعد انتخابات الرئاسة على الإعلان. 2- بخصوص مسار الثورة: قرار الحل لا يعنى إلا أن مسار الثورة يحتاج إلى أطر ووسائل متعددة ومختلفة لتحقيق أهدافها فى المستقبل، خصوصا بعد التطورات التى حدثت فى الفترة القليلة السابقة. 3- بخصوص العمل المشترك: الائتلاف كان مشكلا من كيانات مختلفة أيديولوجيا تماما من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ونجح فى فترات كثيرة إلى أن يكون متوافقا على المشتركات الكبيرة وحسم أى خلاف بآلية ديمقراطية، ولكن ثمة تغيرات عديدة فرضت نوعا جديدا من الاصطفاف يمكن أن تلتقى فى أطر أخرى، لأن تجربة العمل المشترك والجماعى على الأهداف الكبيرة والمشتركة كانت ناجحة بنسبة كبيرة.