"الفرحه" عاهره جميله .. يمكنك شرائها بالفلوس .. إلا أن الأجمل أن تحصل عليها برضاها .. بينما "الحزن" زبون .. مجرد زبون من زبائنها الكثيره .. إلا أنه يعشقها إلى حد العباده .. و تلك هى مأساته ! تروى الأسطوره أنه فى إحدى تلك الحفلات المناسبه للرجل لكى يبدى فيها مشاعره تجاه المرأه إنتهز الحزن فرصة خروجهما إلى البلكونه ليصارح الفرحه بحقيقة مشاعره تجاهها .. أخبرها الحزن أنه يحبها .. أخبرها أنه يريدها أن تكون له وحده .. صمتت الفرحه و تحولت ملامحها إلى الثبات المقترن بالذهول .. نظرت إلى الحزن و أخبرته بالحقيقه المره التى يبدو أنه قد نسيها فى إطار عشقه الجارف .. " بس أنا بتاعة الناس كلها " .. جز الحزن على أسنانه بغضب و هو يخبرها بأسى .. " عارف .. بس عارف كمان إنى باحبك .. باحبك و مش عايز حد تانى يلمسك غيرى بعد النهارده " .. أخبرته الفرحه أنها حتى لو إستطاعت نسيان ماضيها .. فإن الناس لن يستطيعون .. فلكل رجل أو حتى إمرأه ذكرى معها .. ذكرى لا يستطيع من مر بها أن ينساها .. و سوف يظل الجميع يبحث عنها .. سواء واصلت عملها الإحترافى أم لم تواصله .. سواء تزوجت الحزن أم لم تتزوجه .. أخبرته أنه بوقوعه فى حب عاهره مثلها يفتح أبواب الجحيم على نفسه .. أخبرته بكل ذلك إلا أنه لم يستطع الإستماع إلا إلى صوت رغبته العارمه فى إمتلاكها وحده .. لهذا كان منطقياً أن ينتهى هذا الحديث بينهما بالحزن و هو يجثو على ركبته أمام الفرحه و يمسك يدها و يقبلها قبل أن يسألها .. " تتجوزينى " ؟! إنتهى شهر عسلهما الذى انعزلا فيه عن العالم .. و مع عودتهما إلى المدينه بدأت الحياه تدب فى قلوب أهلها مره أخرى .. فبعد شهر كامل عاشوه تقريباً بدون فرحه أو حزن .. عادت الحياه إلى سابق عهدها أخيراً .. إلا أن ما أزعج الحزن حقاً هو كل تلك الشكوك التى بدأت تتراكم فى صدره تجاه الفرحه .. فكلما خرجا معاً .. كان الناس لا يكادوا ينتبهون إليه بمعطفه الأسود و موده الحالم و الصامت .. بينما الفرحه بفستانها ذى الألوان المبهجه كانت هى اللافته لأنظار الجميع .. كلما ذهبا إلى مكان كان الناس يحيون الفرحه بينما يتجاهلون الحزن .. كان الرجال المحطمون يطلبونها للرقص و كانت توافق و هى تخبر الحزن .. " معلش .. دا شكله محطم أوى .. أكيد محتاجنى فعلاً " ! بدأت أبواب الجحيم تنفتح على الحزن كما أخبرته الفرحه فى البدايه .. كانت روحه المعذبه تتمزق كلما تصور أنها الآن قد تكون فى حضن أحد زبائنها القدام .. و ظلت الأمور بينهما تسير إلى الأسوأ .. حتى اتخذ الحزن القرار الصعب ذات ليله .. و قرر إنهاء تلك المأساه تماماً .. قرر الحزن قتل الفرحه ! على الرغم من حبه الجارف لها .. إلا أنه قتلها بدم بارد تماماً .. فمأساة أن تعشق بجنون امرأه يرغبها سكان الكوكب بأسره كانت مأساه حلها المنطقى الوحيد من وجهة نظر الحزن هو قتل تلك المرأه .. و على الرغم من صعوبة ما فعله إلا أن هذا لم يكن هو الجزء الأصعب فى الموضوع .. فقد كانت المشكله الحقيقيه أمام الحزن فى ذلك الوقت تكمن فى كيفية إخبار أهل المدينه بفعلته النكراء و عملته السوداء و غيرته العمياء .. هل سيسامحونه ؟! .. بل هل سيسامح هو نفسه أساساً ؟! .. بعد فتره من التفكير كان رأيه قد استقر على ماينبغى عليه أن يفعله .. خرج إلى أهل المدينه محطماً و هو يخبرهم أن الفرحه هجرته و هربت .. ساد الهرج و المرج بين الجميع .. إلا أن الحزن تركهم و انصرف بعد أن ألقى بكذبته فى وجوههم .. تاركاً إياهم للتفكير فى الأيام القادمه التى سوف يحيونها بدون فرحه ! قرر أهل المدينه عدم الإستسلام .. و بدأوا عملية البحث عن الفرحه .. مشطوا الغابات .. جابوا السهول و الوديان .. ذهبوا إلى المدن الأخرى المحيطه بهم .. بحثوا عنها فى بيوت جميع من زارتهم قبل ذلك و أقامت معهم علاقه .. إلا أن الجميع أكدوا أنهم لم يروها منذ تزوجت الحزن و أقلعت عن مهنتها القديمه! إنتقلت عدوى البحث عن الفرحه إلى سكان المدن المجاوره لتلك المدينه .. إلا أن أحداً - حتى يومنا هذا - لم يستدل عليها أو يعثر لها على أى أثر .. بينما ظل الوحيد الذى يعرف مصيرها النهائى هو الحزن .. و ربما كان هذا هو سبب حزنه !