أصدر اتحاد كتّاب مصر بيانًا عبّر فيه عن موقفه الرافض لطريقة تشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور. إذ لا يصح أبدًا أن يتم استبعاد مفكرى مصر وكتّابها الكبار من عضوية لجنة منوط بها كتابة الوثيقة الأهم فى هذه المرحلة التاريخية، فدستورنا الجديد يجب أن يُعبر عن روح الأمة وضميرها، وهذا واجب كتّاب مصر ومفكريها، فهم خير من يعبر بصدق ووعى ووضوح عن طموحات شعبنا وآماله، ومن ثم فاستبعاد من يمثلون عقل مصر وضميرها يعد تصرفًا مرفوضًا من المثقفين جميعًا. وقد جاء فى البيان الذى وقّعه محمد سلماوى رئيس الاتحاد، ما يلى: التشكيل الذى انتهت إليه مفاوضات القوى السياسية مع الأكثرية البرلمانية حول اللجنة التأسيسية للدستور، خلا تمامًا من الأدباء والكتّاب الذين هم ضمير الأمة وعقلها المفكر، ومن ثم جاء التشكيل ناقصًا ومعيبًا، وغير ممثل لمثقفى الأمة من المفكرين والشعراء والأدباء والكتّاب، الذين يزيد عددهم من بين التسعين مليونًا من أبناء مصر على تعداد بعض الدول كاملة العضوية فى الأممالمتحدة. وهذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها تجاهل كتّاب مصر فى تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، فقد كانت المرة الأولى فى أثناء طرح وثيقة معايير ذلك التشكيل، التى عرفت باسم «وثيقة السلمى»، وقد نبّهنا إلى هذا العوار، مما حدا بنائب رئيس الوزراء إلى إضافة اتحاد الكتّاب لبقية الاتحادات النوعية المنصوص عليها بالوثيقة. ثم كانت المرة الثانية حين شنت الأكثرية العددية بالبرلمان حملتها الشرسة ضد الوثيقة فأسقطتها لتستحوذ وحدها على تشكيل اللجنة، وقد كتبنا آنذاك إلى رئيس مجلس الشعب شخصيًّا، رافضين هذا الأسلوب، ومؤكدين ضرورة أن يجىء التشكيل من ممثلى المنظمات والهيئات المدنية المعبرة عن كل فصائل الشعب وطوائفه. وقمنا بتقديم عشرة أسماء من كبار الأدباء والمفكرين المشهود لهم دوليًّا، لكن الأكثرية الدينية بالبرلمان تمادت فى غيِّها ورفضتهم جميعًا لصالح المؤذنين بالبرلمان، ومن يدَّعون أن تعليم اللغة الإنجليزية حرام! وقد جاء حكم المحكمة ليؤكد أن هذا التشكيل الذى ذهبت إليه الأكثرية البرلمانية غير شرعى، وهو ما أدى بنا إلى المحاولة الثالثة التى نحن بصددها الآن، التى لم نكن نتصور أن يتكرر فيها العوار الذى جاء على أيدى من يسعون للاستحواذ على كل شىء. لقد نص التشكيل الأخير على الاتحادات النوعية والنقابات المهنية التى ستشارك فى اللجنة، ولم يكن من بينها اسم اتحاد كتاب مصر! .. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة التى وضعت دستور 1954، الذى يعتبر أفضل الدساتير فى عصرنا الحديث، كانت مكونة من خمسين شخصًا، وكان بها ما لا يقل عن عشرة أسماء للأدباء والكتّاب والمفكرين، من أمثال د.طه حسين وأحمد لطفى السيد وعبد الرحمن الرافعى ود.عبد الرحمن بدوى وفكرى أباظة ومحمود عزمى وغيرهم، ومن ثم كان الواجب أن تضم لجنة المئة الجديدة ما لا يقل عن عشرين اسمًا من أكبر عقول مصر المعبرين عن ضمير الشعب وآماله فى مستقبل مشرق، فهذه هى مسؤولية الكتّاب، والإصرار على استبعادهم بهذا الشكل يمثل استمرارًا لعوار سابق يبطل شرعية ذلك التشكيل الجديد.