أحزاب أسيوط تعقد مؤتمرات واجتماعات استعدادًا للشيوخ.. وجولات مكوكية للمستقلين    لجنة انتخابات الأطباء تعلن أسماء المرشحين بعد البت في الطعون    فعالية ثقافية لذوى الهمم بمتحف طنطا    صور| اتفاقية بين الجامعة الألمانية بالقاهرة وغرفة الصناعة العربية الألمانية لدعم التعليم    الرقابة المالية تختتم اجتماعاتها في لندن    بنك كندا المركزي: الشركات أقل قلقًا بشأن سيناريوهات التعريفات الجمركية    إطلاق دستور دوائي وطني بمعايير عالمية بأكثر من 3000 مونوجراف وفصل عام    مصر ترحب بمطالبة 25 دولة إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة    الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل الفريق أول مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي    مصادر طبية فلسطينية: 61 شهيدا بنيران الاحتلال منذ فجر اليوم    عرض احتراف سعودي لحارس الزمالك    الأهلي يتقدم على الملعب التونسي في الشوط الأول    حسن مصطفى يصل غدًا إلى القاهرة لمتابعة الاستعدادات النهائية لبطولة العالم للناشئين لليد    نفس صيغة نيكو باز.. سكاي: كومو يتفق مع ريال مدريد على ضم رامون    الإعدام لمتهمين في أسيوط استدراجا صديقهما لشراء المخدرات وقتلاه    الحكم على متهم في إعادة محاكمته ب«خلية الوراق الإرهابية» 15 نوفمبر    باسم سمرة يعلن انتهاء تصوير أحدث أعماله السينمائية «برشامة»    الشباب العربى فى العصر الرقمى    سياسي فلسطيني: لا نعوّل إلا على مصر.. وتجويع غزة جريمة تفوق الوصف    حكاية سلوى محمد على مع المفتقة فى كواليس مسلسل فات الميعاد    أنشطة صيفية للأمهات لتعزيز مهارات الأطفال خلال الإجازة الصيفية    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    على طريقة المطاعم.. خطوات تحضير المكرونة بصلصة البولونيز    الزمالك يرفض الاستسلام ويجدد مفاوضاته لضم حامد حمدان لاعب بتروجت (خاص)    المنيري يكشف تفاصيل إصابة زلاكة في ودية باندرما سبور ومعسكر بيراميدز بتركيا    رئيس جامعة بنها يشهد حفل ختام ملتقى إبداع لكليات التربية النوعية    لابيد: مستعد للتوافق مع نتنياهو لإبرام صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل ثم عقد انتخابات مبكرة    مي سليم تنشر صورة مع تامر حسني وتوجه له رسالة.. ماذا قالت؟    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    قرار عاجل من محكمة الاستئناف في قضية طفل البحيرة    حريق داخل مخزن قطع غيار سيارات بالمرج    عاد مبكرًا فوجد زوجته وشقيقه في غرفة نومه.. قصة خيانة هزت العمرانية    جماعة الحوثي تعلن تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت أهدافا حيوية بإسرائيل    افتتاح كنيسة جديدة ورسامة شمامسة في بوخوم بألمانيا    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    سعر الدولار اليوم الإثنين 21-7-2025 أمام الجنيه المصرى فى ختام التعاملات    جامعة بنها تستعد لاعتماد عدد من الكليات والبرامج خلال يوليو وسبتمبر    تقارير.. تكشف موقف تشيلسي من التعاقد مع جارناتشو    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    أذاع حفل زفافه.. باحث في التراث: التلفزيون المصري كان «نحس» على الملك فاروق    بابا الفاتيكان يحذر من التهجير القسري لسكان غزة: «نناشد وقف الحرب»    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تغطية مصرف مدخل عزبة أبوالجدايل تمهيدًا لرصف الطريق    شواطئ مرسى علم تحتفل مع السائح البلجيكي بيوم بلاده الوطني    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السامرى واليقظة
نشر في التحرير يوم 06 - 07 - 2012

سامرى ثورتنا، صنع البقرة وقال للناس، هذه ثورتكم، سامرى الثورى جعل البقرة تطلق ريحا وخوارا، وزعق فى الناس هذه هتافاتكم -مطالبكم، إنها أصواتكم التى أسمعها فى أذنى.
«أخذوا ذهب الثورة، وسيفها، ابتدؤوا تقتيلا فى أبنائها ومنحهم تعويضات من الدموع فى مقابلها، أخذوا الذهب وصنعوا به عجلا صغيرا، وأركبوه على الكرسى، صائحين هذه ثورتكم، وهذا رئيسكم، لقد انتصرت ثورتكم، وانتصرتم، فليفرح من يفرح، ولينتحر من ينتحر، لا نبالى».
السامرى لم يعِ أنه يفتن المؤمنين بالثورة، وأنه استحال إلى دجال لها ونبى كاذب، السامرى لم يقصد أن يضيع تضحياتهم فى التيهة الطويلة هباء، فقط رأى أن ثمانين عاما من الضياع كانت كافية على الحلم، وأن الثورة الحاصلة الآن ليست كافية، وبعيدة المنال، فعليه أن يخلق ما يستطيع أن يلمسه الآن، ويسمع له صوتا، ويحادثه، ويفضى إليه بكل أوجاعه.
«أتى إليه الذهب من كل مكان، كل «الغير» مصدقين أتوه، حاملين إليه ثرواتهم، حاملين إليه أحلامهم الخاملة، وآمالهم التائهة، مخبرينه أنهم لن يستطيعوا مع مثل هذه الثورة صبرًا، وأنه لا بد من تحقيق أحلامهم أمامهم، لم ينتظروا رجوع الثورة، لم يطيقوا البعاد والتيه، لم يؤمنوا بشكل كاف بإمكانية حدوثها، فاتوه فاتحين خزائن ذهبهم، إن هيت لك، وبك سنصنع ثورتنا، ولتكن عجلا لا نبالى».
فى صحراء جوعهم، قبل الثورة الموعودة، كانت آلامهم أمامهم، لم يستطيعوا أن يكتموا أصوات صراخهم، لم يستطيعوا أن يهربوا من كل خطاياهم، لم يستطيعوا أن ينظروا فى قطع الزجاج المتهشم المكونة لانعكاس صورة وجوههم، ولم يستطيعوا الانتظار، رغم أن الأبواب كانت أمامهم، رغم أن الرياح المعلنة لعودة ثورتهم كانت تصفِّر فى آذانهم، لكنهم لم يعيروها أى انتباه، تخندقوا داخل لحمهم وهياكلهم العظمية، ولم يستطيعوا الرؤية، لم يستطيعوا الصبر.
السامرى أصبح نبى الثورة، وقائدها، السامرى وأتباعه، أصبحوا الآن بعقود موقعة بدماء ثورتهم، رموزها، السامرى رأى فى ما يرى الدجال، أنه أصبح الآمر، أصبح الأول والآخر، أصبح الناهى، لقد دانت له الأرض، ودعت باسمه فوق جبالها، السامرى صدق كذبته، وأصبح أمام نفسه «مهدى» الثورة المنتظر.
على الرغم من أنه وافق واعترض على عجله المقدس، لم يكونوا الكثرة، على الرغم ممن تحمسوا، وأطلقوا صيحات الحرب، لم يكونوا كثرة، وعلى الرغم من أن من قرر الصمت، والابتعاد، كسلا أو إيمانا، كانوا السواد الأعظم، لكنه هو وأتباعه، ظنوا أن عقودهم الممهرة بالدماء، تمثل الثورة، ظنوا أنهم النبى وحواريه، ظنوا أنهم المتحدثون باسم «الثورة»، ورسل تعاليمها، ومضوا فى طريقهم بهذا الإيمان.
لم يعلموا أن لكل غفلة يقظة، ولكل جذر ثورة مد، وكلما قوى الجذر، أصبح المد طوفانا وثورة، وكلما طالت الغفلة، أصبحت اليقظة أكثر عنفا ومفاجأة مما يحسبون.
اليقظة آتية، أقرب مما تعلمون، وأسرع مما تتهيؤون، تتبعها الثورة المنتظرة، أضخم مما اعتقدتم، وأوضح مما اختبرتم.
اليقظه آتية بمعجزاتها التى لم يسمعوا عنها، عن رصاص يخترق جسد «صنائعى» من جهة، ويخرج من الجهة الأخرى، دون أن تترك حتى أثرا يعجز المداوين عن إخفائه.
اليقظة آتية، بأطفال انتشروا حول الخيام، متلمسين أى دفء من داخلها، متلمسين أى أحضان من أم «افتراضية» أو من أب يشبه تلك الأم.
أطفال رأوا النيران ولم يخشوها، وتنفسوا غازات الموت وضحكوا من تأثيرها، ومن مطاطى، أشبه بالحلى البلاستيكية فى عيونهم، يجمعونها ليزينوا بها جلودهم، محتفلين بأيهم يمتلك آثارا أكثر من الآخر، ليعلن عن نفسه «ذكرا» «أولا» جديدا، حتى انتهاء الحفل، والتنصيب.
اليقظة آتية، بنساء عبرن خطوط الموت، لتحيى ابتسامة منهن جريحا، ولتسقط أحجار من أيديهن، ذوات ظنت أنفسها، ستظل معزة ومذلة، ولم يعلموا أن عزتهم حرقت، وأن ما تبقى لهم لن يكون سوى مذلة، دائمة.
دماء وموت، حولتها تلك النسوة إلى احتفالات بداخل الجميع، احتفالات بنصر مؤقت شعروا به على أطراف شفاههن، ورأوه داخل أعينهن.
حتى فى أسوأ ومضات الذاكرة، سيظللن هن أحلى ما فيها، حينما تتركك إحداهن لثانية، وأنت غارق فى خوفك، لتلقى حجرا، أو تطلق هتافا، لتعود إليك مشرقة، لتضىء تلك الذاكرة المعتمة إلى الأبد.
اليقظة آتية، تخبرنا الوجوه فى الشوارع، تتناقلها الأيدى فى مشاريع النقل العام، تصرخ بها العيون فى طوابير «البقاء»، وتتقلص بطوننا، تنبئ بقدومه.
اليقظة آتية، بفقرائها.. قديسيها، وأطفالها.. رسلها، ونساء يعلون فوق أى آلهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.